1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

استمرارية الجدل حول اللاجئين والتهرب من المسؤولية

٢٠ يونيو ٢٠١٧

منذ سنتين والجدل حول اللاجئين يتصدرعناوين الصحف، وليس هناك أفق لنهاية هذا الجدل، لأنّ بعض الجهات المعنية تتفادى إلى حد الآن الخوض في نقاشات غير مريحة. والمستفيدون من هذا الوضع يترقبون مزيدا من الفرص.

https://p.dw.com/p/2eweR
Libyen Gerettete Flüchtlinge in Tripolis
صورة من: Getty Images/AFP/M. Turkia

رائحة كريهة تنبعث من المقبرة. وبالقرب منها تقع مصفاة نفط. ويقول صادق عياش من الهلال الأحمر إنها للأسف القطعة الأرضية التي أمكن اقتناؤها بسعر رخيص. والكثير من الليبيين يرفضون دفن المهاجرين في مقابرهم. ويتولى عياش مهمة إيجاد مثوى أخير للأشخاص الذين لفظوا أنفاسهم الأخيرة أثناء محاولة عبور البحر نحو أوروبا. وسبق لعياش أن دفن أكثر من 1500 جثة في هذه البقعة، والكثير منها في مقابر جماعية. " في الحقيقة وجب علينا القيام بذلك بشكل أفضل" يقول عياش معتذرا. لكن هناك أوقات استثنائية تتطلب حلولا عملية أكثر ما تكون إنسانية. ففي هذا العام وحده توفي 2000 شخص في طريق العبور نحو أوروبا.

المهربون يستفيدون من الفشل السياسي

كارل كوب من منظمة برو أزول المدافعة عن اللاجئين يصف الموت الجماعي في البحر المتوسط "الفصل الأكثر حزنا" في "الانجراف الأوروبي". وهو انجراف بدأ قبل موجات اللاجئين الهائلة في اتجاه أوروبا ودفع القارة منذ سنتين في أزمة مستمرة ـ دون أفق لنهاية قريبة. والطرف المستفيد من هذه الأزمة هي صناعة المهربين الذين يصل حجم إيراداتهم في شمال إفريقيا إلى نصف مليار يورو. ففي السابق كان يوجد في الغالب "مهربون مؤقتون" فيما تحول هؤلاء اليوم إلى عصابات منظمة ومجهزة بأحدث اللوازم لتقدم وعودا للمهاجرين بالانتقال إلى أوروبا.

ويقول غونترام فولف:"لا يوجد للأسف حلولا سهلة، كما كنا نتمنى". لكن الكثير من المراقبين يعتبرون أنه بدون نقاش مفتوح حول حقائق غير مريحة ونواقص بنيوية في سياسة الهجرة الحالية فإن المشكلة ستكبر في السنوات المقبلة ومعها حجم إرادات صناعة المهربين.

Libyen- Flüchtlinge Mittelmeer
صادق عياش من الهلال الأحمر الليبيصورة من: DW/J.-P. Scholz

الحقيقة 1 : أوروبا ـ ليست مجموعة تضامنية ناجحة

منذ تسعينات القرن العشرين تحاول أوروبا أن تعتمد قانون لجوء موحد. لكن في كل مرة يطرأ الفشل بسبب النقص في الإرادة السياسية لدى بعض البلدان الأعضاء ـ والنقص في قوة التنفيذ من قبل المفوضية الأوروبية. وعلى خلاف الكثير من القطاعات الأخرى لا يدفع ضغط الأمم القوية اقتصاديا مثل ألمانيا في قضية اللجوء بلدان أوروبا الشرقية إلى استقبال عدد كبير من طالبي اللجوء، كما يقول أوليفييرو أنجيلي الباحث في شؤون الهجرة بجامعة دريسدن"الحكومات تخشى ببساطة رد فعل الناخبين"، وفي أوروبا الشرقية هناك رفض قوي للاجئين.

