1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الحياة في القرية البيئية - خمسون عاما من النشاط البيئي

جوانا تريبلين/ نهلة طاهر٦ فبراير ٢٠١٣

تأسست في مدينة أورفيلا الهندية في الستينيات قرية بيئية تعد بمثابة "مختبر حي"، حيث سعت مجموعة من أكثر من 40 دولة إلى العيش في وئام مع الطبيعة، محاولين في الوقت ذاته تقديم روح الجماعة على القيم المادية.

https://p.dw.com/p/17UjX
صورة من: CC/Sanyambahga

موسم الصيففي جمهورية الدومينكان على الساحل الشرقي للهند حار يتخلله هبوب الغبار والأتربة، وتصل درجة الحرارة في كثير منالأحيان إلى 40 درجة مئوية، وهي لا تكاد تنخفض إلا نادرا تحت 20 درجة. ويتخلل رمال الصحراء الحمراء عدد من الطرق تربط المستوطنات الصغيرة المختلفة مع بعضها،التي تعد جزءا من تجربة بدأت قبل خمسين عاما تقريبا، ففي أورفيلا تم بناء القرية البيئية العالمية.

قبل نصف قرنلم يكن في موقع القرية سوى الكثير من الرمال المغبرة الحمراء، أمااليوم فأشجارالبانيان المورقة  وكذلك أشجار التين البنغالي والكاجو تجود بالظل على سكان القرية البالغ عددهم حوالي ألفي نسمة.


لا يوجد بيت يشبه الآخر في قرية أورفيلا،فشكل المنازل يتنوع بتنوع السكان الذين يعيشون في القرية، إذ نجد المهندسين المعماريين وخبراء البيئة والباحثين عن نمط حياة جديد ومختلف.وبالإضافةإلى أكواخ القش أو المنازل البسيطة ذات الأسقف الكرتونية، تبدو بعض المنازل وكأنها قوارب شراعية، والبعض الآخر يشبه المعابد الهندية.

Banyam Baum in Auroville
شجرة البانيام تعتبر رمزا للحياة في أورفيلاصورة من: CC/Aleksandr Zykov

وترجع نشأة القرية البيئية في أورفيلا إلى فكرة للفرنسية ميرا الفاساالتي أرادت تأسيس مدينةللسلام، أي مكان يجمع الناس من جميع بلدان العالم ليعيشوا معابسلام. وفي أواخر عام 1966 قدمت منظمة اليونسكو الدعم لهذه الفكرة، وأطلق على هذه القرية العالمية اسم الفيلسوف الهندي سري أوروبيندو وهو الفيلسوف الهندي وفي الوقت نفسهمدرب اليوغا الذي تولى تدريب ميرا الفاسا.

ويعود جيل جيوغان الذي لا يزال يعيش في أورفيلا بذاكرته إلى حفل الافتتاح الذيدعي إليه جميع ممثلي السفارات الأجنبية في دلهي، وحضره كذلك جميع ممثلي حكوماتالولايات الهندية. وبلغ عدد الحضور في ذلك الحفل 5 آلاف شخص كانوا أتوا آنذاك لرؤية المدينة الجديدة الواقعة في ولاية تاميل نادو جنوب الهند، وقد اتخذ الكثير منهم قرارا بالبقاء والاستقرار في القرية البيئية.

Gemeinschaft in Auroville
روح الجماعة هي أثمن ما تمتلكه هذه المجموعة في أورفيلاصورة من: CC/oneVillage Initiative

وبدأ الرعيل الأول من المستوطنين بزرع الأشجار وهو النشاط الذي تطور ليصبح في نهاية المطاف ضمن أكبر المشاريع في العالم لإعادة التحريج، وقد قدمت الحكومة الهندية الدعم لهذا المشروع بين عامي 1982 و1987 بمبلغ 100 ألف دولار، واليوم يصل عدد الأشجار التي تنمو في القرية حوالي مليوني شجرة.

خططالمهندس المعماري السويسري روجيه أنغر "لمدينة المستقبل" دون طرق خاصة بالسيارات، وذلكللتأكيد على الانسجام والتوحد مع الطبيعة، ولا يزال عدد السيارات التي تعبر منطقة   الغابات قليلة، ولكن في الآونة الأخيرة أصبحت الضوضاء الناجمة عن محركات الدراجات النارية تخترقالأجواء بشكل متزايد، إضافة إلى أن بعض السيارات الكهربائية والحافلات والسيارات الصغيرة دخلت إلى المنطقة.


  يعيش لاليت بهاتي منذ 14 عاما في أورفيلا، وكان المهندس المدني قد سمع خلال دراسته عن البلدة الصغيرة في قلب الصحراء وزارهاللمرة الأولى كجزء من عمله في وظيفته الأولى بعد التخرج، وكان الهدف الأساسي من الزيارة هو التعرف على النظام الاقتصادي للقرية. وكما يقول بهاتي: "تحدثت إلى الكثيرين، ووجدت في القرية نموذجا ملهما للغاية. لقد وجدت أفكار سري أوروبيندووميرا ألفاسا صدى كبيرا في نفسه، وخصوصا فيما يتعلق بتكوين مجتمع واع يعتبر أعضاؤه أنفسهم معلمين ومتلقيي علم في جميع مناحي الحياة. وكما يشرح بهاتي: "كنت أبحث دائما عن هدفي في الحياة، وكنت على يقين بأن ذلك الهدف أسمى من أن ينحصر فقط على حياتي الخاصة". لقد مثلت مشاركته في تطوير خطة التخطيط الخاصة بقرية أورفيلا  تحديا كبيرا بالنسبة له، إذ كان في الوقت نفسه جزءا لا يتجزأ من الحياة الجماعية الدينامية في القرية.

Fahrradständer in Auroville
مساع تهدف لجعل أورفيلا منطقة خالية من أدخنة عوادم السيارات، لذا اتجه الكثير من سكان إلى الاعتماد على الدراجات الهوائية في التنقل.صورة من: dapd

ويتفق بهاتي مع الرأي القائل بأن عمليات صنع القرار بطيئة و"يمكن أن يكون ذلك في بعض الأحيان محبطا، لكن على الأقل تم منذ ست أو سبع سنوات، تم تكوين تجمعات الأحياء لحل المشاكل البسيطة مثل النزاعات بين السكان، وحتى اليوتوبيا أو القرية الفاضلة لا تخلو من المشاكل". وكما يرى بهاتي فإن أورفيلا تعتبر في نهاية المطاف "مختبرا حيا" بحسب تعبير الفاسا، وفي ذلك المحيط يتطور الناس كما هو الحال في بقية أنحاء العالم. عملية التطور تلك لم تنته بعد، ومن المرجح أنها لن تنتهي أبدا.

وكما تقول الخبيرة السياسية كارينليتفينمن جامعةواشنطن، التي تؤلف حاليا كتابا حول ما تسمى بالقرى البيئية: "بالرغم من وجود آلاف القرى البيئية في العالم، إلا أنأورفيلاقرية فريدة من نوعها، فهي أكثر من مجرد قرية بيئية وذلك بالرغم من انتمائها "للشبكة العالمية للقرى البيئية. أورفيلا عبارة عن مجتمع روحي، كما أن الأنشطة البيئية التي تقام فيها هي نتاج لتعاليم سري أوروبيندو."

Rathaus in Auroville
تم تمويل بناء مfبنى البلدية في المدينة بدعم من الاتحاد الأوروبي.صورة من: Kasper Konrad

لكن قرية أورفيلا البيئية لا تمثل يوتوبيا أو قرية فاضلة مثالية، كما تضيف ليتفين، وهي تختم بقولها: "نسعى إلى أن تكون القرية أفضل الأماكن التي يمكن للبشر أن يحققوها، وكما نعلم فإن البشر لا يتسمون بالكمال."