1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

عيد الفطر في تونس: بأية حال عدت يا عيد؟

خالد بن بلقاسم- تونس٩ أغسطس ٢٠١٣

وسط أجواء سياسية مشحونة ومستقبل غامض وخوف على بلادهم من العنف والإرهاب، يأتي احتفال التونسيين بعيد الفطر هذه السنة، ولسان حالهم يردد ما قاله الشاعر المتنبي ذات يوم: عيد، بأية حال عدت يا عيد؟

https://p.dw.com/p/19Mqg
REFILE - CORRECTING DATE A demonstrator holds up a flare during a protest to demand the ouster of the Islamist-dominated government, outside the Constituent Assembly headquarters in Tunis August 4, 2013. The opposition against the ruling Ennahda party, angered by the assassination of two of its figures and emboldened by the backlash against deposed Egyptian President Mohamed Mursi, has been protesting daily. REUTERS/Anis Mili (TUNISIA - Tags: POLITICS CIVIL UNREST)
Tunis Tunesien Demonstration Islam Islamistenصورة من: Reuters

يحيي التونسيون عيد الفطر وبلادهم قد أعلنت الحرب على الإرهاب في جبال الشعانبي واستنفرت قواتها الأمنية، التي بدأت حملة مداهمات واعتقالات لأنصار التيارات الدينية المتشددة. ويعود العيد هذه السنة وتونس تعيش أزمة سياسية خانقة واعتصامات ومسيرات في كل المدن والقرى وانقساما حادا في المجتمع بين مؤيد للحكومة ومطالب بإقالتها وحل المجلس التأسيسي.

فقد شكل اغتيال المعارض التونسي محمد البراهمي حدثا قلب الأوضاع في تونس رأسا على عقب مؤذنا بفترة جديدة من التقلبات وعدم الاستقرار السياسي. وزاد الوضع الأمني تعقيدا بعد العملية الإرهابية، التي ذهب ضحيتها ثمانية جنود في جبال الشعانبي المتاخمة للحدود الجزائرية من قبل جماعات قريبة من تنظيم القاعدة في شمال إفريقيا.

وسط هذه الأجواء المشحونة والخوف من جحيم الإرهاب الذي لم يألفوه، أمضى التونسيون النصف الثاني من رمضان. وهم يحيون هذه الأيام العيد وسط أجواء تبدو عادية، لكنها تخفي خوفا من المستقبل. إذ يرى جل التونسيون أن البلاد تعيش خطرا إرهابيا متناميا بما يحمله من عدم استقرار اقتصادي وسياسي واجتماعي.

ويفسر من تحدثنا إليهم تصاعد وتيرة الإرهاب بتراخي قبضة الدولة أمام التيارات الدينية المتشددة، ويعزوه آخرون إلى إقالة عدد كبير من القيادات الأمنية المتمرسة بمكافحة الإرهاب زمن الرئيس السابق إلى جانب محاباة الحكام الجدد للمتشددين الدينيين بعد الثورة.

أسواق عامرة وألعاب جديدة

ورغم الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة التي تعيشها تونس، خرج التونسيون إلى الأسواق لشراء الملابس الجديدة والألعاب لأطفالهم. قابلنا جمال وزوجته وابنهما الوحيد مع انتصاف الليل وهم في انتظار دورهم أمام محل لبيع ملابس الأطفال. يقول جمال "لا يمكن أن لا أشتري ملابس جديدة لطفلي وزوجتي، فالعيد مناسبة فرح ويجب أن نفرح رغم الحزن المخيم على البلد بفعل التهديد الإرهابي". ويؤكد لنا جمال "رغم غلاء الأسعار، إلا أنني أحرص على شراء ما يلزم لفرحة العيد مع العائلة".

Main title/ Subject: Toys salers in the streets of Tunis, Tunisia Photo title: Toys salers in the streets of Tunis, Tunisia Place and Date : August, 2013, Tunisia Copy Right/ Photographer: DW/Khaled Ben Belgacem
تزدهر هذه الأيام تجارة البنادق والمسدسات المصنوعة من البلاستيك، التي يقبل عليها الأطفال بكثرةصورة من: DW/Khaled Ben Belgacem

ويجد بعض التونسيين من ضعاف الحال ضالتهم لدى الباعة المتجولين الذين احتلوا الشوارع الفرعية للعاصمة لبيع مختلف الملابس وحاجيات العيد والألعاب. وتزدهر هذه الأيام تجارة الألعاب وخصوصا البنادق والمسدسات المصنوعة من البلاستيك، التي يقبل عليها الأطفال بكثرة. ويبدو أن الأحداث العنيفة التي تشهدها البلاد قد ساهمت في ازدهارها هذه السنة.

وفي عيد الفطر، يقبل التونسيون على الحلويات المحلية ويتفننون في إعدادها وتختلف أسعارها باختلاف مكوناتها ويزدحم سكان تونس أمام محلات بيع الحلويات لساعات متأخرة من الليل للظفر بكيلو "كعك ورقة" أو "بقلاوة تونسية" أو "حمصية ". ولا يبدو أن الأحداث الأخيرة وتفاقم الأزمة السياسية قد حال دون إقبالهم على الحلويات.

Main title/ Subject: Ramadan soup ٍ, Tunisia Photo title:   Zlabia is the reference cake of Ramadan. Zlabia is a delicious cake appreciated by Tunisian. Place and Date : 25 Jul 2012, Tunis Copyright/ Photographer:  Khaled ben Belgacem
إقبال كبير على الحلويات في عيد الفطرصورة من: ben Belgacem / DW

ويعتبر رواد أحد المحلات - الذين تحدثت DW عربية إليهم - أن على التونسيين أن يثبتوا أنهم أقوى من الإرهاب والخوف الذي يحاول البعض زرعه فيهم. ويقولون إن الاحتفال بالعيد هذه السنة تحد لمن يريد فرض مشروعه المجتمعي على التونسيين أو يهدد نمط عيشهم. ويرون أنه يجب أن تعم مظاهر الفرحة كل البيوت رغم الألم ورغم ذكرى الجنود الذي قتلوا في الشعانبي.

صلاة في الميادين وزيارات متبادلة

ويحرص التونسيون بعد الثورة على أداء صلاة العيد في الميادين والساحات العامة، وهو ما كان ممنوعا في عهد بن علي. ويرى كثيرون أن الصلاة خارج المساجد محبذة في السنّة النبوية وتضفي جوا من البهجة على العيد لأنها تسمح بمشاركة أغلب الناس. ولكن هناك كثيرون لا ينظرون إلى هذا التقليد الجديد بعين الرضا، إذ يعتبرون الصلاة خارج الأماكن المعدة لها خروجا عن القانون الذي يمنع ذلك.

Main title/ Subject: crowded markets,Tunis, Tunisia Photo title: crowded markets,Tunis, Tunisia Place and Date : August, 2013, Tunisia Copy Right/ Photographer: Khaled Ben Belgacem
باعة متجولون في شوارع تونس العاصمةصورة من: DW/Khaled Ben Belgacem

ويتبادل التونسيون الزيارات وتهاني العيد إثر الصلاة. وقد طغت هذه السنة مسحة من الحزن والألم عليهم، وكانت الأزمة السياسية الخانقة، التي عمقها تعليق نشاط المجلس التأسيسي وانسحاب عدد من النواب وأخبار الحرب على الإرهاب، الحاضر الغائب في البيوت وفي مواقع التواصل الاجتماعي.

ويرى سفيان رجب، الإعلامي والمحلل السياسي في حديث لـ DW عربية أن "الوضع في تونس اليوم يتطلب أولا التعقل من قبل جميع الأطراف: سلطة ومعارضة ومنظمات". ويقول إنه "لا بد من الاعتراف بالفشل، فمن لم يتقدم بالبلاد وأثبتت سياسته فشلا كاملا على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية يجب أن يقر بذلك وينسحب خدمة لهذا الوطن وهذا الشعب"، في إشارة إلى الترويكا الحاكمة.

ويتساءل رجب "لكن من سيكون البديل؟"، وحسب رأيه "البحث عن البديل يطرح إشكالا واضحا: فالمعارضة التي تطرح نفسها كبديل أظهرت بدورها فشلا كبيرا في تقديم الحلول للخروج من الأزمة. لذلك وجب الرجوع إلى حكومة كفاءات مستقلة تتولى تسيير الأمور في انتظار انتخابات جديدة".

ويرى سفيان رجب أن المطالبة بحل المجلس التأسيسي غير واقعية ويعتبر "أن على المجلس مواصلة نشاطه مع حصر مسؤولياته وتحديد فترة عمله".

ومهما يكن التوصيف لحال تونس في عيد الفطر، لا يختلف اثنان على أنها تعيش مرحلة صعبة تحتم توافق الفرقاء السياسيين حول بلدهم وتكاتفا كبيرا من قبل مختلف فئات المجتمع للقضاء على الأخطار المحدقة الأمنية منها والاقتصادية والاجتماعية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد