1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

من يهدد الصحفيين في العراق ؟

ملهم الملائكة٩ مايو ٢٠١٤

لايخشى الصحفيون غالبا في العراق سلطات الأمن والشرطة والجيش، بل أنهم يفتقدون دورها ويطلبون حمايتها وسط تهديد كارتلات الفساد ومافيا النفط وعصابات تهريب وبيع السلاح والميلشيات والإرهابيين القتلة.

https://p.dw.com/p/1Bwr0
Journalist Spc. Bernard S. Wiess Irakkrieg Irak USA
صورة من: picture-alliance/dpa

بعد 2003 صار بإمكان العراقيين أن ينتقدوا كل شيء ويهاجموا في وسائل الإعلام من يشاءون. يُفسر البعض هذا بأنه حرية، وهو فعلا حرية بلا حدود من جهة الحكومة والسلطات. لكن في العراق هناك قوى أخرى يمكن أن تطارد الصحفي وتهدده، منها : المسلحون من كل نوع، والعصابات، ومافيا تهريب النفط، وعصابات تهريب العملة، وعصابات تجارة السلاح وعصابات ترويج الدعارة. كما أن هناك جهات أكثر خطورة يشكل اقتراب الصحفي منها خطرا على حياته.

وهناك قائمة ممنوعات طويلة لم تخرج من أروقة الحكومة، بل فرضها واقع الحياة والناس والقوى الفاعلة في الشارع. هذه القوى غير المرئية وغير الرسمية صارت تهدد حرية عمل الصحفيين، بل وتحدد عملهم، وتهدد حياتهم.

" أنا حر ولكني خائف"

الصحفي والإعلامي سيف الخياط كان حاضرا في حوار مجلة العراق اليوم من DW وافتتح الحوار بعبارة تصف وضعه كصحفي" أنا حر ولكني خائف" ، ومضى مؤكدا أن المخاوف تتعلق بحياته كصحفي وتتعلق بمصير المادة الصحفية التي يشتغل عليها.

وأكد الخياط أن المخاطر التي تواجه صحفيي العراق ( خارج مظلة السلطة والحكومة وأجهزتهما) تشبه مثيلاتها في اغلب بلدان العالم " فالخطوط الحمراء على مافيا النفط موجودة ليس في العراق فحسب بل في غالبية دول العالم ، خصوصا الدول المنتجة للبترول "، وأكد الخياط أن الخطوط الحمراء مرتبطة بتجار السلاح والجماعات الإرهابية أيضا، ولخص القول في أن العالم يجهل الكثير عن تلك المنظمات والكارتلات العملاقة ، ويجهل كيفية الوصول إلى قادتها ، وبالتالي فإن الصحفي لن يصل بسهولة إلى مصادر الخبر والقصص الصحفية فيها بسهولة، واصفا ذلك بالقول " الصحفي سيكون أشبه بالانتحاري إذا ما حاول دخول هذه المناطق المحرّمة".

Screenshot Schuh-Angriff auf US-Präsident Bush
الصحفي سيف الخياط في لحظة حرجة من مسيرته الصحفيةصورة من: Getty Images

من جانب آخر، نشر مرصد الحريات الصحفية في العراق بيانا كشف فيه أنّ مجمل الانتهاكات المرتكبة بحق الصحفيين وحرية العمل الإعلامي عام 2014 التي وثقها بلغت 328 انتهاكاً.

"المافيا المتنفذة في ايطاليا هي صاحبة الصوت الأعلى"

وفي سياق دور السلطات وأجهزة الأمن في انتهاك حريات الصحافة، قارن سيف الخياط بين دور السلطة والحكومة في عهد صدام حسين وبين دورهما الآن مؤكدا " أن الصحفيين اليوم يطالبون الدولة بحمايتهم ليتمكنوا من العمل، الدولة ( السلطة والحكومة) اليوم عنصر ضعيف في المعادلة ، عكس ما كانت عليه في عهد صدام حسين".

في مجال المقارنة، تشتهر دول أمريكا اللاتينية وأمريكا الوسطى إضافة إلى المكسيك بقوة الكارتلات والمافيا التي تكتسبها في الغالب من تفشي الفساد الإداري، ويعاني الصحفيون في دول تلك المناطق من ضغط العصابات والمافيا وكارتلات النفط والاتصالات والسلاح والدعارة، علاوة على قوة ونفوذ الميلشيات المسلحة ، وهم لا يستطيعون في الغالب كشف الحقائق وعرضها للجمهور بسبب ضغوط كل تلك القوى، ولعل هذا يفسر سبب نُدرة الأخبار التي تتسرب إلى أجهزة الإعلام والصحافة من تلك المناطق.

لكن الصحفي سيف الخياط، نقل صورة أخرى عن الكارتلات والمافيا، حين كشف أن صحفية ايطالية يعرفها عن كثب، قد لجأت مؤخرا إلى فرنسا ( حيث يقيم ) هربا من سطوة المافيا الايطالية ، ولأن جهاز الشرطة الايطالية بكل وسائل قدرته غير قادر على حمايتها" لأن المافيا المتنفذة في ايطاليا هي صاحبة الصوت الأعلى".

Journalistenarbeit in Nadschaf
صحفيون حوصروا بين نيران الميلشيات في النجف عام 2004صورة من: picture-alliance/dpa

صحفيون عراقيون في مؤسسات دولية

ورغم سوء الأوضاع الأمنية في العراق ورغم تفشي الفساد ووصوله إلى مستويات مخيفة، فإنّ وضع الصحفيين العراقيين شهد تغيرا نوعيا بعد عام 2003، فهناك اليوم نقابتان ( أحداهما غير مدعومة من الحكومة) تمثلانهم، كما أن مستوى أجورهم ارتفع بما يناسب طبيعة عملهم وصار يضاهي مستوى اجورهم دوليا، وازدادت فرص عملهم في مؤسسات إعلامية وصحفية مستقلة غير خاضعة للدولة، وقلت تهديدات أجهزة الأمن والسلطة والحكومة لهم بشكل لا يقارن مع ما كان عليه الوضع إبان سلطة دولة صدام حسين. كما أنّ النساء بتن يشاركن بمساحات أوسع في العمل الصحفي والإعلامي، لدرجة أن العراق بات من ضمن الدول العربية التي تصدر صحفيين إلى أجهزة الإعلام الدولية. وفي هذا السياق، أشار سيف الخياط ، إلى قانون حقوق الصحفيين الذي حقق مكاسب هامة للصحفيين في العراق، كما قارن بين أوضاعهم في العراق وبين أوضاعهم في بلدان الشرق الأوسط عموما ، مشيرا إلى أن وضعهم في العراق ( رغم كل مساوئه ومخاطره) أفضل بكثير من وضع اقرانهم في السعودية وإيران وتركيا.

لكن الصحفية أمل الشمري وفي مداخلة هاتفية من بغداد اشتكت من غياب الحرية الحقيقة للصحفيين، مشيرة إلى أنهم منذ عام 2003 يتمتعون بالحرية " بالاسم فقط"، حسب تعبيرها، مشيرة إلى أنها "تعرف كثيرا من الصحفيين الذين تعرضوا إلى الاعتقال أو التهجير من مناطق سكناهم بسب أقوال أو مقالات نشروها تدين شخصا معينا في الدولة".

وقارنت أمل الشمري حرية الرأي في العراق بمثيلتها في مصر، مشيرة إلى أنّ كلمة واحدة كانت كافية لتحريك الشارع المصري وتغيير كل الأوضاع في ذلك البلد ، وهذا لا يحدث في العراق.