1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إجراءات مكافحة الإرهاب الجديدة تثير مخاوف لدى مسلمي ألمانيا

عبده جميل المخلافي٥ سبتمبر ٢٠٠٦

أثار اتفاق لوزراء داخلية الولايات الألمانية حول إنشاء بنك لتخزين المعلومات الشخصية بغرض مكافحة الإرهاب ردود فعل متباينة. الجالية المسلمة مقتنعة بأهمية الإجراءات لكن تضمين بنك المعلومات لمفردة الديانة يثير مخاوفها.

https://p.dw.com/p/95F3
كلما زاد خطر الإرهاب كلما زاد طمع الأجهزة الأمنية للتدخل في الشئون الشخصيةصورة من: dpa

أحدثت المساعي الجديدة للحكومة الألمانية الخاصة بتشديد الإجراءات الأمنية بغرض مكافحة الإرهاب ردود أفعال مختلفة في الساحة السياسة والشعبية الألمانية، لاسيما وإن هذه الإجراءات تتصل مباشرة بالحريات الشخصية والحقوق المدنية للمواطنين والمقيمين على حد سواء. يذكر أن وزراء داخلية الولايات الألمانية الستة عشر كانوا قد توصلوا في اجتماع استثنائي عقد أمس الاثنين(4 سبتمبر/ايلول)، بحضور وزير الداخلية الإتحادي فولفجانج شويبله، إلى اتفاق مبدئي على إنشاء بنك معلومات لمكافحة الإرهاب يسمح للأجهزة الأمنية الألمانية بتخزين وحفظ المعلومات الشخصية للأفراد. ويشتمل المقترح على شقين أولهما تخزين معلومات عامة كالاسم والعمر والجنسية والديانة بينما يتضمن الشق الثاني معلومات شخصية أكثر تفصيلا.

وقد أحتل موضوع الديانة جانبا هاما من النقاش سواء داخل الدوائر الرسمية أو الشعبية لما لهذه النقطة من حساسية خاصة ينظر إليها البعض بأنها قد تستهدف اتباع الديانة الإسلامية بما ينطوي على ذلك من تمييًز يتعارض مع الحقوق الدستورية وحقوق الإنسان. هذا ومن المتوقع أن يعرض الوزراء مقترحا بهذا الشأن في شكل مسودة قانون على الحكومة خلال الأسابيع القليلة القادمة، مما قد يعني أن القانون قد يصدر في نهاية العام الحالي، لكن بناء بنك المعلومات من الناحية الفنية قد ينجز حتى صيف العام2006.

"بنك المعلومات لن يكفي وحده لمنع الإرهاب"

Bundesinnenminister Wolfgang Schäuble
وزير الداخلية الألماني فولفجانج شويبلهصورة من: AP

يشار هنا إلى أن التوصل إلى مثل هذه الخطوة كان قد استغرق نقاشات طويلة على مدى السنوات الماضية، لكن يبدو أن المسؤولين الأمنيين في البلاد وكذا السياسيين ومعهم جزء من الرأي العام قد اقتنعوا أخيرا بضرورة تشديد الإجراءات لمواجهة الإرهاب، لاسيما بعد محاولات التفجير الفاشلة لقطارات ألمانية في نهاية الشهر الماضي. في هذا السياق يعتبر بعض الألمان عن حسرتهم لأن عواقب الإرهاب تطال مجتمعاتهم وتمس مباشرة حقوقهم المدنية والشخصية بحيث أصبح يتحتم عليهم، تحت مبرر مكافحة الإرهاب، التنازل طواعية عن جزء من حرياتهم وحقوقهم التي انتزعوها عبر عقود من الزمن.

