1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

اللاجئون السوريون في تركيا: معاناة ونظرة تشاؤم للمستقبل

معمر عطوي - إسطنبول١٥ مارس ٢٠١٤

مع مرور ثلاث سنوات على الأزمة السورية وفشل الأطراف المتنازعة في الوصول إلى حل لها، تتواصل معاناة السوريين في وطنهم ودول الشتات، خاصة في تركيا حيث شارف عددهم على المليون وطال انتظارهم حتى يتمكنوا من العودة إلى ديارهم.

https://p.dw.com/p/1BNMu
صورة من: picture-alliance/dpa

وصل عدد اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا إلى نحو 900 ألف شخص فر من جحيم الحرب، حسبما نقلت صحيفة حريات دايلي نيوز "Hürryet Daily News" التركية الصادرة باللغة الإنجليزية عن مسؤول في الأمم المتحدة. بيد أن بعض السوريين الذين يقيمون في مدينة إسطنبول التركية، يشيرون إلى نحو مليوني سوري يعيش معظمهم في ظروف المنفى الصعبة. وهم ينتظرون حلاً من جنيف أو سواها، بعد أن ملّوا لعبة حرب الأمم على أرضهم، حيث تعزز الإرهاب العالمي ولم تنجح المعارضة في إسقاط نظام بشار الأسد.

"نظام الأسد تسبب في انزلاق البلاد في الفوضى"

ما هو سبب تصاعد وتيرة الأزمة في سوريا وإطالة أمدها الى هذا الوقت؟ سؤال قد لا يجد إجابة عند الكثيرين من السوريين الذين يعيشون قسراً بين قارتي آسيا وأوروبا في المدينة التركية الواقعة على البوسفور. لكن رامي، الشاب الآتي من اللاذقية حيث منشأ آل الأسد، يرى أن بشار أخطأ في البداية مما أدى إلى تعقد الأمور وانزلاق البلاد في حالة من الفوضى الدموية. ويقول رامي لـ DW عربية، لو "أن بشار عاقب المسؤول الأمني عن منطقة درعا (جنوب سوريا) عاطف نجيب، في بداية الأحداث، لكان امتص غضب الناس واستطاع استيعاب شعبه. لكن بشار ليس كوالده حافظ الذي عزل أخاه وطرده إلى المنفى بعد أحداث حماة في الثمانينات. لقد قام بنقل نجيب، الذي يرتبط مع آل الأسد بصلة قرابة ونسب، إلى محافظة أخرى وهذا ما أشعل الغضب الشعبي ضده أكثر".

Syrier in Istanbul
رامي: لاجئ سوري في اسطنبول يقتات على بيع الكعكصورة من: Moammar Atwi

ويعتقد رامي، الذي يقتات على بيع الكعك في ساحة تقسيم، بوجود "كذبة كبيرة" في السياسة يدفع ثمنها الشعب الفقير، إذ "كيف يقيم في اسطنبول في شقة واحدة شباب معارضون وموالون معاً"، متسائلاً عن طبيعة تصعيد الموقف التركي من النظام السوري في ظل بقاء السفارة السورية تعمل بشكل طبيعي في تركيا.

الشاب، الذي وصل إلى إسطنبول قبل أربع شهور، بدأ يتآلف مع الحياة هنا، فتعلم التركية وأصبح يدرك شعاب المدينة، متشائماً من إمكانية العودة إلى بلده في ظروف كهذه. ويتوقع رامي بقاء نظام الأسد إلى أمد طويل "لأن هذا النظام مترسّخ في دولة عميقة يحرسها الجيل القديم الذي يضع بعض الأشخاص في الواجهة لكنه يحكم من خلف الكواليس".

"التنظيمات الإسلامية المتطرفة تشوه المعارضة"

لكن حسناء، المرأة الأربعينية التي تعمل في محل لبيع الورود، تخالف رامي الرأي وتفسر عدم سقوط نظام الآسد حتى هذا الوقت قائلة لـ DW عربية، إن "بشار صمد بقوة إيران وروسيا ودعم الصين ومشاركة مقاتلين من العراق ولبنان الى جانب جيشه"، مشيرة إلى "تشغيل" الاستخبارات السورية تنظيمات إسلامية متطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، من أجل "تشويه صورة المعارضة السورية والإيحاء للعالم بأن المعارضة هي مع الإرهاب وليست مع شعب يطالب بحقّه في عيش كريم".

Syrier in Istanbul
لاجئة سورية في اسطنبول لم تجد من معين فاضطرت إلى التسول لتعيل طفلها...صورة من: Moammar Atwi

أما تلك المرأة الثلاثينية التي تلثمت لدى تصويرها بخمار أسود خوفاً من إلحاق الأذى بأهلها في حمص، فهي لا يهمها سوى تأمين إيجار شقتها المتواضعة في إسطنبول، والتي تكلفها 400 دولار في الشهر، لذلك افترشت الأرض في أحد شوارع تقسيم مع طفلها تسأل المارة بعضا من المال. وتقول لـ DW عربية: "هذا حالنا، بلدنا تحترق ونحن نتسول، ماذا جنت السلطة وماذا جنت المعارضة؟. قسم من أهلي لا زال في حمص ولا أعرف عنهم شيئاً، وهنا في إسطنبول لا أحد يساعدنا، سوى بعض أهل الخير. الحكومة تتكفل بعلاج أطفالنا وتوزع علينا بعض المساعدات العينية". وعن المستقبل لا ترى هذه المرأة أي أفق للحل "يبدو أن الأزمة ستطول ونحن ليس لنا سوى الله".

وفي أحد مقاهي منطقة فاتح، حيث يعمل أحمد (22 عاماً)، جلس بعض الشبان السوريين يدخنون النرجيلة، ويتناقشون في الأوضاع السياسية وظروفهم الصعبة. يقول أحمد لـ DW عربية: "أنا محظوظ أن صاحب المحل يريد تشغيل سوريين لأنهم يستطيعون التعامل مع السياح العرب هنا". لكنه أعرب في الوقت نفسه عن انزعاجه من الرفاهية التي يحظى بها قياديو المعارضة السورية في الخارج والضباط المنشقون قائلاً: "دائماً هناك ناس بسمنة وناس بزيت. هنا في إسطنبول يقيمون في أفخم الفنادق ويتمتعون بكل مباهج الحياة والشعب السوري يموت في الشوارع".

وعن ظاهرة الإرهاب يستلم شاب ثلاثيني دفة الحديث قائلاً لـ DW عربية: "الإرهاب هو صنيعة النظام، خلقه وقوّاه لتشويه صورة المعارضة وطمس هويتها الحقيقية. ونحن في سوريا مسلمون معتدلون لا ندعو إلى العنف باسم الدين ونرفض أي شكل من أشكال الدولة الإسلامية القاعدية (نسبة الى تنظيم القاعدة)".

"لسنا ضد حكم الشريعة وفق معايير واضحة"

Syrier in Istanbul
لاجئون سوريون في اسطنبول يعيشون في حالة انتظار أملا في انفراج الأزمة في بلادهم..صورة من: Moammar Atwi

لكن زميله تدخّل قائلاً لـ DW عربية، "نحن لسنا ضد حكم الشريعة الإسلامية، لكن أن يكون هناك معايير واضحة للفتاوى الدينية، وليس كما هو حاصل الآن من فوضى ودموية". وهنا يخرج صوت على استحياء ليقول: "بقاء بشار في السلطة أفضل من حكم هؤلاء. هل يُعقل أن يقتلوا فتى صغيراً لأنه كفر؟!".

ويضيف الشاب، الذي رفض تصويره أو ذكر إسمه على غرار الباقين الذين لا يزالون يخشون على مصيرهم من بقاء الأسد في الحكم، بالقول: "سوريا أصبحت سواداً بسواد؛ سواد جلابيب النساء، سواد لحى الرجال، سواد الدخان المتصاعد من الحرائق والمتفجرات والقذائف، سواد زرعته السلطة والتنظيمات الإرهابية معاً في قلوب معظم أبناء الشعب السوري"، مختتماً بالقول "مستقبل سوريا مجهول على أعتاب السنة الرابعة من حرب أممية وقودها الناس والحجارة".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد