1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

3 سيناريوهات لمستقبل العراق

حوار مع هادي جلو مرعي٢١ فبراير ٢٠١٣

تحدث رئيس مركز القرار السياسي للدراسات في العراق هادي جلو مرعي عن معطيات المرحلة و التحولات التي طبعت العالم والمنطقة بسلوك مختلف واصفا التطورات التي قد تؤدي بالعراق ليكون ساحة للتجاذب والصدام. حاوره مصطفى النعيمي.

https://p.dw.com/p/17icf
صورة من: picture alliance / dpa

*تتحدث في أدبياتك السياسية ،وفي المنابر الإعلامية عن طبيعة سلوك يؤثر في مستقبل الصراع في العراق، وتصور ذلك إنه نوع من الصدام الذي يمنع المشاركين والمنغمسين فيه من أن يتصوروا شكلا آخر للحياة فهل ترى أنك تأتي بالحل حين تدعو للدكتاتورية ؟

وأنا أقول وبصراحة متسائلا أيضا،هل هي الوصفة التي يمكن أن يتم من خلالها شفاء المريض ؟أم هي الرصاصة التي تطلق عادة على حصان كسرت ساقه في سباق شاق، وتسمى رصاصة الرحمة؟ لا أعرف تحديدا، ولكنها خيارات مطروحة على طاولة البحث والنقاش في بلد لا يبدو أن مهندسي السيارات المفخخة، والأحزمة الناسفة، والعبوات اللاصقة، وكواتم الصوت لديهم النية في التخطيط لهندسة أشياء أخرى كهندسة الحدائق، ومدن الألعاب والمستشفيات، ودور رعاية الأطفال والمصارف والملاعب والساحات العامة والطرق ،هي مهنة إذن أختلط فيها الحابل بالنابل، وجرت إليها أبرياء الناس، ووحوشهم، وأوجدت مساحة لمجموعات بشرية، وتكتلات سياسية لتكون حاضرة في الميدان حد التهريج ،والصراخ دون جدوى، ودون فهم من المتلقي الذي لم يعد يميز بين الألعاب النارية والمفرقعات وبين أصوات الإنفجارات، ودوي صفارات الإنذار والسيارات المفخخة.

*الفوضى تنتج الفوضى ماذا لو بقيت تحرك المشهد في بلاد مأزومة بعوامل الاحتقان، والصدام المذهبي والقومي؟

- الفوضى الحالية هي وليدة للفوضى الخلاقة التي أدعتها مستشارة الأمن القومي الأمريكي السيدة كونداليزا رايس في الفترة التي شهدت التمدد الأمريكي الواسع في الشرق الإسلامي ،خاصة تلك التي أحدثها جورج بوش الابن بسياساته التي تمثل عصارة الفكر الجمهوري ، وكان نصيب العراق من تلك الفوضى كبيرا ،ويجب الفصل بين الحاجة الملحة والرغبة العارمة في الداخل العراقي لتغيير النظام الدكتاتوري ، والفعل الأمريكي القبيح في تحويل العراق الى ساحة للصراع مع مختلف الدول ذات الطموح، وصاحبة السجل الحافل بالتدخل من جهة،وتنظيم القاعدة والمجموعات الجهادية المنسلة من غياهب العالم الموبوء بالعتمة والتصلب والوحشية والفكر المتحجر كما الديناصورات الهالكة منذ ملايين من السنين أنقضت من عمر الحياة على هذا الكوكب البائس من جهة أخرى ،و لا يبدو من رغبة لدى المجموعات السياسية والدينية في العراق لفعل شئ حقيقي لمغادرة ساحة الفوضى التي تلبي رغبات وأطماع البعض وطموحاته ، فإذا بقيت الفوضى تغذيها المطامع والنوايا السيئة فلن يكون ممكنا التقدم بخطوات إيجابية نحو المستقبل.

*هل أنت مولع بالدكتاتورية، أولا يعد شذوذا منك أن تدعو لها في بلد قدم الملايين من أبنائه ضحايا لهمجيتها؟

- الدكتاتورية في المجتمعات الشرقية دواء ناجع لكل الأمراض المستعصية شريطة أن تكون دكتاتورية بمعنى ( الحزم ) لا قهر الآخر من أجل البقاء في السلطة ،دكتاتورية لا تشبه دكتاتورية صدام حسين، ولا حسني مبارك، ولا علي عبد الله صالح ،ولا زين العابدين بن علي .

سلطة دكتاتورية هي أقرب الى الحزم من التسلط . ففي الشرق العربي خاصة لا رغبة لدى الناس ليعيشوا الديمقراطية بمعناها الحقيقي ،إلا إذا كانت تلبي لهم نفوذ المذهب والقومية والفكر الذي لا يقبل ولا يتقبل الآخر ،هي إذن ديمقراطية تحقق لي أهدافي، ولا تلبي للآخر شيئا ،وهي مرفوضة، لكنها تنتعش في ظل الجهل والتعصب الأعمى والتخلف والأطماع، وحب السلطة ،و لا تسمح للعدالة الاجتماعية أن تسود، ولا للمشاركة أن تكون حاضرة في صناعة القرار ،وهي بالتالي نوع من الخراب المقنن ،صدقني فأنا لا أحبذ الدكتاتورية ولا أدعو لها لكني أستفز الوجدان المعذب في الشرق العربي لينتفض ويفعل شيئا قبل خراب الدنيا .

*هل أنت مع تقسيم العراق ؟

- لا بالطبع ولكن لم يبق سوى التقسيم.. ولماذا ؟

ففي بلد يرفض أبناؤه التعايش إلا في ظل غلبة طرف على آخر ،لا يكون متاحا للديمقراطية أن تنتعش،وفي بلد فقد سلطة المركزية والدكتاتورية بمعنى الحزم لا التسلط ،لا يكون من الحكمة المداومة على الانتظار بينما الناس تقتل ، والمجموعات التي تكفر على هواها ،وتحتل مناطق بكاملها تستعد لتحويل المنطقة الى غابة، وتنشر الفكر المتطرف على هواها ،وإذن فلا حل سوى باختيار التقسيم وليذهب كل إلى شأنه وليتقاتل إن شاء في ميدانه .

*كيف تتصور مستقبل العملية السياسية ؟

- بصراحة أنا كبقية العراقيين في قلق كبير من تنامي ظاهرة التشدد السياسي والطائفي والقومي في بلدنا الذي ما يزال في البداية على صعد شتى والخوف الأكبر من أن ننساق الى صدام مسلح يؤذينا جميعا ،ربما الحل عند علماء دين بعينهم وشيوخ عشائر بعينهم وسياسيين بعينهم ،ولا بأس أن يفكر الآباء ،ويخططوا لصناعة مستقبل جيد لأبنائهم، وعلينا أن نوافقهم على ذلك لنؤمن الشتات والضياع ،فالعراق لا يستحق الهزيمة على أية حال.