1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رشا حلوة: عربيّات تزوجن من غير عرب، يتحديّن المجتمع يوميًا

رشا حلوة
٣٠ أغسطس ٢٠١٧

في مقالها* لـ DW عربية تتناول الكاتبة الصحفية رشا حلوة التحديات والصعوبات التي تواجه زيجات نساء عربيات من رجال غير عرب، وكيف أنها تتداخل حتى في التفاصيل الحياتية الصغيرة، التي يمكن أن تكون جميلة رغم ذلك.

https://p.dw.com/p/2j4uB
arabisch Kolumnistin Rasha Hilwi
صورة من: DW/Rasha Hilwi

حول نساء عربيّات تزوجن من رجال غير عرب، أو غير متحدثين للعربيّة. ما هي الأسباب، بالإضافة إلى العاطفة، وما هي التحديات والصعوبات التي واجهتهن مع الإعلان عن هذا القرار؟ أو خلال الحياة. بالإمكان التطرق إلى التحديات الكبيرة، لكن أيضًا إلى التفاصيل الحياتيّة الصغيرة التي ممكن أن تكون جميلة أيضًا؛ اللغة والأغاني.. ما هي تحديات التربيّة؟ وكيف تعاملن مع مجتمعاتهن؟ وغيرها من الأسئلة. سيتعمد المقال على قصص حقيقيّة وعلى ورأيي.

يكون الارتباط العاطفيّ أو الشّراكة الزوجيّة في غالب الأحيان بين رجل وامرأة ينتميان إلى نفس اللغة والثّقافة وغالبًا إلى نفس الدّين، وفي عصر اليوم، ومع الانفتاح إلى العالم عبر وسائط عديدة، كمناليّة التكنولوجيّا والسّفر، أصبحت الاحتمالات مفتوحة أكثر للتعارف العاطفيّ بين أزواج من ثقافات ومجتمعات ولغات مختلفة، ما بين الشّرق والغرب، والذي يصل في أحيان كثيرة إلى شراكة زوجيّة وبناء عائلة.

وعلى الرّغم من وجود حالات عديدة في العالم، إلّا أن التحديات الشخصيّة والجماعيّة هي عديدة أيضًا، وفي مجتمعاتنا، حيث الزواج بين أديان مختلفة من الممكن أن يكون "كارثة" لبعض فئات المجتمع، بالطبع ارتباط امرأة عربيّة برجل غير عربيّ أو من قوميّة مختلفة، من الممكن أن تكون "كارثة" من نوع آخر، خاصّة حين تختار المرأة أن تنقل حياتها إلى بلد شريكها، وأن تواجه كلّ التحديات خارج حياتها الشخصيّة كما وداخلها.

خلال كتابة هذا المقال، تحدثت إلى صديقة عربيّة متزوجة من رجل أوروبي، ويعيشان اليوم في أوروبا. صديقتي هذه تعرّفت إلى زوجها قبل سنوات، وقررا بناء عائلة. في حديثها عن التحديات التي واجهتها فور الإعلان عن رغبتهما بالارتباط، قالت: "هنالك التحديات الاجتماعيّة، في مجتمع محافظ له عاداته في الزواج، حيث يجب أن يأتي الرجل ويطلب المرأة من أهلها، ويجب على عائلتها أن تفحص أصله وفصله، وهذا صعب تحقيقه لأنه أجبني.

الأمر الثاني هو ديانته، والسؤال الأوّل الذي طُرح: هل هو مسلّم؟ عندما عرّفوا بأنه سوف يعتنق الديانة الإسلاميّة كي نتزوج، عندها أصبح الضغط الاجتماعي أقل. الأمر الآخر هو عملية التواصل فيما بينه وبين عائلتي، بداية كنت أنا المترجمة فيما بينهم، فلم يكن الأمر سهلًا عليه. عندها قام بتعلّم دورة أساسيّة للغة العربيّة، تضمن تواصل أساسيّ مع عائلتي".

كان قرارهما الانتقال للحياة في أوروبا، بالنسبة لها كان الأمر أكثر سهولة كونها تعرف لغته مقارنة به، وهذا القرار شكّل أيضًا تحدياً إضافياً عليها. عن هذا تقول: "أشعر اليوم بأني بعيدة عن المجتمع في أوروبا، وما يشغله لا يشغلني، تختلف أولوياته عن أولوياتي. ولا أعلم إن كنت سأصل يومًا ما إلى مرحلة أشعر بالاندماج الكليّ في المجتمع.

الأمر الثّاني هو اللغة والحديث في البيت، نحن من ثقافتيْن ولغتيْن مختلفتيْن تمامًا، الكثير من التفاصيل المفهومة ضمنًا لدينا يجب عليّ أن أشرحها وأترجمها، وفي كثير من الأحيان ترجمتها تفقد معناها، كما الأمثال الشعبيّة على سبيل المثال. والأمر ذاته بشكل معاكس، عندما يترجم زوجي لي نكتة، لا تضحكني، لأن سياقها الثّقافيّ غير مألوف لي. هذا يحتاج إلى مجهود كبير مني، تفسير كلّ شيء".
في حالة الزواج بين ثقافات أو أديان مختلفة، يظهر على الفور سؤال التربيّة والأطفال. وهذه أسئلة شرعيّة بالطبع، لكنها شرعيّة للزوجيْن وقرارهما بكيفية تربيّة أبنائهما وبناتهما، وليس من المفترض أن تكون شأنًا عامًا. وللأسف في مجتمعاتنا، مواجهة هذا السّؤال هو أصعب، في أمكنة تتدخل فيه فئات عديدة من المجتمع بشكل ونمط حياتك الفرديّة والعائليّة. وفي ظلّ التحديات الاجتماعيّة العديدة التي تواجها المرأة على وجه الخصوص، هنالك أيضًا تحديات شخصيّة تعيشها ضمن عائلتها الصغيرة، وفي مثل هذه الحالة هي أسئلة شرعيّة تخصها وتخص شريك حياتها.

من بين هذه الأسئلة، سؤال اللغة، فصديقة أخرى، عربيّة متزوجة من أوروبي، أنجبت طفلًا قبل أشهر قليلة، ولا زالت أسئلة التربيّة واللغة حاضرة بقوة عندها. وهذا تحدي إضافيّ لها خاصة أنها تعيش بعيدًا عن بلدها. عن هذا تقول: "من المهم بالنسبة لنا أن يكسب الطفل اللغتيْن، وهذا كان قرارنا، أنا أتحدث معه العربيّة وزوجي يتحدث معه لغته. من المهم لي أن يتواصل طفلي مع أهلي بالعربيّة، وكلي أمل أن يستمر هذا الأمر، خاصّة لأني لاحظت مؤخرًا أن أزواج كثيرة يتعبون مع الوقت، فتتحدث الأمّ مع الأطفال بالعربيّة مثلًا والأطفال يجيبونها بالإنجليزيّة".

كان أمر اللغة أيضًا بداية حديثي مع صديقة عربيّة أخرى متزوجة من أوروبي وتعيش في بلده، وقد أنجبت منذ سنوات، حيث التعامل اللغة تغيّر مع الوقت، وذلك نظرًا للغة المسيطرة التي يتعرض لها الأطفال في محيطهم العامّ وخارج العائلة. عن هذا تقول: "أكثر ما أفتقده هنا هو اللغة، حاولت أن أتحدث مع أطفالي بالعربيّة، لكن مع الوقت تتغلب اللغة الأخرى. أبذل مجهود دائم بأن يستمعوا إلى أغاني عربيّة، أن أتحدث معهم بالعربيّة، وهم يفهمون اللغة لكنهم يجيبون بلغة البلد التي يعيشون فيها".

بالعودة إلى التحديات المجتمعيّة التي تواجها امرأة عربيّة قررت الارتباط أو الزواج من رجل غير عربيّ، يبدو أنها في أحيان كثيرة كأن لا نهاية لها. وهي حقيقة صعبة متعلّقة بحياة المرأة عامّة. الصّديقات العربيّات والمتزوجات من رجال غير عرب، واللواتي تحدثت معهن، تطرقن إلى الصّعوبات الأولى مع الإعلان عن قرارات الزّواج ومواجهة المجتمع. وجميعهن تطرقن إلى أن الانتقادات التي وُجّهت لعائلاتهن من بعض فئات المجتمع ما زالت مستمرة، حتى بعد مرور سنوات عديدة على الزّواج. لربما، وعلى الرّغم من شعور الغربة التي تشعر به أحيانًا كل منهن، في مكان بعيد عن بلادها ولغتها وثقافتها، وبرغم سيئات عديدة تطرقن إليها، إلّا أنهن لربما يتمسكن بحسنة واحدة على الأقل، هي بأنهن يربيْن أطفالهن كما يشأن. عن هذا تقول صديقة ختامًا لحديثنا: "عندما أزور بلادي، أشعر بالأمان بالقرب من عائلتي مع أطفالي، لكني في أوروبا، أعلم بأني أربيهم باستقلاليّة وبلا تدخل من أحد، وهذا أمر في غاية الأهمية".

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبته وليس بالضرورة رأي مؤسسة DW.

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد