1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إرهاق الغرب .. سيناريو يخيف أوكرانيا مع طول أمد الحرب

٢٣ أكتوبر ٢٠٢٣

مع اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل، تحولت بوصلة الاهتمام الدولي صوب الشرق الأوسط. تزامن هذا مع ظهور مؤشرات تدل على إرهاق غربي جراء طول أمد الحرب في أوكرانيا، فما تداعيات ذلك على الحرب الروسية في أوكرانيا؟

https://p.dw.com/p/4Xqad
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يستمع إلى كلام من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (21/9/2023)
يسعى بايدن لطمأنة كييف بشأن استمرار الدعم الأمريكي لأوكرانيا في ظل الخلافات داخل الكونغرس حيال استمرار المساعدات الأمريكيةصورة من: Evan Vucci/AP/picture alliance

تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بدعم أوكرانيا "مادام كان ذلك ضروريا"، في تأكيد شدد عليه المستشار الألماني أولاف شولتس في البيان الختامي لقمة الناتو الأخيرة.

بيد أن العالم شهد أزمة دولية جديدة مع هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، الذي أدى إلى تحويل بوصلة الرأي العام العالمي صوب الشرق الأوسط.

ويقول مراقبون إن الصراع في الشرق الأوسط قد يؤدي - في حالة طول أمده -  إلى تقييد موارد الدول التي اصطفت إلى جانب أوكرانيا منذ بدء التوغل الروسي أواخر فبراير / شباط العام الماضي، خاصة الولايات المتحدة، الداعم الأكبر لكييف.

ومن شأن هذا السيناريو أن يصب في صالح روسيا، وهو الأمر الذي دفع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مؤخرا إلى حث دول الناتو على عدم التراجع عن دعم بلاده، محذرا من أن روسيا ستحاول استغلال الوضع في الشرق الأوسط.

ووسط هذه المخاوف، خرج الرئيس الأمريكي ليؤكد قدرة بلاده على التعامل مع تداعيات الصراع في الشرق الأوسط والحرب المستمرة في أوكرانيا.

ففي مقابلة مع شبكة "سي بي إس" الأمريكية، قال بايدن: "لدينا القدرة على القيام بذلك وعلينا التزام بذلك. نحن الأمة الأساسية وإذا لم نفعل ذلك، فمن سيفعل؟"

بيد أن الرئيس الأمريكي ما زال يواجه خلافات مع أعضاء في الحزب الجمهوري، ممن يريدون قطع المساعدات عن أوكرانيا مما أثار أزمة داخل الكونغرس، ألقت بظلالها على المساعدات الأمريكية إلى كييف. لكن هذا المسار لم يكن وليد اندلاع الصراع بين حماس وإسرائيل، وفقا لما أشار إليه الباحث في الشؤون السياسية يوهانس فارفيك في جامعة هاله الألمانية.

وفي مقابلة مع DW، أضاف: "هناك تنافس على الاهتمام والموارد. لا أعتقد أن اللاعبين الرئيسيين سيتوقفون عن دعم أوكرانيا الآن، لكن الأولويات ستتغير".

دعم أوروبا لأوكرانيا "على المحك"

تزامن هذا مع تضاؤل التضامن الأوروبي مع أوكرانيا، وهو ما برز مع تهديد الحكومة البولندية بوقف شحن الأسلحة إلى أوكرانيا مؤقتا بسبب الغضب إزاء واردات الحبوب الأوكرانية ذات الأسعار الرخيصة.

ولم يتوقف الأمر على بولندا بل شمل الأمر سلوفاكيا، التي تعد من  أكبر الدول المؤيدة لأوكرانيا منذ اندلاع الحرب، لكنها شهدت مؤخرا فوز روبرت فيكو، السياسي الشعبوي الموالي لروسيا والمناهض لتقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا.

فخلال حملته الانتخابية، تعهد فيكو بأن سلوفاكيا لن تزود أوكرانيا - في حالة فوزه حزبه الشعبوي "سمير-إس دي" بالانتخابات - "برصاصة واحدة من الذخائر"، كما دعا إلى تأسيس علاقات جيدة مع روسيا.

وفي هذا السياق، عرقلت المجر إقرار الاتفاق الذي توصّلت إليه القمة الأوروبية والقاضي بـحظر القسم الأكبر من واردات النفط الروسي وفرض عقوبات جديدة على روسيا حيث واصلت بودابست شراء الغاز الروسي. تزامن هذا مع مساعي رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان لإحباط خطط تقديم المزيد من المساعدات المالية من قبل الاتحاد الأوروبي إلى أوكرانيا.

وفي تعليقه على ذلك، قال رودريش كيزيفيتر، الخبير في شؤون الدفاع والعضو بالبرلمان الألماني، في مقابلة مع DW إنه "بشكل عام، فإن الدعم لأوكرانيا يتضاءل بالفعل فيما انهار التماسك مع تزايد الأصوات المطالبة بـقبول السلام المفروض بما يشمل إجبار أوكرانيا الضعيفة على قبول شروط روسيا القوية".

أكد المستشار الألماني أولاف شولتس على استمرار دعم أوكرانيا طالما كان ذلك ضروريا
أكد المستشار الألماني أولاف شولتس على استمرار دعم أوكرانيا طالما كان ذلك ضرورياصورة من: Kay Nietfeld/dpa/picture alliance

ويرى رومان جونشارينكو، الصحافي في القسم الأوكراني في مؤسسة دويتشه فيله، أن أوكرانيا "يساورها شعور بخيبة أمل بأن الغرب قد سئم الحرب".

انتصار أوكرانيا العسكري..هل مازال ممكنا؟

الجدير بالذكر أن المساعدات العسكرية التي أرسلتها الدول الغربية إلى أوكرانيا ساعدت الأخيرة على تحقيق نجاحات عسكرية لكنها ظلت محدودة في مسار هجومها المضاد ضد الجيش الروسي، حيث لم تحرز كييف تقدما كبيرا حتى الآن.

في المقابل، يطلب زيلينسكي دعما عسكريا غربيا يشمل مقاتلات، حيث طلبت أوكرانيا رسميا من الحكومة الألمانية تسليمها صواريخ كروز من طراز "توروس"، لكن يبدو أن شولتس غير مؤيد لهذا النوع من التسليح، في موقف حظى بدعم 55 بالمائة من الألمان، وفقا لاستطلاع أجرته مؤسسة "يوغوف" للأبحاث.

وفي ذلك، قال رودريش كيزيفيتر إن التردد المستمر يعد المشكلة الرئيسية، مضيفا: "تساهم الدول الغربية بنفسها في عرقلة هجوم التحرير بسبب أنها تسلم القليل (من الأسلحة) بعد فوات الأوان. الأسلحة المتفوقة والدقيقة مثل صواريخ توروس كانت ستحدث تغييرا جذريا في حالة توافرها بكميات كافية".

الأمل الروسي في عودة ترامب

أما الجانب الروسي، فيسعى إلى استغلال عامل الوقت على أمل فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2024 وعودته إلى البيت الأبيض، وهو سيناريو سيعني إنهاء الدعم الأمريكي لأوكرانيا.

وفي تعليقه على ذلك، قال الباحث في الشؤون السياسية يوهانس فارفيك إن الدول الأوروبية لا يمكنها "تعويض الدعم الأمريكي، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة قدمت ما يقرب من 50 مليار يورو (52.8 مليار دولار) كمساعدات عسكرية وحدها في حين قدمت ألمانيا مساعدات عسكرية لكييف بقيمة حوالي 12 مليار يورو، رغم أن برلين تأتي في المرتبة الثانية بعد واشنطن في دعم أوكرانيا".

وقد أقر بذلك مسؤول السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، قائلا: "إذا أوقفت الولايات المتحدة دعمها (لأوكرانيا) أو خفضته بشكل كبير، فسوف تواجه أوكرانيا مشكلة لأن أوروبا لا يمكنها أن تحل محل الولايات المتحدة".

أوكرانيا ترفض التنازل عن الأرض مقابل السلام

ويرى مراقبون أن تزايد شعور الغرب بالإرهاق جراء الحرب يزيد الضغوط على السياسيين والدبلوماسيين الذين يسعون إلى إنهاء الحرب عبر المفاوضات.

ومن جانبه، شدد يوهانس فارفيك على أن تحقيق السلام عبر المفاوضات يعد "أمرا لا مفر منه على أي حال"، بما يشمل التفاوض حول "التغييرات الإقليمية التي حدثت في أوكرانيا وأيضا حول حيادها".

وأضاف: "كل هذه الأمور سوف تُطرح على طاولة المفاوضات إن لم يكن اليوم فغدا. في الواقع، كان ينبغي أن يحدث ذلك بالأمس، لكن الوقت الراهن يمثل التوقيت المناسب لإطلاق مثل هذه المبادرات".

لكن الصحافي رومان جونشارينكو يرى أن "أوكرانيا سوف ترفض أي تسوية تحمل في طياتها تنازلها عن الأرض مقابل السلام"، مضيفا: "لقد تكبدت (أوكرانيا) خسائر كبيرة وعانت كثيرا، وسوف ينظر إلى أي تسوية في هذا الإطار بمثابة مكافأة لروسيا."

كريستوف هاسيلباخ / م. ع