1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

معاني ودلالات عودة الإرهاب للعراق

٣ سبتمبر ٢٠٠٩

د شاكر النابلسي

https://p.dw.com/p/JOFP

كما نشاهد على شاشات الفضائيات وفي الصحف، هناك محاولات دموية لعودة الإرهاب للعراق. ويتساءل معظم الناس:

لماذا عاد الإرهاب مرة أخرى إلى العراق في هذه الأيام على وجه الخصوص؟

ومن وراء هذا الإرهاب؟

وما هي الرسالة التي يريد الإرهابيون إيصالها إلى الشعب العراقي؟

أسئلة كثيرة ومختلفة حاول المحللون والمعلقون في الشرق والغرب الإجابة عنها. ولكن المهم أن لا أحداً – ما عدا القليل منهم – قد فوجيء بهذه التفجيرات، فقد كانت هذه التفجيرات منتظرة، ونتيجة حتمية ، لكل ذي بصر وبصيرة نافذة، خاصة بعد توقيع الاتفاقية الأمنية العراقية – والأمريكية، وبعد تنفيذ القوات الأمريكية الموجودة في العراق، خطة الانسحاب من داخل المدن العراقية.

وللإجابة على هذه الأسئلة ، نورد بعض الوقائع والحقائق التالية:

1- تأتي هذه الهجمات الإرهابية عشية الذكرى الثامنة لكارثة 11 سبتمبر 2001. ولهذا التأريخ أهمية بالغة، وحساسية خاصة، لدى زعماء العصابات الإرهابية. كما أن لتوقيت هذه الهجمات الإرهابية عشية هذه الذكرى الأليمة أهمية بالغة كذلك. فقد بدأ الإرهاب الديني السياسي المليشاوي المسلح ينحسر، بعد كارثة 11 سبتمبر، وبعد غزو أفغانستان والعراق، ودحر الإرهاب في العراق على النحو الذي تمَّ وخاصة في عامي 2007، 2008، حيث أجمع المراقبون على تراجع العمليات الإرهابية في العراق خاصة تراجعاً كبيراً ، كما مُنيّت "طالبان" و "القاعدة" بخسائر كبيرة. يُضاف إلى ذلك، أن عمليات "القاعدة" الإرهابية في السعودية، قد تراجعت كثيراً وبشكل ملحوظ، سيما بعد القبض على مئات الإرهابيين، وكان آخرهم الخلية المكونة من 44 عنصراً بينهم سعوديون يحملون شهادة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية، مما يُمكِّن هذه المجموعة – كما قالت مصادر وزارة الداخلية السعودية – من التفجير الإرهابي بالريموت كنترول من أمكان بعيده، بحيث يكون التفجير في السعودية، وإشارة التفجير في بلد مجاور كالعراق مثلاً، أو العكس. ورغم تهديد "القاعدة" بالقيام بعمليات إرهابية في أوروبا وأمريكا، فإن ذلك لم يتم خلال السنة الماضية وخلال العام الحالي كذلك. لذا، فإن تنظيم "القاعدة" الإرهابي، والتنظيمات الأخرى المماثلة لها، والتي تتلقى الدعم المالي واللوجستي والعسكري والسياسي من دول جوار العراق وخاصة سوريا وإيران، أراد بهذه التفجيرات الدموية الفاجرة، أن يُذكر الناس سُنَّة وشيعة وهم مقبلون على صيام شهر رمضان المبارك، بأنهم هنا، وهناك، وما زالوا أقوياء، وما زال باستطاعتهم القتل الجماعي المدمر، كما حصل في بغداد وقرب وزارة الخارجية العراقية.