هذا وقد تفاوتت الآراء إزاء الإجراءات التي أتفق وزراء الداخلية على اتخاذها. فقد عبرت بترا باو نائبة رئيس الكتلة البرلمانية لحزب اليسار المعارض عن شكوكها في إتساق هذه الإجراءات مع روح الدستور الألماني. واعترضت البرلمانية الألمانية المعارضة على تعويل أهمية كبيرة على بنك المعلومات في مكافحة الإرهاب. أما حزب الخضر المعارض، والذي يُعتقد بأنه عرقل على مدى سنوات أثناء وجوده في السلطة مثل هذا الاتفاق، فقد عبر عن حرصه على عدم استغلال مثل هذه المعلومات الشخصية في غير مكافحة الإرهاب، حسبما جاء على لسان المتحدث باسم الحزب فولفجانج فيلاند. أما مسئولة الشئون الداخلية في الحزب الإشتراكي الديمقراطي المشارك في الائتلاف الحاكم، جيزيلا بيلتز، فقد قالت بأن الاتفاق على فهرس للبيانات الشخصية الأولية هي خطوة على الطريق الصحيح. لكن المسئولة الحزبية لفتت النظر إلى أن توسيع عملية تخزين معلومات شخصية، وهو الشق الثاني من الاتفاق، يمثل مشكلة دستورية معقدة ومسألة تتعلق بحق حماية المعلومات.

من جانبها رحبت نقابة الشرطة الألمانية على لسان رئيسها كونراد فرايبيرج، بالقواعد الجديدة، لكن المسئول الأمني الألماني حذر من أن بنك المعلومات لوحده لن يكفي لمنع وقوع هجمات إرهابية. يذكر في هذا السياق بأن فرايبيرج كان قد أنتقد في وقت سابق تعدد الأجهزة الأمنية المختصة بمكافحة الإرهاب وضعف التنسيق وتبادل المعلومات بين هذه الأجهزة وكذلك قلة فاعلية أنظمة جمع المعلومات وتداخل الاختصاصات حتى انه لم يعد واضحا من هو "الحكم في الحلبة"، حسب تعبيره.

مخاوف مسلمي ألمانيا من استهدافهم بهذه الإجراءات

Pressekonferenz der muslimischen Verbände gegen Terror und Gewalt
مسلمو ألمانيا يرفضون الربط بين الإرهاب والإسلامصورة من: picture-alliance/dpa

علي كيتسلكايا، رئيس مجلس مسلمي ألمانيا، في مقابلة مع موقعنا قال أن اتخاذ إجراءات لمكافحة الإرهاب صار ضرورة لحماية الأمن في البلاد وليس لدى مسلمي ألمانيا إعتراض على أي إجراءات تهدف لحفظ الأمن مؤكدا رفض المسلمين للأعمال الإرهابية باسم الدين وكذا رفض الربط بين الأعمال الإرهابية والدين الإسلامي وبالتالي إطلاق تهم جماعية على المسلمين. وينتقد كيتسلكايا إضافة فقرة الديانة إلى قاعدة المعلومات المزمع إنشائها لما قد يمثل ذلك، في رأيه، من ربط مباشر أو غير مباشر بين الإسلام والإرهاب، بينما "الإسلام لا علاقة له بالإرهاب". ويعرب رئيس مجس مسلمي ألمانيا عن اعتقاده بأن مسعى وزراء الداخلية ربما قد يتعارض مع الدستور الألماني، حسب قوله "ونحن في انتظار تبلور القانون" حتى نحكم على الأمور. وحول أثر مثل هذه الإجراءات على اندماج المسلمين في المجتمع الألماني قال كيتسلكايا بأنها ستقوض عملية الإندماج وستزعزع الثقة بين المسلمين والمجتمع الذي يعيشون فيه وتقلل من عملية القبول بالآخر.

من جانبه يتفق محمد الوناس، من المعهد العربي في برلين، مع رئيس مجلس مسلمي ألمانيا على أهمية الإجراءات في حفظ الأمن في البلاد، حسب تعبيره في مقابلة مع موقعنا. بل إن الوناس رحب بهذه الإجراءات إذا كانت ستحول دون وقوع أعمال إرهابية. لكن الباحث في المعهد العربي في برلين أعرب عن مخاوفه من أن تستغل هذه الإجراءات سياسيا وتكون أداه للتميز والتضييق على الحريات الشخصية وبالتحديد ضد أتباع دين بعينه كالمسلمين عموما وإجمالا دون تفريق. ويخشى الوناس من أن يحول مثل هذه الإجراءات دون اندماج المسلمين في المجتمع الألماني وهو الشرط الأساسي للتعايش الاجتماعي "لان الجميع سيظلون في حالة خوف".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد