1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

البرازيل: حملة لمحاربة العنصرية في ملاعب كرة القدم

أستريد برانغه / زمن البدري٨ مايو ٢٠١٤

في بلد يعشق كرة القدم، لم تحل نجومية وشهرة لاعبيه من ذوي البشرة السوداء من أن يتعرضوا لإهانات عنصرية، ما دفع السلطات البرازيلية إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة التمييزالعنصري في ملاعب كرة القدم قبيل انطلاق مونديال 2014.

https://p.dw.com/p/1Bu8X
صورة من: picture-alliance/dpa

في بلد أنتج عشرات بل مئات الأسطورات في كرة القدم مثل بيليه ورولاندو وروماريو، وتوج منتخبه الوطني خمس مرات بلقب كأس العالم، ما فتئت الحوادث العنصرية في ملاعبه تكرر الواحدة تلو الأخرى. يحدث ذلك خلال أسابيع قليلة قبيل انطلاق الحدث الكروي الأهم في العالم: وهو مسابقة كأس العالم لكرة القدم والتي ستجري في البرازيل في حزيران/ يونيو المقبل.

مضايقات عنصرية كثيرة

ففي بداية آذار/ مارس الماضي، وفي مؤتمر صحفي عقده ماركوس أروكا دا سيلفا، لاعب وسط فريق أف سي سانتوس البرازيلي، هتف بعض المشجعين بكلمات عنصرية ضد اللاعب أروكا ما جعله يجهش بالبكاء أمام الكاميرا. هذه الحادثة هي ليست الأولى في هذا العام، فقبله تعرض الحكم مارسيو شاغاس لمضايقات عنصرية أثناء مباراة بين فريقي إيسبورتيفو وفيرانوبوليس، حين صعد عدد من جمهور فريق إيسبورتيفو إلى أسوار الملعب هاتفين: "مكانك في السيرك أيها القرد، ارجع إلى الغابة بلدك الأم!". أما ديدا، حارس مرمى فريق أف سي انترناشينال، فقد علّق من جانبه في الصحف البرازيلية على هذه المظاهر بقوله: "هذه حوادث حزينة، وخاصة عندما تكون في ملاعب كرة القدم". اللاعب ديدا نفسه تعرض إلى مضايقات عنصرية شبيهة.

هذه الحوادث العنصرية هي ليست الأولى في البرازيل، فتاريخ العنصرية في ملاعب كرة القدم يمتد إلى بدايات القرن الماضي. الصحفي الرياضي البرازيلي روبرتو أساف يشير من جانبه إلى أن "رؤساء البرازيل في عشرينات القرن الماضي طالبوا رسميا مدربي منتخباتهم الوطنية بعدم إرسال أي لاعب ذي بشرة سوداء مع المنتخب الوطني البرازيلي أثناء رحلاته ومبارياته الخارجية، خوفا من تضرر سمعة البلد".

Arouca Brasilien
لاعب المنتخب البرازيلي رولاندينهوصورة من: picture-alliance/dpa

طلاء الوجه بالطحين الأبيض

وصلت لعبة كرة القدم إلى البرازيل قادمة من بريطانيا قبل أكثر من 100 عام، وكانت تعتبر لعبة الطبقة الارستقراطية. وقد حاولت بعض الفرق البرازيلية إشراك لاعبين من ذوي البشرة سوداء بعد طلاء وجوههم بالطحين الأبيض. وفي عام 1914 أشرك فريق فلومينسه في مدينة ريو دي جانيرو اللاعب كارلوس ألبرتو بعد أن وضع الطحين الأبيض على وجهه، لكن الجمهور اكتشف الخدعة بعد تعرّق اللاعب أثناء اللعب واختفاء الطحين من وجهه، وبدأ المتفرجون من ذوي البشرة البيضاء بالصراخ والهتافات العنصرية ضد اللاعب.

أما اليوم، وبعد مائة عام من هذه الحادثة، يحاول الاتحاد البرازيلي لكرة القدم معالجة ملف العنصرية في ملاعب كرة القدم. وقد استقبلت رئيسة البرازيل، ديلما روسيف، الحكم مارسيو شاغاس ولاعب الوسط باولو سيزار دو ناسكيمنتو الملقب ب"تينغا" في منتصف شهر آذار/ مارس الماضي في وقفة تضامنية مع اللاعبين ضد العنصرية في بلدها. وفي هذا السياق، قالت رئيسة روسيف إن البرازيل هو "أكبر بلد في العالم خارج القارة الإفريقية يعيش فيه مواطنونمن أصحاب البشرة السوداء، فلذلك من غير المقبول أن تحدث ظواهر عنصرية ضدهم وفي بلدهم". وأعربت رئيسة البرازيل عن أملها في أن "يكون مونديال 2014 في بلدها منبرا ضد العنصرية في ملاعب كرة القدم."

من جهته، تعرض لاعب الوسط تينغا، والذي لعب في صفوف فريق دورتموند الألماني بين عامي 2006 و2009، لهتافات عنصرية بسبب لون بشرته في شباط / فبراير الماضي أثناء مباراة لفريقه في بطولة أبطال كأس أمريكا الجنوبية ضد فريق ريال غارسيلاسو من بيرو، والذي قام جمهوره بتقليد أصوات القردة كلما لمست قدم تينغا الكرة.

Der brasilianische Star-Stürmer Pele
الأسطورة بيليه في سنة 1960...صورة من: picture-alliance/dpa

العنصرية من التابوهات في البرازيل

وقد صدر قانون محاربة العنصرية في البرازيل في عام 1989، وعدد الدعوات المقدمة للمحاكم البرازيلية بسبب التمييز العنصري في زيادة مستمرة منذ صدور هذا القانون. الحكم شاغاس واللاعبون أروكا وتينغا وديدا رفعوا دعاوى قضائية لدى المحاكم المختصة للنظر في قضاياهم والبت فيها. وقد تم فعلا الحكم على نادي ايسبورتيفو، والذي قام مشجعوه بهتافات عنصرية ضد الحكم شاغاس، بدفع غرامة مالية قدرها 10 آلاف يورو وحرمان الفريق من اللعب في ملعبه لخمس مباريات.

مارسيل دييغو تونيني، الباحث التاريخي والذي يكتب أطروحة دكتوراه حول موضوع "اللاعبين ذوي البشرة السوداء في كرة القدم"، اعتبر هذا الحكم مخففا. ويوضح موقفه بأن موضوع العنصرية في ملاعب كرة القدم الرازيلية لا يزال من المواضيع الممنوعة وغير مرغوب في التحدث فيها. ويشير تونيني أيضا إلى أن العديد من اللاعبين من ذوي البشرة السوداء يتجنبون الدخول في صدام في هذا الموضوع خوفا على مستقبلهم الكروي. ويضيف تونيني قائلا: "شاغاس، على سبيل المثال، أعلن أنه تعرض إلى أكثر من 200 حالة عنصرية ضده، ولكنه تغاضى عنها، أما الآن فلم يعد يتحمل المزيد ما دفعه إلى اللجوء إلى القضاء."

أما كايو بلات، بطل المسلسلات التلفزيونية البرازيلية الشهيرة، فيؤكد على إنجازات اللاعبين من ذوي البشرة السوداء بالقول: "يعود الفضل في جميع نجاحاتنا في كرة القدم إلى لاعبينا من ذوي البشرة السوداء، كبيليه ورولاندينهو وروماريو". ويضيف مازحا: "بعد مائة عام، وعندما كان اللاعبون أصحاب البشرة السوداء يضطرون لطلاء وجوههم بالطحين الأبيض، أصبحت الملاعب البرازيلية اليوم سوداء مائة بالمائة".