2- من المعلوم أن الانتخابات النيابية العراقية القادمة سوف تُعقد في 15/12/2009 وهو موعد قريب، أرادت به العصابات الإرهابية أن تُذكِّر العراقيين، كما جرى في الانتخابات التشريعية الماضية (30/1/2005)، بأن القتل والموت ينتظر المرشحين والمقترعين كذلك. وهو ما أعلنه في ذلك الوقت الزرقاوي النافق، من أن الانتخابات آليةٌ من آليات الديمقراطية الغربية الكافرة والمرفوضة من الإسلام والمسلمين. والتفجيرات الإرهابية التي تمَّت في العراق مؤخراً، وحصدت مئات القتلى والجرحى ما هي إلا تذكرة لأولي الألباب من العراقيين، لكي يحذروا من المشاركة في الانتخابات القادمة. ولتؤكد لهم العصابات الإرهابية بأنها ما زالت تعمل على أرض العراق، وبأنها ستنزل الدمار والقتل فيه في الانتخابات القادمة.

3- ما لا تعلنه الحكومة العراقية والمسئولون العراقيون، هو أسماء دول جوار العراق، التي تقوم بدعم الإرهاب في الماضي والحاضر والمستقبل - إن كان للإرهاب مستقبل – ولكن أصبحت هذه الدول معروفة وواضحة وضوح الشمس. فسوريا وإيران هما وراء عصابات الإرهاب. وكما سبق وقلنا، فإن قواعد وجود الحكم السوري هو الإرهاب. فليس لديه من أسلحة سياسية واقتصادية وثقافية غير هذا السلاح الذي يستعمله في نواح شتى من العالم العربي، لكي يُظهر قوته وزعامته المزعومة. وسوريا اليوم، تستدرج أمريكا للوقوف على بابها وإلى صفها للخروج نهائياً من عزلتها الدولية والإقليمية، التي فُرضت عليها بعد انسحابها من لبنان 2005، ومقتل رفيق الحريري. وهي تفعل بذلك – وبذكاء استخباراتي شديد مُستمد من جهاز المخابرات الألمانية الشرقية "شتازي"- الفعل وخلاف الفعل؛ إي أنها تساند وتدعم التنظيمات الإرهابية، وفي الوقت نفسه تستنكر جرائم هذه التنظيمات وتدّعي أنها تعتقل بعض أفرادها. ولا شك أن السفارة السورية في بغداد – وقد كنا قد حذّرنا وعارضنا افتتاحها - قد سهّلت أكثر من الماضي خطوات دعم هذه التنظيمات. إذ أصبحت الاستخبارات السورية تقود العمليات الإرهابية من وسط بغداد بدلاً من وسط دمشق. ومن خلال السفارة السورية في بغداد التي وفرت على الإرهابيين مشقة الاتصال بدمشق لتلقي العون، والأوامر، والخطط. وإيران تلعب اللعبة نفسها. بل إن إيران وسوريا من خلال ترصدهما للأمريكي - العدو الأول لهما – في العراق، يحاولان إيذاء أمريكا بهذه الهجمات الانتحارية الإرهابية الجديدة، لدفعها لطلب العون من إيران وسوريا لاستتباب الأمن في العراق وأفغانستان. وفي هذه الحالة تفرض هاتان الدولتان على أمريكا شروطهما ومطالبهما. وهي الطريقة الشيطانية الوحيدة لكي تحصل كل من سوريا وإيران على ما تريدان من أمريكا في عهد الإدارة الجديدة، وخاصة ما يتعلق بالصراع العربي – الإسرائيلي، ومفاوضات السلام القادمة، التي تمَّ عرقلتها من قبل إسرائيل التي ترفض المفاوضات غير المباشرة عبر الوسيط التركي، وتطالب بمفاوضات مباشرة وجها لوجه مع سوريا، ومن قبل سوريا التي ترفض المفاوضات المباشرة، وتصرُّ على المفاوضات غير المباشرة عبر الوسيط التركي. وفي هذه الحالة، فإن أمريكا هي القادرة الوحيدة على حلِّ مثل هذه العقبة الجديدة والوصول إلى حلٍ وسط، ربما سيتمثل في أن تحلَّ أمريكا محل تركيا كوسيط، كما تمَّ في مفاوضات السلام بين مصر وإسرائيل، وانتهى إلى "اتفاقية كامب ديفيد"، 1979. وكما تمَّ بين الأردن وإسرائيل، وانتهى إلى "اتفاقية وادي عربة"، 1994.