1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العمل المخابراتي- سلسلة من الإخفاقات في ضوء منظومة من المتغيرات

٩ يناير ٢٠١٠

تتصدر إخفاقات أجهزة المخابرات في أنحاء العالم عناوين الأخبار والنشرات، حيث يواجه العمل المخابراتي اليوم تحديات كبيرة أملتها متغيرات كثيرة. وبغض النظر عن تقييم هذه الأجهزة للمواقف، فإن الساسة هم من يدفعون ثمن هذه الأخطاء.

https://p.dw.com/p/LMYH
إخفاقات أجهزة المخابرات ازدادت بشكل كبير في السنوات الأخيرةصورة من: DW/AP/Bilderbox.de

أصبحت إخفاقات أجهزة المخابرات في أنحاء العالم جزءا لا يتجزأ من نشرة الأخبار كل يوم، إذ كان آخرها فشل أجهزة المخابرات الأمريكية في التصدي للهجوم الإرهابي على طائرة متجهة إلى ديترويت، والذي تم إفشاله في آخر لحظة. إلا أنه وبغض النظر عن تقييم هذه الأجهزة للموقف بشكل خاطئ أو عدم نقل المعلومات التي تم جمعها للجهة الصحيحة، فإن الساسة هم من يدفعون ثمن هذه الأخطاء، مثل الرئيس الأمريكي باراك أوباما، الذي تعرض لانتقادات شديدة بعد الإعلان عن الهجوم الفاشل.

وحتى تاريخ جهاز المخابرات الألماني لا يخلو من الإخفاقات، ما دفع بالمستشار الألماني الأسبق هلموت شميدت للسخرية من فعالية هذا الجهاز، إذ قال إنه يحصل على معلومات أفضل عن طريق تصفح الجريدة اليومية. ومن العجيب أن يتذكر مدير سابق لجهاز المخابرات هذا النقد، ألا وهو أوغست هانينج، والذي شغل أيضا منصب وكيل وزارة الداخلية الألمانية.

"أجهزة المخابرات وعمليات اتخاذ القرار السياسي"

Bundesnachrichtendienst Einfahrt Logo
لا يخلو تاريخ جهاز المخابرات الألماني من الإخفاقات والأخطاءصورة من: AP

وفي سياق مؤتمر نظمته مؤسسة هانز زايدل تحت عنوان "أجهزة المخابرات وعمليات اتخاذ القرار السياسي"، أعرب هانينج عن تفهمه لجهاز المخابرات الألماني، مضيفاً أنه يتعرض لأكبر قدر من الانتقاد والمراقبة بسبب الماضي الألماني.

أما إريك غوير، الخبير السويسري في شؤون المخابرات والمحرر في صحيفة "نوين تسورشر تسايتونج"، فيضيف بأن الرقابة البرلمانية على جهاز المخابرات الألماني قد تصعب من أدائه لعمله، إلا أنها لا تعفيه من النقد اللاذع الذي يتعرض له. وبحسب رأيه فإن جودة توقعات أجهزة المخابرات تزداد صعوبة وذلك لعدد من الأسباب، من أهمها عدم وجود خصم يمكن التنبؤ بخطواته، مثلما كان الأمر عليه إبان الحرب الباردة، فأجهزة المخابرات تواجه اليوم وضعاً متغيراً بشكل مستمر وسريع لا يتيح لها وقتاً كافياً للتعامل مع هذه المتغيرات والـتكيف معها.

يضاف إلى ذلك أيضاً وجود خلل في آلية العمل الاستخباراتي الألماني، كما يشرح غوير، مثل تجذر البيروقراطية وعدم الاهتمام الكافي بتحليل المعلومات التي يتم جمعها بجودة عالية. ويؤكد الخبير السويسري أيضاً على أن هذا التدهور "مرتبط أيضاً بتخفيضات في ميزانية جهاز المخابرات الألماني وتقليص في عدد العاملين فيه، ما يؤدي إلى وقوعه في كارثة تلو الأخرى".

توظيف الساسة للمعلومات الاستخبارية

Hans-Georg Wieck Vorstandsmitglied der Deutschen Klassenlotterie Berlin
هانز-جيورج فيك، رئيس سابق لجهاز المخابرات الألمانيصورة من: picture-alliance / dpa

هذا ويتطلب الوضع الأمثل لجهاز المخابرات مراقبة الأوضاع على صعيد أوسع وبشكل مستمر، ما يسمح برصد مبكر للتغيرات أو باستخلاص المعلومات الصحيحة من الأحداث المفاجئة. حتى وإن كان إنشاء نظام من هذا النوع غير ممكن للأسباب المذكورة سابقاً، فإن أجهزة المخابرات لا زالت تنتج آلاف الصفحات من المعلومات كل أسبوع، والتي يتم تصفيتها من قبل السلطات المخولة قبل وصولها إلى صانعي القرار السياسي في البلاد. ولا يعتمد فشل أو نجاح النشاط الاستخباراتي على جودة المعلومات وحسب، بل وعلى قدرة الساسة على استخدام هذه المعلومات أيضاً، كما يقول هانز جيورج فيك، المدير الأسبق لجهاز المخابرات الألماني. واعتبر أنه يتعين على جهاز الاستخبارات "أن يكون قادراً على مخاطبة الساسة بشكل يحظى من خلاله بانتباههم، فالساسة يعيشون في عالم خاص بهم، لكنهم معنيون أيضاً بتقليل الأخطاء أو دعم التطورات المستقبلية".

ومن ناحية أخرى لا يمكن لجهاز المخابرات إرسال تقاريره للساسة بشكل خطي لحساسية المعلومات التي يتم نقلها، ولهذا يلتقي ممثلون عن الجهاز بشكل منتظم، وهذا يتطلب تحسيناً لأوجه الاتصال من ثلاث نواح، كما يرى فيك: أولاً بين أجهزة الاستخبارات وأقسامها الداخلية، وثانياً بين هذه الأجهزة وسكرتير الدولة في كل وزارة وأخيراً تحسين الحوار المباشر بين رؤساء أجهزة المخابرات والقيادة السياسية العليا في الدولة.

تحديات العمل الاستخباراتي

وفي السياق يشدد الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات الألماني على أهمية تمتع أي مدير لجهاز استخباراتي بخبرة طويلة، إذ إنها ضرورية ليتم أخذهم على محمل الجد، إلا أن الخبرة الطويلة وحدها لا يمكنها الحد من عدم الأخذ برأيهم من قبل القيادة السياسية، كما يؤكد هانز جيورج فيك، والذي يشرح قائلاً: "إذا ما تمتع المرء بخبرة على المستوى الدولي، فإن آراءه ستكون مسموعة من قبل الآخرين، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن يتم الأخذ بها"، مضيفا أنه كرئيس لجهاز المخابرات كان قادراً على إسماع صوته للقيادة السياسية في أي وقت، بالرغم من عدم كون العلاقة بينهما على أفضل وجه، على حد وصفه.

ويعترف فيك بأن التحديات التي تواجه أجهزة المخابرات قد تغيرت بشكل جذري في السنوات الأخيرة، وبالأخص بعد نهاية الحرب الباردة، إلا إن التهديدات الأمنية لا تزال حاضرة، وواجب أجهزة المخابرات يتلخص في التعرف على هذه التهديدات والتصدي لها. وفي هذا الصدد لا يمكن استعمال التقنيات القديمة لمواجهة التحديات العصرية، إلا أن أجهزة المخابرات يجب أن تكون قادرة على كشف المخاطر في الوقت المناسب وإطلاق التحذيرات، فما يتم تخطيطه من قبل البشر لا يمكن التعرف عليه إلا عن طريق البشر.

الكاتب: بيتر فيليب/ ياسر أبو معيلق

مراجعة: هشام العدم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد