1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جائزة نوبل والسلام في الشرق الاوسط

١١ ديسمبر ٢٠٠٩

أثار حصول الرئيس الأميركي باراك أوباما على جائزة نوبل انتقادات لاذعة، لكن التكريم هذا المثير للجدل ليس الأول من نوعه، إذ أن نيل عرفات ورابين وبيريز الجائزة عام 1994 بعد توقيعهم على اتفاق أوسلو للسلام أثار بدوره الاستياء.

https://p.dw.com/p/L03W
ياسرعرفات، شيمون بيريز واسحاق رابين أثناء حصولهم على جائزة نوبل للسلامصورة من: picture alliance/dpa

انتفضت بعض الدوائر اليهودية القومية بغضب، خاصة من خارج إسرائيل، بعد الإعلان عن فوز رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات سوية مع رئيس الحكومة الإسرائيلية اسحق رابين ووزير خارجيته شيمون بيريز بجائزة نوبل للسلام. وكان عرفات بالنسبة إلى الكثيرين عنوانا للإرهاب والسعي إلى تدمير دولة إسرائيل. وحمَّله الكثيرون مسؤولية مقتل العديد من الضحايا المدنيين، فكيف يمكن إذن تكريم شخص مثله سويَّة مع رابين وبيريز؟.

خلفية هذا الحدث كان اتفاق أوسلو الموقَّع عام 1993 بين الطرفين. و كان الثلاثة عبَّدوا الطريق إلى هذا الطريق، متجاوزين العقبات القائمة، وبدت الطريق مفتوحة أمام المصالحة والتفاهم المشترك، بل والتعايش السلمي أيضا بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

مناخ السلام الجديد وأفق الدولة الفلسطينية المستقلة

Obama / Nobelpreis / Oslo
هل كان أوباما سيحصل على جائزة نوبل لو تحقق السلام في الشرق الأوسط؟صورة من: AP

وشكَّل اتفاق أوسلو الاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية أمرا واقعا جديدا، ما مكَّن عرفات وقادة آخرين في المنظمة من العودة إلى وطنهم وإقامة سلطة وطنية فلسطينية فيها. وبزغ أمل لأول مرة أمل انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتُلت عام 1967، و أن إقامة الفلسطينيين لدولة يعيشون فيها بسلام إلى جانب إسرائيل، ليست إلا مسألة وقت. وهذا كان في الواقع فحوى قرار تقسيم فلسطين الصادر عام 1947 عن منظمة الأمم المتحدة قبل أكثر من نصف قرن.

ولا بد من أن يكون هذا الأمل هو الذي دفع لجنة جوائز نوبل لتكريم واضعي اتفاق أوسلو بجائزة السلام، علما أن اللجنة كانت تعرف بالطبع أن عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية يتحمَّلان المسؤولية عن الكثير من المآسي، كما كانت تعرف أن إسرائيل وحكومة رابين وبيريز أيضا سببتا الكثير من العذاب للفلسطينيين. لكن شجاعة المعنيين بخطِّ طريق مغاير بعد عقود من إسالة الدماء تركت تأثيرها على قرار اللجنة. وبدا مدهشا أن الثلاثة كانوا على الأقل على استعداد لبدء سلام.

"صفقة بيع إسرائيل" مقابل "تحرير كامل فلسطين"

Collage Barack Obama, Benjamin Netanjahu und Mahmud Abbas
نهج رئيس الحكومة الإسرائيلية لم يتغيّر عن السابق: نتنياهو في الوسط، أوباما إلى اليسار وعباس إلى اليمينصورة من: AP/DW

ولو تم تنفيذ اتفاقية أوسلو لما حصل الرئيس الأميركي أوباما ربَّما على الجائزة، ولما كان حماسه لإشاعة الأمل ضروريا لأنه كان من المفترض أن يكون السلام سائدا في الشرق الأوسط. ولما كان في إمكان المحرِّضين من كل لون مواصلة تسعير أزمة الشرق الأوسط تحت شعار "صراع الحضارات". لكن قرارات أوسلو لم تنفذ، وتمكَّن المتطرفون في كلا الجانبين من منع تحقيقها. فقد وصفت المعارضة القومية في إسرائيل أوسلو بال "صفقة بيع إسرائيل"، وأصبح المستوطنون أكثر عنفا وأخذوا يسلحون أنفسهم ل "حرب الأخوة" الكبرى المنتظرة، أي للمدافعين عن "أرض إسرائيل" ضد "الخائن رابين" الذي نعتوه بالنازي. وبلغت موجة الكراهية درجة من العلوّ أدَّت إلى دفع مستوطن متطرف لقتل اسحق رابين عام 1995.

وفي الجانب الفلسطيني نشطت حركة "حماس" الفلسطينية بشكل خاص ضد أوسلو رغم أن الاتفاق كان يهدف إلى مساعدة الفلسطينيين للحصول على دولة خاصة بهم. لكن المتدينين المتحمِّسين لم يكونوا على استعداد للتخلي عن حلمهم القديم ب "تحرير"كامل فلسطين"، أي تدمير إسرائيل.

وفي موقفها المطالب بكل شيء أو لا شيء لم تختلف "حماس" أبدا عن المتطرفين الدينيين والقومين في الجانب الإسرائيلي. وبذلك ساهمت "حماس" بعد اغتيال رابين في تقوية المعسكر القومي في إسرائيل. وأدت سلسلة من الهجمات الدموية التي قامت بها خلال انتخابات عام 1996 إلى فوز زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو على بيريز، وكانت فرصة سانحة له لتعطيل مفعول اتفاق أوسلو. وبعد نتنياهو جاء إيهود باراك إلى الحكم فاختلف مع عرفات وبدأت الانتفاضة الثانية. وعلى خلفيتها فاز زعيم الليكود آرييل شارون الذي عامل عرفات كعدو ودمّر آخر بارقة أمل لتحقيق السلام. ولم يتحسّن الأمر مع خليفته إيهود أولمرت، والآن عاد نتنياهو إلى السلطة ولا يفكر في تغيير أي شيء على الإطلاق لإرساء السلام.

لقد تم قتل آمال أوسلو مرتين خلال الأعوام الماضية، أمل في أن ينهي الاتفاق أزمة الشرق الأوسط من جهة، وأمل بأن تساعد جائزة نوبل من أوسلو أطراف النزاع.

الكاتب: بيتر فيليب ـ اسكندر الديك

مراجعة: حسن زنيند