1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مافيات في مطار البصرة

رياض البغدادي٢٩ أغسطس ٢٠١٣

مازالت البنية التحتية في العراق ومن بينها مطاراتها بالمستوى المطلوب ومنها مطار البصرة، لكن المشكلة ليست في المبنى فقط، وإنما في العاملين وطاقم الخدمة أيضا حسب رأي الكاتب رياض البغدادي.

https://p.dw.com/p/19YY7
Basra, Iraq's second-largest city and the hub of its oil sector, is pictured on January 17, 2011. Ruled not long ago by Shiite Muslim militias, the Persian Gulf port is stable again and expanding with the oil industry.
صورة من: picture-alliance/dpa

نتفهم كثيراً الوضع الأمني في العراق ولا يمكن لأي انسان أن يغمض عينيه عن الجرائم الارهابية التي تنتهك حرمة الدم العراقي في كل يوم بل في كل ساعة ابتداءً من أقصى نقطة في شمال العراق إلى آخر ذرة تراب على ضفاف مياه الخليج الدافئة.

وأيضا نتفهم الوضع السياسي الذي يمر فيه العراق الذي لازال في دور الحضانة في سلم التدرج الديمقراطي والذي تمر فيه الشعوب عادةً في رحلتها إلى صعود الصرح الديمقراطي وإن كنت أتحفظ على هذا الوصف إذا قُصد به الشعب العراقي لأن الشعب العراقي هضم العمل الديمقراطي وأجاد استخدامه لكن الذي لازال في دور الحضانة في العمل الديمقراطي هم السياسيون.. ونتفهم كثيرا المؤامرات التي تحاك لعراقنا الحبيب لتفتيت لحمته الوطنية وتفكيكه لبيعه خردة في وول ستريت بدءً من مؤامرات الربيع العربي الذي كنا نحسبه ربيعاً إلى صيف الكهرباء العراقي ودعابة تصديره إلى المانيا. لكن الذي لا نتفهمه ولا يمكن لنا السكوت عنه ولا يستطيع غيور عراقي أن يتجاهله هو "مافيات" النقل التي أدخلت مطارات العراق في محمياتها وسلطانها بحيث أصبحت عصية حتى على أكبر مقاتلي بدر الذين استلموا وزارة النقل حيث تأملنا منهم خيراً في إزاحة هذه "المافيات" المعشعشة في مطارات العراق وبالخصوص في مطار البصرة.

لم أكتب مقالي هذا بالرغم من أني وعدت من رافقني في رحلة الطيران من مطار دوسلدورف في المانيا إلى مطار البصرة مروراٍ بمطار دبي لأني كنت أنتظر نتيجة الشكوى التي أدخلتها في صندوق الشكاوى المعلق على أحد جدران المطار حيث تعوّدت أن أتبع الطريقة التي اختارها المسؤولون في معالجة الخلل لكي أُلقي الحجة عليهم أولا ثم بعد ذلك أكتب ما أراه مناسبا نصرة لعراقنا الحبيب الذي نتمنى له أن يكون أفضل وأكثر تطوراً ونمواً.

بدأت سفرتي من بيتي إلى مطار دوسلدورف الذي يبعد 38 كيلوا متر مستقلاّ أحد أكثر القطارات تطورا في العالم دافعا 4.90 اربعة يورو وتسعين سنتاً وهي تعادل سبعة آلاف دينار عراقي لاغير ومن المطار إلى دبي ثم إلى مطار البصرة وهنا بيت القصيد ومأساة لا تنتهي ابتلى بها العراقيون أهل الحضارة والغنى.

تحدي وزير النقل

عندما نزلت من سلم الطائرة الاماراتية العملاقة كانت تنتظرنا باصات نقلتنا إلى صالة المطار المظلمة فأستقبلنا ضباط الجوازات بأحسن استقبال وأجمل ابتسامة عراقية خالصة بالرغم من أن العراقيين لا يتوقعون ابتسامة من ضباط برتبة عقيد ومقدم وأقسم أنهم يقدمون المساعدة بأفضل مما يتوقعه انسان من شعب حطمته الحروب وأفجعه الطغاة... وبعد انتهاء فحص الجواز انتقلنا إلى استلام الحقائب فقدم لي أحد عمال النظافة عربة حمل عليها حقائبي وسار معي إلى بوابة الصالة وقلبي يحدثني عن سبب ترك عمال النظافة واجباتهم في تنظيف صالة المطار التي يتقيأ الداخل إليها من النتانة، فبادرت أسأله عن سر مساعدته لي وترك واجبه في التنظيف فأجابني بكل حسرة ذلك الصبي الذي لايتجاوز عمره الخمسة عشر ربيعا أنه ملزم بهذا العمل ليجني خمسة آلاف دينار عن كل مسافر، يدفعها إلى رئيسه في شركة التنظيف لكي يبقيه مستمرا في العمل لليوم التالي ... شرط أن يدفع على الاقل عشرة آلاف يوميا ... فدفعت له الخمسة آلاف بكل لوعه وحزن ... على مصير بلد هذا حال شبابه ... ولما صرنا إلى بوابة الصالة فوجئنا بأن أصحاب السيارات السوداء يطالبوننا بدفع 30 الف دينار لنقلنا إلى بوابة المطار الخارجية التي تبعد اقل من 2 كيلو متر وهي تساوي عشرين يورو !!..تصوروا .... انتقل في المانيا بأحداث قطارات العالم مسافة 38 كيلو متر بسعر سبعة آلاف دينار ويراد مني دفع 30 الف دينار لمسافة اقل من 2 كيلو متر وهي المسافة التي تفصل صالة مطار البصرة عن البوابة الخارجية .. طبعا رفضت هذا الابتزاز بكل عنفوان مشجعي (بايرن ميونيخ) الذين وفرت لهم الدولة طائرات بأسعار مناسبة نقلتهم إلى لندن للاستمتاع بمشاهدة مباراة بايرن مع برشلونه.. فقلت لمنظم دور إنطلاق السيارات (السرة) إن هذا ابتزاز وعمل خارج القانون ويجب على الدولة أن تعطي هذا الواجب إلى غيركم ليكون منصفا ولا يبتز المسافرين فأجابني بسخرية لم اعهدها من بصري سابقاً: ياقانون يادولة قانون والله (ما ننطيهه) ولو اضطرينا إلى حرق المطار بالهاونات عمي أنت سامع عن المافيات؟قلت له: نعم، قال: (احنه مافيات، شايف هذا وزير النقل ابو بدر؟ هم ما يكدر يشيلنه من هذا المكان)، قلت له: الذنب ليس ذنبك إنما هو ذنب وزير النقل وهو الذي يتحمل مسؤولية هذه السرقة التي يتعرض لها كل عراقي يجلبه حظه العاثر إلى مطار البصرة.

علما أن مطار اربيل يقوم بنقل المسافرين من صالات المطار إلى البوابة الخارجية مجانا مع توفير عمال آسيويين يتكفلون بحمل الحقائب وإنزالها وأيضا بالمجان.

فهل هذا أيضا كهرباء لا تستطيعون توفيره ياحكومة الازمات؟!

رياض البغدادي