الحقيقة 2 : حتى في ألمانيا يفشل حق اللجوء

أوليفييرو أنجيلي من جامعة دريسدن يقول:"لدينا يانصيب أوروبي وكذلك ألماني"، بحيث أن فرص اللاجئين في الحصول على حماية في ألمانيا رهن جدا بالولاية التي يقدمون فيها طلب اللجوء. الناشط في حقوق الإنسان كارل كوب يرى في ذلك فشلا للموظفين المسئولين عن عملية منح اللجوء، لأنهم في الغالب مرهقون وغير مستعدين للقيام بذلك العمل. ومن ناحية أخرى يوجد توجه سياسي واضح. "فإذا كانت نسبة الحماية الممنوحة للأفغان مثلا في 2015 تصل إلى 70 في المائة وبعد عامين بحدود أقل من 50 في المائة في الوقت الذي ازدادت فيه وتيرة العنف في البلاد، فإن هذا له علاقة بشيء آخر. وعندما وصل عدد كبير من السوريين فجأة إلى ألمانيا بدأ التمييز بين لاجئين من الدرجة الأولى والثانية والثالثة ـ وبات السوريون فقط هم اللاجئين "الحقيقيين".

الحقيقة 3 : الكثير من اللاجئين لا يملكون حق الحماية

في التقارير حول اللاجئين يرد دوما أن "الناس يفرون من الحرب والإرهاب والاضطهاد". لكن غالبية التقديرات تنطلق من أن نحو نصف مجموع اللاجئين يغادرون أوطانهم لأسباب اقتصادية ـ خاصة عندما ينحدرون من إفريقيا الغربية. والحقيقة هي أن هؤلاء الأشخاص حسب معايير "اتفاقية جنيف للجوء" ليس لهم الحق في الحصول على الحماية. وعلى الرغم من ذلك يحاول الكثير من لاجئي الفقر الحصول على حق الإقامة ـ وأحيانا أيضا مع تقديم حقائق مغلوطة. ويشير خبراء الهجرة إلى أن خروقات حقوق الإنسان من بين أسباب الهجرة في البلدان الأصلية.

Karl Kopp von Pro Asyl Deutschland
كارل كوب من منظمة برو أزول الألمانيةصورة من: Pro Asyl Deutschland

الحقيقة 4 : لا يمكن حل الإشكالية في بلدان المصدر

أحد المطالب التي يتكرر ذكرها في التعليقات وبعض الخطب الرنانة هو :"يجب علينا في النهاية مكافحة أسباب الهجرة في المناطق الأصلية للمهاجرين". لكن محاولة إيجاد الحلول هذه تفقد نجاعتها بعد عقود قليلة. فمن ناحية تبين بعض الدراسات أنه مع التنمية الاقتصادية تزداد وتيرة الهجرة، لأن الدخل السنوي وجب أن يتراوح بين 8000 و 9000 يورو خيالية للشخص الواحد في البلدان الأصلية كي نتمكن من إيقاف الهجرة. ومن ناحية أخرى ليس هناك نجاح بدون دعم النخبة السياسية في تلك البلدان. وهي في الغالب رغم الوعود الجوفاء غير مهتمة بمنع مواطنيها عن الهجرة.

الحاجة إلى طرق هجرة قانونية إضافية

ما الذي يمكن فعله مع جميع هذه المشاكل لتفادي الوضع الراهن؟ جميع الخبراء تقريبا يشيرون إلى أن مزيجا من الإجراءات فقط هو الذي يمكن أن يساعد في تجاوز هذا الوضع، بينها مكافحة عصابات المهربين وأساليبهم غير الإنسانية، ويشمل ذلك أيضا النضال السياسي المتواصل للحصول على توزيع عادل للعبء في أوروبا. ومن بين تلك الإجراءات يتمثل أيضا التفكير في فتح طرق هجرة قانونية جديدة. فأوروبا يجب عليها إيجاد إمكانيات هجرة عادية تتجاوز نظام اللجوء المنهك والبعيد جزئيا عن تحقيق الأهداف.

وهذا ما يتمناه أيضا صادق عياش من الهلال الأحمر. فرغم التحول الحفر الى مقابر جماعية للتوفير في مساحة الأرض، فإن مقبرته تصل إلى حدودها القصوى من ناحية توفير الأماكن للموتى.

يان فليب شولتس/ م.أ.م

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد