1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

في ذكراه الـ 30: حزب الخضر الألماني يبحث في مستقبل تحالفاته

١٣ يناير ٢٠١٠

بعد 30 سنة من تأسيسه ثبَّت حزب الخضر حضوره في الساحة السياسية الألمانية وأثبت طليعيته في الدفاع عن البيئة وحقوق المرأة وفي رفضه الحروب والعنصرية، لكن أسئلة كثيرة تحوم حول مستقبل تحالفاته السياسية.

https://p.dw.com/p/LV0W
بيترا كيلي الرئيسة الأولى لحزب الخضر في مؤتمر تأسيسه عام 1980صورة من: ullstein bild - Mehner

منذ دخول حزب الخضر البرلمان الاتحادي عام 1983 بعد حصوله على 5.6 في المائة من أصوات الناخبين (الحد الأدنى المطلوب لدخول الندوة البرلمانية هو 5 في المائة)، بدأ رصيد الحزب في الارتفاع على التوالي ليحقق في الانتخابات النيابية التي جرت في خريف العام الماضي 10 في المائة وهي الأعلى له حتى الآن. فمن هو هذا الحزب الذي بدأ منذ البداية مختلفا عن الآخرين، مشاكسا ومستفزا لهم، ومتمردا على مجمل النظم والقوانين والعادات الاجتماعية، ومجددا لإستراتيجيته في العقد الأخير بالانتقال إلى الواقعية السياسية قبل وبعد مشاركته في حكم البلاد مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي لمدة سبع سنوات؟

"جدّي، من أخبرك أن السمك في النهر مات مسمما؟ الخضر"

تأسس حزب الخضر في 13 كانون الثاني/ يناير عام 1980 في كارلسروه بعد مخاض كبير متشكلا من نخب قادمة من مجموعات وحركات طلابية ويسارية مختلفة شارك بعضها في انتفاضة الطلاب التي حصلت عام 1968 وحملت آمال تغيير المجتمع والطبقة السياسية المحافظة فيه. في تلك الفترة ظهر إعلان للحزب يحمل صورة رجل يقف على حافة نهر مع طفل يسأله: "جدي لمَ الأسماك ميتة هنا؟ لأن الصناعة سمَّمت نهر الراين. من أخبرك بذلك؟ الخضر".

في عام التأسيس حاز الحزب على 5.1 في المائة من الأصوات في الانتخابات العامة التي جرت، لكنه نال في عام 1983 5،6 في المائة دفعة واحدة ودخل البرلمان الاتحادي (البوندستاغ) بقيادة رئيسته بيترا كيلي التي صرَّحت أمام الصحافيين وهي في طريقها إلى مقر البرلمان في العاصمة السابقة بون بأنها "ستواصل رفع أهداف الخضر والحركة الاحتجاجية للحزب عاليا ضد الواقع القائم في البلاد". وأضافت أنها تشعر بنوع من الالتزام إزاء هذه الحركة التي تدخل البرلمان مؤكدة أنها لن تخونها أبدا، وهو وعد شخصي قاطع منها.

فوز التيار الواقعي في الحزب

Joschka Fischer und Gerhard Schröder
المستشار غيرهارد شرودر وفيشر في جلسة البرلمان التي رفضت فيها حكومتهما الحرب الأميركية على العراقصورة من: AP

بعد سنوات من العمل السياسي والبرلماني برز داخل حزب الخضر تيار واقعي جديد أطلق عليه اسم الاتجاه الواقعي (ريالو) وبدأ يواجه أكثر فأكثر التيار المؤسس الذي عرف باسم الأصولي ( فوندي). ورأت العناصر الواقعية التي ترأسها يوشكا فيشر لاحقا، خاصة بعد أن أصبح وزيرا في حكومة ولاية هسِّن الاشتراكية في أواخر الثمانينات، أن مواقف الاحتجاج والرفض والامتناع عن تحمل المسؤوليات لم تعد تكفي، ولا تقود إلى أية نتيجة، وأن التغيير المطلوب في المجتمع يفرض الحصول على مناصب لتطبيق الأفكار التي يحملها الحزب وأعضاؤه.

وساعدت تجربة فيشر العملية في الحكم على إقناع المزيد من أعضاء الحزب بفكرة التخلي عن المعارضة والانتقال إلى المشاركة الإيجابية لتحقيق ما يناضلون من أجله. وحسم تيار الواقعية فوزه النهائي على التيار الآخر في الحزب عام 1998 بعد الانتصار الذي حققه الاشتراكيون والخضر في الانتخابات العامة في البلاد بقيادة غيرهارد شرودر الذي أصبح مستشارا وشكَّل حكومة ائتلافية بين حزبه الاشتراكي والخضر استمرت حتى عام 2005. وواجه حزب الخضر خلال هذه الفترة، خصوصا فيشر الذي أصبح وزيرا للخارجية، خلافات داخلية وهجمات سياسية بعد موافقة الأخير وحزبه على إشراك ألمانيا في الحرب التي شنَّها حلف الناتو على صربيا لإخراجها من كوسوفو.

شتروبله: الحزب أصبح للأسف مستتبا

والتجربة الأخرى التي مرَّ بها الخضر وهم في الحكم كانت حرب أفغانستان إثر أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001 وشنّ الولايات المتحدة حربا ضد "طالبان" و "القاعدة" فيها. وتحمَّل الخضر المسؤولية ووافقوا على إرسال قوات ألمانية تحت علم الأمم المتحدة ثم علم الناتو إلى أفغانستان، وفرز قوات خاصة لمساعدة الأميركيين على ملاحقة فلول "القاعدة" وزعيمها أسامة بن لادن. ولم يتعرض الخضر إلى أية خضَّة تذكر علما أن من مبادئ حزبهم الأساسية تقضي الامتناع عن المشاركة في أية حرب خارجية وترفض الحلول العسكرية للنزاعات.

ولا يزال أحد "الأصوليين" السابقين، النائب المخضرم كريستيان شتروبله (70 سنة) الذي عايش الحزب منذ تأسيسه، يأسف على تراجع الخضر عن العديد من مواقفه المبدئية السابقة. ويقول إن الحزب أصبح في رأيه "حزبا مستتبا، ويلبس أعضاؤه الثياب الرسمية". لكن الناخبين يرضون بذلك على ما يبدو، وهم انتخبوا الحزب بأعلى نسبة من الأصوات حتى الآن في الانتخابات الأخيرة، الأمر الذي يُفرح شتروبله أيضا الذي يفخر بانتخابه في دائرته في برلين بأكثر من 50 في المائة من الأصوات للمرة الثانية على التوالي، الأمر الذي لم يحققه أي نائب أخضر آخر من قبل.

أسئلة كثيرة عن المستقبل والتحالفات

#b#

واليوم يجلس نواب حزب الخضر على مقاعد المعارضة من جديد في ظل أسئلة كثيرة تحوم في أذهانهم حول مستقبل عملهم وتحالفاتهم المستقبلية. وعليهم اليوم أن يحددوا من جديد ما إذا كانوا سيعدلون من إستراتيجية التحالف مع اليسار، أي مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي المكسور الجانح حاليا وحزب اليسار المتهم منهم الآن بأنه لا يتبع سياسة خارجية واقعية تؤهله للمشاركة في الحكم على المستوى الاتحادي. ولا يخفى على أحد أن قيادة الحزب تبحث منذ فترة فكرة التوجه نحو الأحزاب اليمينية والمحافظة مثل الاتحاد المسيحي والحزب الليبرالي وانعكاس ذلك على أعضائهم ومؤيديهم وتقدير مدى التنازل الذي سيضطرون إلى تقديمه لقاء تغيير التحالف علما أن ثمة من يرفض ذلك رفضا قاطعا.

أسئلة كثيرة تشغل بال قيادة الحزب يضاف إليها عامل جديد يتمثَّل في عدم ظهور جيل جديد يحل محل القادة الحاليين الذين دخلوا طور الكهولة حاليا. لكن المطلعين على شؤون الخضر يؤكدون أن الحزب تجاوز في الماضي أزمات أكبر بكثير من الموجودة حاليا. والهدوء النسبي الذي يلفه حاليا لا يعني أن أعضاءه فقدوا الحمية وحبَّ النقاش والجدال، بل قد يكون الاستراحة التي يحتاجون إليها حاليا لتحديد أهداف المستقبل الجديدة أو المتجددة.

الكاتب: اسكندر الديك

مراجعة: طارق أنكاي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد