1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

البعث والقاعدة وجهان لتنظيم إرهابي واحد

٢٧ ديسمبر ٢٠١٣

يتحدث الدكتور عبدالخالق حسين في الجزء الأول من مقال رأي عن علاقة القاعدة بحزب البعث المنحل في العراق. وعن أسلوب البعث في تغيير تحالفاته للوصول إلى السلطة.

https://p.dw.com/p/1Ahdp
Irak Symbolbild Waffengewalt
صورة من: MUSTAFA OZER/AFP/Getty Images

أكاد أجزم أن ابتلاء العراق بسرطان البعث الفاشي منذ الخمسينات من القرن الماضي لا يقل وبالاً و كارثة عن غزو المغول لبغداد بقيادة هولاكو عام 1258م، أو عن أي طاعون يصيب البلاد. فمنذ أن سمعنا بهذا الحزب (الوباء الخبيث)، والشعب العراقي يعاني من القتل والدمار دون توقف، ابتداءً من خيانتهم لثورة 14 تموز 1958، ومحاولتهم لاغتيال قائدها الزعيم عبدالكريم قاسم عام 1959، ومروراً بانقلابهم الدموي الأسود في شباط 1963، واغتصابهم السلطة ثانية عام 1968، وزج العراق في حروب عبثية داخلية وخارجية، وانتهاءً بتحالفهم الشرير، بل اندماجهم الكلي مع أقذر تنظيم إرهابي عرفته البشرية، ألا وهو تنظيم القاعدة في حرب الإبادة ضد الشعب العراقي.

فتاريخ البعث حافل بالخبث والمكر والغدر والدمار، إذ ليس هناك أكثر خبرة ودهاءً وخبثاً من البعثيين في عقد التحالفات حينما يكونون ضعفاء وحسب الحاجة، وحتى مع أعداء سابقين ممن يختلفون عنهم أيديولوجيا، والتلون بمختلف الألوان التي تساعدهم على التمويه على وفق ما تقتضيه ظروفهم. ولكن ما أن تنتهي حاجتهم للحليف حتى وينقلبوا عليه ويمزقونه شر تمزيق، كما حصل في تحالفهم مع الحركة الكردية في عهد حكومة ثورة 14 تموز، ومع الشيوعيين والأكراد في السبعينات. وبعد 2003 تحالفوا مع القاعدة والحركات الإسلامية السنية، ومازالوا لحد الآن، ومغازلتهم للتيار الصدري على أمل استخدامه كحصان طروادة ضد التحالف الوطني.

واليوم يعتقد أغلب الناس، أن ما يجري في العراق من إرهاب وحروب إبادة هو من فعل القاعدة وحدها،ويقولون لنا أننا باتهامنا البعثيين بالإرهاب نعطيهم دوراً أكبر من حجمهم لا يستحقونه، وهم على خطأ. ولكن في الحقيقة، إن معظم الأعمال الإرهابية هي من صنع فلول البعث. وهذا لا يعني عدم وجود القاعدة في العراق، فالقاعد موجودة ولكنها ليست بهذه القوة والسعة، وهي تحت إشراف وقيادة البعث بعد أن ارتدى البعثيون ملابس الوهابية وأطالوا لحاهم وتظاهروا بالتدين الزائف لخدع الناس. ولهذا نؤكد على الاندماج الكلي بين البعث والقاعدة إلى حد التماهي بحيث صار البعث والقاعدة وجهان لتنظيم إرهابي واحد.

كما ونجح البعث في توظيف تعقيدات الوضع العراقي وتعددية مكوناته ومذاهبه لأغراضه، فراح يثير الفتن الطائفية ويشتم الشيعة بلغة طائفية بذيئة لا عهد لشعبنا بها طوال تاريخه المديد، والغرض من هذه السياسة الإجرامية هو إشعال حرب طائفية بين السنة والشيعة، فطرَح البعث نفسه بأنه الممثل الشرعي الوحيد للسنة العرب "المهمشين"، يحارب من أجل استرداد حقهم التاريخي في حكم العراق!!. يعني العراق كله ملك طابو دائم لمكونة واحدة فقط، والبقية مواطنون من الدرجة الثانية.

وقد استفاد البعثيون من الموقف الطائفي للدول الخليجية وعلى رأسها السعودية وقطر. فرغم أن السعودية وقطر تحاربان القاعدة في بلديهما، ولكنهما لأغراض طائفية تدعمانها في العراق وسورية. ورغم عداء السعودية لحزب الأخوان المسلمين في مصر، إلا إنها تدعم هذا الحزب في العراق وسوريا. وهكذا فقد نجح البعثيون في تجيير هذه التناقضات، العراقية والعربية لصالحهم.

وليكن معروفاً لدى الجميع أن الإرهاب الذي يُرتكب الآن باسم القاعدة (داعش، أو داعر أو عاهر) في العراق هو بالأساس يرتكبه البعثيون، فمعظم عناصر داعش كانوا ضباط بعثيون في الحرس الجمهوري، وهم مختفون اليوم وراء القاعدة لكي لا يتحملوا آثام الجرائم البشعة التي يرتكبونها بحق الشعب، على أمل أنهم إذا انتصروا سيقطفون ثمار النصر لهم وحدهم، ويلقون آثام جرائمهم على القاعدة. وهذا تحايل خبيث لا يجيده إلا البعثيون.

لقد أدمن البعثيون على السلطة خلال 35 سنة من حكمهم الجائر إلى حد الجنون، لذلك فهم أشبه بالمدمنين على المخدرات، لا يطيقون الفطام منها والحياة خارج السلطة. وهم على أتم الاستعداد لإبادة الشعب في سبيل استرجاع الحكم لهم. والبعث مثل الاخطبوط، له أقدام في كل مكان، في الكتل السياسية المشاركة في الحكومة والبرلمان باسم كتلة العراقية. ومنهم من ارتدى العمامة وادعى أنه رجل دين يصدر الفتاوى ليؤلب ضد الديمقراطية والانتخابات مثل المدعو الشيخ عبد الملك السعدي وآخرين الذين استنجدوا بأردوغان "حفيد السلطان محمد الفاتح" ليحرر العراق ثانية من "الاحتلال الصفوي". وقد أكدتاعترافات رغد ابنة صدام، أن البعثيين هم الذين يقودون ساحات الإعتصامات في المحافظات الغربية.

كما وكشف رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة السيد نوري المالكي عن وجود معلومات دقيقة تؤكد على وجود أكثر من {30} قياديا بارزا من تنظيم القاعدة في ساحة الاعتصام في الانبار.وهم في الحقيقة بعثيون، إذ لا فرق بين الاسمين، القاعدة والبعث. وحسناً فعلت الحكومة بدعوة المعتصمين الذين لهم مطالب مشروعة، من غير البعثيين وأتباع القاعدة، بالانسحاب من ساحات الاعتصام وتركها للقاعدة البعثية لكي تواجهها القوات المسلحة باللغة التي يفهمونها. والجدير بالذكر أن الحكومة استجابت لجميع المطالب المشروعة، ولكن رغم ذلك استمرت الاعتصامات رافعة أعلام القاعدة.

للمقال بقية..

مراجعة: عباس الخشالي