1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

غوغاء

عبد المنعم الأعسم٤ أبريل ٢٠١٤

في موسم الانتخابات يمر عبد المنعم الاعسم على وصف تاريخي ارتبط في ذاكرة العراقيين بما قاله صدام حسين عن انتفاضة آذار 1991 ، وبقي الوصف عصيا على فهم كثيرين.

https://p.dw.com/p/1Bblc
Symbolbild Hinrichtungen in Irak
صورة من: AP Graphics/DW

منذ ان حشرتها ماكنة التهريج الاعلامية للدكتاتورية في غير محلها صارت كلمة "الغوغاء" تستفز الذاكرة الشعبية واللغوية، لانهم الصقوها غُلا وصفا مغشوشا لابطال انتفاضة آذار، فيما هي شيء آخر في المعنى والدلالة، بل انها اقرب لموصوف ازلام الدكتاتور نفسه الذين ملأوا الفضاء بالتزوير والغشلكي يتوافق التفسير مع المصلحة، وقد توارثها البعض، سوية مع موروثات بغيضة اخرى.
يظهر الغوغاء في الانعطافات والاحداث والفواجع، كما يظهرون، اكثر من ذلك، في ظروف السلم والاستقرار، وعلي حواشي الساسة والطامحين والمتآمرين: يجلسون علي الارصفة بانتظار من يصفقون له، ومن يستقوون به، ومن يسعون اليه.. ولا يتورعون عن الايذاء أو المنكر أو العصيان أو شهادة زور، ولا عن معارضة محسوبة بالامتيازات، أو عن ولاء محسوب بالربح.
والغوغاء نرصدهم في الثقافة مثلما في السياسة، فهم بارعون في المديح متطرفون في الهجاء. يزنون الموقف بالتكسب والمصلحة، ويبيعون (الضمير) بالمفرق والجملة.
حاضرون في الصخب والفوضي، ومتصدرون في الولائم والفضائيات. يغيرون على هذا من غير دالة، ويدافعون عن ذاك من دون حق. أصواتهم أعلي الاصوات، وشتائمهم أرخص الشتائم. يتقدمون حيثما يكون التقدم مضمونا بالسلامة، وينسحبون حيثما يكون الانسحاب مكفولا بالنجاة:
في كتاب (العزلة) لأبي سليمان البستي مقاربة عن (الغوغاء) يقول:
عن ابي عاصم النبيل ان رجلا أتاه، فقال له: إن امرأتي قالت لي "يا غوغاء". فقلت لها: إن كنتُ غوغاء فأنت طالق ثلاثا، فما العمل؟ فسأله ابو عاصم النبيل:
ــ هل انت ممن يحضر المناطحة بالكباش والمناقرة بالديوك؟
قال: (لا).
قال النبيل: هل انت ممن يحضرون يوم يعرض الحاكم الظالم أهل السجون فيقولون فلان أجلد من فلان؟(أي ينافقون)
قال الرجل: لا.
قال ابو عاصم: هل انت الرجل الذي إذا خرج الحاكم الظالم يوم الجمعة جلست له علي ظهر الطريق حتي يمر، ثم تقيم مكانك حتى يصلي وينصرف؟
قال الرجل: لا.
قال ابو عاصم النبيل للرجل: لستَ من الغوغاء، إنما الغوغاء من يفعل هذا.
لنبحث عن الغوغاء بين الذين يصفقون للمسؤول لقاء أجر او جاه او منصب، والذين يجلسون على قارعة الطريق ينتظرون مرور أحدهم ليوغلوا صدره ضد الخصوم ، والذين يحضروا حفلات المناطحة بالكباش والمناقرة بالديوك.. وتقديم رشاوي الانتخابات باكياس الزبالة.

********

"إذا اعتاد الفتى خوض المنايا ...

فأهون ما يمر به الوحول"

المتنبي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نشر المقال في جريدة (الاتحاد) بغداد ويعاد نشره على موقعنا بالاتفاق مع الكاتب .