آخر المهازل: تسييس السياسة
٣١ أكتوبر ٢٠١٣وعندما نتابع كيف يتسابق سياسيو الازمة في تسييس قضايا لا تمت للسياسة بصلة مثل قضية تبليط شارع في حي مهمل، ونعبر عن احتجاجنا على ذلك العبث، فاننا نقوم برصد مشهد من مشاهد الفظاظة الصوتية للاختلاف بين السياسيين، ومحاولات نقل الصراع من مسار المشكلات ذات العلاقة بخيارات بناء الدولة الجديدة الى مسار التزاحم على كسب ود الناس او على تأليبهم، باساليب بالية وقصيرة النظر، بين مَن يعتبر مبادرة التبليط مِنّة على سكان الحي من الحكومة ومرجعيتها، ومَن يراها "حركة" دعائية مغشوشة لأصحاب الحكومة.
والنتيجة الصارخة، هي ان الحكومة تشكو من محاولات خصومها (وهم شركاؤها ايضا) عرقلة اي اجراء او مشروع بناء او محاسبة موظف او تغيير ملاك اداري (وهو من حقها بل ومن واجبها) عن طريق تسييسهم الاعتبارات والاعتراضات واثارة الريب من حولها، فيما يشكو الخصوم، الشركاء، من ان الجهات الرسمية توظف كل خطوة او "منجز" يتحقق لصالح المواطن والبلد في الدعاية السياسية لقيادة الحكومة، مع انه التزام دستوري لها.
لكن المشكلة، تعدّت حدود القضايا غير السياسية التي تسيّس عن قصد وتدخل في عداد الخلافات والمماحكات والدعاية بين الحكومة وشركائها ، الى قضايا سياسية كبرى لا يصلح ان "تـُسيّس" الى الحد الذي يضيع معه الفاصل بين قضة التهديد الخارجي للبلاد وبين تبليط شارع في حي من الاحياء، او بين قضية الارهاب وبين محاسبة موظف مرتش في البلدية.. حتى بلغ الامر بعقد صفقات على النحو التالي: مرّر لي ميزانية العقد (س) أمرّر لك تبرئة الموظف (س) من العقاب الاكيد.
قد يقال بان السياسة صالحة للتسييس، او انها تسييس في التطبيق العملي، وهي تبرر استخدام مختلف الاوراق للوصول إلى تحقيق الأهداف، وذلك هو لب العمل السياسي لذا قيل السياسة فن الحكم و فن إدارة الصراع، غير ان ساحة الصراع السياسي في العراق اضرمت النار في كل المصطلحات السياسية ومعارفها، وبات الامر بالنسبة للملايين العراقية كما لو ان السياسة ضحك على الذقون، او كما انها عادت الى حقلها الاول الذي عرفت بها بالقول ان السياسة هي سوس الخيل.
وربما سوس دواب اخرى.
"الدجاجة هي أذكى الحيوانات، فهي تصيح بعد أن تضع البيضة".ابراهام لنكولن