بالصور: صعود وسقوط نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا
ما من وسيلة إعلامية تستطيع عرض تاريخ جنوب إفريقيا بطريقة أكثر تعبيراً من الصور الفوتوغرافية. ولعل ذلك أحد أسباب تنظيم متحف إفريقيا في عاصمة جنوب إفريقيا جوهانسبورغ لمعرض فوتوغرافي حول تاريخ القمع والحرية في البلاد.
إرث ثقيل
تعاني المناطق التي يسكنها السود في جنوب إفريقيا منذ سنوات من تبعات التمييز العنصري، إذ ما تزال محرومة من التعليم والرعاية الصحية والازدهار الاقتصادي. هذا ما يوثقه معرض كبير للصور الفوتوغرافية في عاصمة جنوب إفريقيا، جوهانسبورغ، وذلك في ذكرى مرور 20 عاماً على سقوط نظام التمييز العنصري (الأبارتهايد) هناك.
شاهد على حقبة أليمة
"الرسالة واضحة: حتى وإن كانت التفرقة العنصرية مقننة، لا يغير ذلك شيئاً من طابعها اللا أخلاقي". في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، خرج أفراد من المنظمة الحقوقية "الأوشحة السوداء" إلى الشوارع للتظاهر ضد نظام الفصل العنصري. أحد المصورين وثق هذه المظاهرة الاحتجاجية من خلال صوره. يذكر أن "الأوشحة السوداء" تأسست من قبل نساء بيض وقد وصفها نيلسون مانديلا عام 1990 بـ"ضمير جنوب إفريقيا البيضاء".
الكاميرا كسلاح
أحد أشهر المصورين السود يتعرض للاعتقال: إنه بيتر ماغوبانه، الذي بدأ حياته العملية كسائق وساع بريد للمجلة الأسطورية درام (DRUM). وقد كان الألماني يورغن شادبيرغ هو من علمه كيفية التصوير بالكاميرا. وقد ذاع صيت موغوبانه على الصعيد العالمي عبر صور لانتفاضة السود في الأحياء العشوائية الفقيرة وكان يخفي كاميراته عن سلطات نظام التفرقة العنصرية التي كانت عادة ما تمنعه من تصوير مثل هذه الأحداث.
نهاية حي "صوفيا تاون"
بدأ نظام الأبارتهايد في الخمسينيات بتقسيم الأحياء السكنية وفقاً للانتماء العرقي. وفي إطار حملته هذه، تم هدم بيوت حي "صوفيا تاون" المختلط عرقياً، والذي كان يشكل المركز الثقافي للأغلبية السوداء. وعلى أنقاض البيوت المهدمة تم بناء حي "تريومف" (النصر) الذي كان مخصصاً فقط للسكان البيض.
القطار الكنيسة
يقضي سكان الأحياء العشوائية الفقيرة السود وقتاً طويلاً في التنقل إلى أماكن عملهم في وسط المدينة. وبالرغم من ذلك، لم تخل تلك السفرات المتعبة والطويلة في القطارات المكتظة من لحظات روحية. بعض هذه اللحظات وثقها المصور سانتو موفوكينغ في سلسة رائعة من الصور. وما يزال الدين والمعتقد يلعبان دوراً مهماً في المجتمع الجنوب إفريقي حتى اليوم.
مقاومة أمام المحكمة
صحفيون عام 1956 خلال ما عُرف بـ"محاكمة خيانة الوطن"، التي شملت 156 شخصاً في جنوب إفريقيا متهمين بالخيانة، إذ كانوا قد نشروا "وثيقة الحرية"، التي تدعو إلى إلغاء نظام الأبارتهايد. وقد كان نيلسون مانديلا من بين هؤلاء المتهمين. ساهمت هذه المحاكمة في ظهور حركة تضامنية بين الجماعات المعارضة بغض النظر عن انتمائها العرقي.
رمز للكفاح من أجل الحرية
عُلقت إحدى الصور الشهيرة للمعرض في وسط سوفيتو كنصب تذكاري للتذكير بحقبة الكفاح من أجل إلغاء التمييز العنصري في جنوب إفريقيا. وتذكر هذه الصورة بانتفاضة تلاميذ المدارس، الذين احتجوا عام 1976 ضد سياسة التمييز العنصري. وقد لقي التلميذ هيكتور بيترسن خلال هذه المظاهرة مصرعه بعد إطلاق النار عليه. وقد وثق المصور سام نزيما هذه اللحظة في صورة جابت شتى أنحاء العالم.
حزن وغضب
يظهر المعرض أيضاً صوراً للحزن الجماعي، إذ عادة ما كانت مراسم تأبين ضحايا السياسة العنصرية تتحول إلى تظاهرات سياسية كبيرة، على غرار تأبين أفراد مجموعة "كريدوك فور" (Craddock Four) المعارضة، الذي تعرضوا عام 1985 للاختطاف والقتل. وتبين بعدها أن ضباط من قوة الدفاع الجنوب إفريقية هم من كانوا يقفون وراء العملية.
حقبة جديدة
بعد عقود من القمع والتمييز العنصري، احتفلت جنوب إفريقيا في الثالث من مايو/ أيار عام 1994 بنصرها وبواحد من الذين ساهموا فيه مساهمة كبيرة: إنه نيلسون مانديلا، الذي انتخب كأول رئيس لجنوب إفريقيا الديمقراطية. ويتذكر المصور جورج هاليت ذلك اليوم قائلاً: "لقد كانت لحظة لا تصدق!" وقضى هاليت 20 عاماً من حياته يصور السياسيين المنفيين، قبل أن يعود إلى بلاده لينقل بعدسته وقائع أول انتخابات حرة في بلاده.