1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بادغودسبرغ – ملتقى العرب في مدينة بون

لبنى طارق١٦ أكتوبر ٢٠١٣

حي بادغودسبيرغ في مدينة بون يعتبر ملتقى للجالية العربية، خلال تجوالك في شوارعها تتناهى إليك كلمات عربية، والمطاعم والمقاهي العربية تذكر روادها من العرب ببلدانهم، ولكل واحد منهم حكاية مع الغربة والحنين إلى الوطن.

https://p.dw.com/p/19zDj
The famous restaurants for Iraqi and Arabic meals and food in Bad Godsberg , which opened in 2005 and many Arabs and Germans as well went to eat in it . Bonn . 13.october 2013
صورة من: DW/L. Tarek

رحلة قصيرة بقطار الأنفاق من المحطة الرئيسية لمدينة بون تفصل عن حي بادغودسبيرغ، لكنها رحلة تنقلنا من عالم ألماني المعالم إلى أخر تبرز فيه معالم عربية كثيرة. حي بادغودسبيرغ، الذي يقبل عليه الكثير من العرب، تبلغ مساحته قرابة 31 كيلومتراً مربعاً، ويقع على الضفة الجنوبية لنهر الراين.

قديماً كان هذا الحي غاصاً بالسفارات ومساكن الدبلوماسيين من مختلف الدول، وذلك عندما كانت بون عاصمة لألمانيا الغربية قبل توحيد شطري ألمانيا وانتقال العاصمة إلى برلين. واليوم يسكن الحي العديد من العرب من مختلف الدول العربية كالمغرب ومصر والعراق وتونس وليبيا والجزائر، بالإضافة لبعض الأتراك وبعض الطلبة من يوغسلافيا السابقة.

نفق صغير من محطة الحافلات ينقلك إلى عالم عربي الروح ألماني الشكل، ويستقبلك عند خروجك من أسفل النفق مطعم كتب عليه باللغة العربية "نقدم أشهى المأكولات العربية والشرقية". تتجول في الشارع الرئيس بالمنطقة حيث المحال التجارية الشهيرة والمحلات الألمانية، لكنك تلمح بينها واجهات محال كُتب عليها باللغة العربية، إضافة إلى إعلانات عن شقق للإيجار وإصلاح الحاسب الآلي ومحلات للعطور والملابس العربية.

Tour inside the neighborhood you'll see many of the stores interface which written in Arabic as well as ads for apartments for rent , computer repair shops and shops for perfume and Arabic clothes . Bonn . 13.october 2013
محلات للعطور والملابس العربيةصورة من: DW/L. Tarek

كما ستقابل العديد من العرب والذين ستتعرف عليهم إما من خلال حجاب بعض السيدات المارات في الشارع أو بما يتناهى إليك من كلمات لحديثهم بالعربية.

"لا نشعر بالغربة هنا، تشعر وكأنك في أي بلد عربي آخر" تبدأ أم داليا حديثها عن المنطقة. وتعمل أم داليا العراقية الأصل في أحد المطاعم العراقية بمنطقة بادغودسبيرغ، وكانت قد سكنت أحد منازلها من قبل لأربعة أعوام قبل أن تنتقل للسكن في حي آخر من مدينة بون.

المطعم الذي تعمل فيه أم داليا، يتردد عليه الكثير من العرب، وليس من المفارقة إن قالت إنها تشعر بأن "الألمان الذين يأتون إلى المطعم بمثابة الأجانب، الذين يأتون لزيارتنا في بلادنا". صورة تقلب الواقع: فهي الأجنبية في ألمانيا. لكنها ترى أن "العلاقات بين العرب والألمان علاقات عادية بين البشر هناك الجيد وهناك السيئ. ويبقى المعيار الأساس هنا أسلوب المعاملة بين الناس".

ومن خلال تجربتها عرفت أن الاحترام وعدم التدخل في شؤون الآخرين والمعاملة الحسنة والالتزام بالقوانين يساعدك على بناء علاقات جيدة بينك وبين الألمان، "فهذه من أهم الأمور لدى الألماني، وإذا احترمتها سعدوا بك وتلقيت معاملة جيدة جداً وبادلوك الاحترام".

بادغودسبيرغ في فصل الصيف أكثر حركة وازدهاراً ونشاطاً، حيث تنتشر المقاهي ذات الطابع العربي، والتي تقدم الشيشة أيضاً، في الطرقات حتى ساعة متأخرة من الليل. وهناك الشباب العربي ويتحدثون عن أخر أخبار بلدانهم، فيجعل المكان ملتقى للجاليات العربية.

The special decoration for one of the most famous cafes in Bad Godesberg , it is in the Arab-style which is designed to give you the Arabic atmosphere, inside it you can have shisha and Eastern famous drinks. Bonn . 13.october 2013
أشهر المطاعم للمأكولات العربية والعراقية بمنطقة بادغودسبيرغصورة من: DW/L. Tarek

مطعم ومقهى عربي

سهيل أبو الحكم عراقي الأصل أو "عمدة العرب في بادغودسبيرغ"، كما يحلو للبعض تسميته، أتى إلى ألمانيا قبل 21 عاماً، وأفتتح عام 2005 أشهر المطاعم للمأكولات العربية والعراقية في بادغودسبيرغ. ويتردد عليه الكثير من العرب والألمان أيضاً.

يروى أبو الحكم -وتتناهى من مكان ما في المطعم ألحان للمطرب العراقي الشهير كاظم الساهر- أنه أسس المطعم في البداية لبيع المأكولات العربية، حيث أن المنطقة كان تفتقر إلى مطعم يقدم المأكولات العربية بالرغم من انتشار العرب فيها، فأسس هذا المطعم ليكون مكاناً، يجتمع فيه العرب ويشعرون كأنهم في بلدانهم.

"السلام عليكم" جملة يحرص أبو الحكم على أن يقولها حتى لزبائنه من الألمان ويعلمها بطريقة طريفة لأي ألماني عند دخوله إلى المطعم. كما يردد الألمان بعده بعض الكلمات العربية الأخرى، مما يشعرهم بألفة المكان.

Suhail Abu el Hakam, from Iraqi and he is the "Mayor of Arabs in Badjodsberg"as he sees , he came to Germany 21 years ago and opened in 2005, the famous restaurants for Iraqi and Arabic food in Bad Godesberg .
سهيل أبو الحكم عراقي الأصل "عمدة العرب فى بادغودسبيرغ"صورة من: DW/L. Tarek

لم يكتف أبو الحكم بمطعم المأكولات العربية فقط، بل رأى أن هناك شيئاً ينقص إحساسك كعربي في المنطقة، لذلك أسس بجوار المطعم أحد أشهر مقاهي الشيشة في المنطقة، والذي صممه بأسلوب عربي خالص. لذلك حرص على شراء أثاثه من البلاد العربية، فالديكور الخاص بالمقهى صمم على الطراز المصري والذي تجده في منطقة خان الخليلي. "سافرت إلى مصر وقمت بشراء كافة مستلزمات المقهى من هناك، بالإضافة لبعض المقتنيات من المغرب والعراق".

بقالة عم سعيد والعودة إلى الوطن

قريباً من المطعم العراقي الشهير تجد بقالة وجزارة عم سعيد، عم سعيد جزائري الأصل غادر الجزائر عام 1959 وذهب إلى فرنسا، ثم انتقل منها إلى ألمانيا، حيث استقر به الحال في مدينة بون وقام بافتتاح هذا المتجر لبيع البقالة واللحوم الحلال التي يقبل عليها العرب والمسلمون.

عم سعيد يحمد الله دائماً على أحواله، بعد ما شاهده خلال مشاركته في الحرب ضد الاستعمار في الجزائر وتدمير البيوت ومعاناة السجن والانتقال إلى ألمانيا حيث الاستقرار الآن. لكنه يتمنى أن يعود إلى وطنه، غير أن حياة أولاده في ألمانيا واستقرارهم هنا يحول دون الرجوع.

تشاركه الرغبة في العودة إلى وطنها زوجته السيدة محبوبة تونسية الأصل والتي أتت إلى ألمانيا عام 1969. وترى محبوبة أن الغربة هذه ستدوم لأن عائلتها وأولادها وزوجها هنا. وتضيف قائلة بلهجتها التونسية: "هذا هو المكتوب ونحنا راضيين بس في النهاية أنا حابة ارجع على بلدي".

ترى ياسمين (39 عاماً)، ابنة العم سعيد، أن هذا الحي هو بمثابة وطنها. وعندما تغيب عنه كثيراً وتعود إليه تشعر وأنها وصلت إلى بيتها الأصلي، فقد ولدت هنا في ألمانيا وتعلمت في المدرسة العربية الموجودة بالمنطقة حتى مرحلة الجامعة. ومن ثم انتقلت إلى الجزائر للحصول على درجة البكالوريوس في علوم الحاسبات، بعدها ذهبت إلى تونس خلال موجة الإرهاب العنيفة التي هزت الجزائر، حيث التقت بزوجها وانتقلت مرة أخرى إلى ألمانيا للعيش بجوار والديها.

تتحدث ياسمين عن صداقاتها هنا في ألمانيا قائلة إن أغلبيتها من العرب من المدرسة العربية ومن الجامعة، أما أصدقاؤها من الألمان فقلة، ويحاولون عدم إشعارها بالاختلاف والغربة في ألمانيا. ولكنها ترى "بصفة عامة أن هناك علاقة متبادلة من الانغلاق وعدم الاختلاط بين العرب والألمان، فالعربي لا يحب إلا العربي ويحن إليه، والألماني منغلق فيما يتعلق بالعرب والمسلمين".

المسجد والشعائر الإسلامية

"أكننا في بلادنا وما نحس بالغربة"، يقولها شعيب الصديق أثناء انتظاره في المسجد لأداء صلاة الجمعة، إذ يشعره الجمع في المسجد لأداء صلاة الجمعة بأنه في بلاده. لا تخلوا منطقة بادغودسبيرغ بالطبع من المسجد، فهي منطقة العرب وأغلبيتهم من المسلمين. في الشارع الرئيس بالمنطقة يقع مسجد الأنصار، مسجد صغير أقامه المغاربة المهاجرون إلى ألمانيا عام 1974. يقيم هذا المسجد الشعائر الإسلامية كلها، من الصلوات الخمس وصلاة الجمعة وصلاة العيدين، بالإضافة إلى صلاة التراويح في شهر رمضان.

Ansar mosque a small mosque set up by Moroccan who came and live in Germany in 1974.This mosque assesses all Islamic rituals . Bonn . 13.october 2013
مسجد الأنصار أقامه المغاربة المهاجرين إلى ألمانيا عام 1974 .صورة من: DW/L. Tarek

كما تُقام في المسجد احتفالات الأعراس واحتفالات خاصة للأطفال في الأعياد، بالإضافة لدروس تعليم اللغة العربية والحديث بها لتشجيع الجيل الجديد على الحديث بها والحفاظ على لغتهم العربية.

وبالرغم من تواجد أماكن مخصصة للنساء في هذا المسجد، إلا أنها صغيرة ولا تكفى للنساء، فترى السيدة محبوبة أن ضيق الجامع لا يمكنها من تأدية صلاة العيد هناك، فتنتظر في المنزل حتى يعود زوجها. لكنها تتمنى أن يُقام جامع كبير قريب منها لتتمكن من الذهاب إليه، غير ذلك ترى أن الصلاة في المنزل خير لها.

يوم الجمعة في المسجد يختلف عما نعرفه في البلاد العربية، حيث الزحام وامتلاء المساجد عن أخرها بالكبير والصغير. الحال هنا في ألمانيا مختلف نسبياً، فصلاة الجمعة يذهب إليها القليل بحكم مواقيت العمل وعدم قدرتهم على ترك أعمالهم والذهاب إلى المسجد. ولكن هناك القليل الذي يحرص على أن يأخذ وقت الراحة الخاص به في الموعد الخاص بصلاة الجمعة لكي يستطيع أداءها.

حنين إلى الوطن

يرغب الكثيرين من العرب القاطنين هنا في العودة إلى بلادهم ولكن غالبيتهم أسسوا عائلاتهم وحياتهم باتت هنا وأبناؤهم هنا أيضاً، ما يمنع الكثيرين ربما من العودة نهائيا إلى بلادهم. الكثيرون يزورون بلدانهم الأصلية مرة في السنة على الأقل، بل وحزم بعضهم حقائبه عائداً إلى الوطن بعد التقاعد في ألمانيا، للاستمتاع بباقي حياتهم وسط عائلاتهم الكبيرة ووسط الحنين لذكريات طفولتهم.