1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"إيران أمة نووية" ـ صعوبة التحول من منطق الثورة إلى منطق الدولة

١٤ فبراير ٢٠١٠

كشفت الاحتفالات بالذكرى الـ 31 للثورة الإسلامية، التي أعلن فيها الرئيس الإيراني بلاده "دولة نووية"، أن إيران مازالت تعيش منطق الثورة، كما كشفت عمق الأزمة الداخلية التي يرى فيها البعض "بداية النهاية للنظام الإيراني".

https://p.dw.com/p/M0jg
أحمدي نجاد يعلن إيران دولة نووية بمناسبة الذكرى الحادية والثلاثين للثورة الإسلامية.صورة من: AP

تكتسب احتفالات إيران بمناسبة مرور واحد وثلاثين عاما على انطلاق الثورة الإسلامية أهمية استثنائية. فهي تأتي بعد الانقسام الحاد الذي شهدته البلاد إثر الخلاف على نتائج الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل من جهة، ومن جهة أخرى تتزامن مع وصول النزاع حول البرنامج النووي الإيراني مع الغرب إلى نقطة غير مسبوقة. من هنا كانت الأنظار متجهة إلى شوارع طهران، والمدن الرئيسية الأخرى في إيران، الخميس، لمعرفة حجم مشاركة كل من معسكري السلطة والمعارضة في هذه المناسبة "القومية الجامعة" في البلاد.

فقد اعتبر البعض أن ذكرى الثورة الإسلامية ستشكل اختبارا حقيقيا للمعارضة ومدى قوتها وحضورها في الشارع الإيراني. إلا أن الباحث الإيراني الشيخ نجف علي ميرزائي يرفض هذا "المنطق" والفصل بين احتفالات السلطة والمعارضة، معتبرا أن المظاهرات التي جابت الشوارع الإيرانية بمناسبة ذكرى الثورة هذا العام تعتبر "الأكبر في تاريخ الجمهورية الإيرانية". كما يرفض ميرزائي أن تكون هذه المشاركة الكبيرة تعني تأييد المتظاهرين لحكومة أحمدي نجاد. ويضيف ميرزائي، وهو مدير مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، في حوار مع دويتشه فيله بأنه "يجزم بأن نسبة كبيرة من المتظاهرين كانوا من المعارضين للرئيس الإيراني أحمدي نجاد". ويستشهد ميرزائي بالعاصمة طهران قائلا "هل من المعقول أن يخرج خمسة ملايين طهراني إلى الشوارع مؤيدا لحكومة أحمدي نجاد ونحن نعلم أن مير حسين موسوي حصد أكثرية أصوات سكان العاصمة في الانتخابات الرئاسية"؟.

منطق الثورة يغلب منطق الدولة

Iran Mahmud Ahmadinedschad Rede
يرى البعض في خروج الملايين للاحتفال بذكرى الثورة أن إيران لم تتحول بعد إلى دولة مدنية مستقرة.صورة من: AP

وفي حين تتباهى الحكومة الإيرانية بـ"خروج الملايين" إلى الشوارع في ذكرى الثورة الإسلامية؛ وترى فيه "تأييدا لها"، فإن محمد عبد السلام، الباحث في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، يرى ذلك "أمرا غير طبيعي". إذ كيف يخرج "ملايين الأشخاص إلى الشوارع تأييدا لثورة بعد قيامها بأكثر من ثلاثين سنة؟". ويضف عبد السلام في حوار مع دويتشه فيله بأن الوضع في إيران غير مستقر وإلا لما كانت الحكومة بحاجة إلى مثل "هذه المظاهرات المليونية" لتقول إن "الشعب مع الثورة ويؤيدها".

ويقول عبد السلام إن التاريخ يعلمنا بأن الثورات "تتحول إلى أوضاع مستقرة، إلى غياب الاحتقان بين السلطة والمعارضة، وإلى وجود أحزاب تتناوب على السلطة في إطار مؤسسات راسخة؛ وهذا لم يحدث في إيران بعد". ويوافق الشيخ ميرزائي على تشخيص عبد السلام بأن "منطق الثورة لا يزال هو السائد في إيران" لكنه يعيد ذلك إلى "الخوف من الخارج ومن بعض التصورات غير الناضجة في الداخل".

مشاركة خجولة للمعارضة في ذكرى الثورة

ويرفض الصحافي والمحلل السياسي الألماني شتيفان بوخن الرأي الذي يقول بأن المعارضة الإيرانية تمر حاليا بفترة ضعف بسبب "مشاركتها الخجولة في مظاهرات الذكرى الحادية والثلاثين لقيام الثورة". وإذ يقر بوخن في حوار مع دويتشه فيله بأن "أنصار المعارضة لم يخرجوا إلى الشوارع بالحجم نفسه الذي خرجوا به في مناسبات سابقة"، إلا أن هذا لا يعود برأيه إلى تراجع "التأييد للمعارضة"، كما يقول البعض، بل بسبب " الاستعداد الدقيق للحكومة وأجهزتها الأمنية لهذا الحدث".

Iran Wahlen 2009
يعتقد الباحث الإيراني ميزائي أن بعض قادة المعارضة بالغوا في مطالبهم التغييرية.صورة من: DW

وحسب بوخن فإن "الحملة التي شنتها وسائل الإعلام الحكومية على قادة المعارضة"، وكذلك "المحاكمات الصورية لأنصار المعارضة" التي نقلتها قنوات التلفزة الرسمية على الهواء مباشرة، و"الاعترافات التي أدلى بها هؤلاء تحت الإكراه" ساهمت في تخويف مؤيدي المعارضة وأثرت في "حجم مشاركتهم في هذه المناسبة".

إلا أن الشيخ ميرزائي، الذي يعتبر نفسه من الإصلاحيين ويجاهر بمعارضته للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، يتهم قادة الحركة الإصلاحية بـ"الفشل في إدارة المشروع الإصلاحي". ويضيف ميرزائي في حواره مع دويتشه فيله بأن "الإصلاحيين ارتكبوا أخطاء كبيرة، منها أن بعضهم ذهبوا بعيدا في مطالبهم التغييرية". ودعا ميرزائي قادة الحركة الإصلاحية بالتفكير "بمنهجية وبطريقة معقولة لا تتعارض مع الدستور"، على الأقل في المرحلة الأولى.

"حقيقة جديدة: بداية النهاية للنظام الإيراني"

من جانبه يرى الباحث المصري محمد عبد السلام بأن "التيار الإصلاحي ضعيف"، وبأن الرئيس السابق محمد خاتمي "فشل" خلال توليه الرئاسة، لمدة ثماني سنوات، في "إرساء تيار معتدل في الشارع الإيراني"، وتحويل الثورة إلى "دولة مدنية طبيعية". ويضيف عبد السلام لدويتشه فيله بأن المعارضة "ليست قوية لدرجة أن تشكل بديلا للنظام وأن إنجازها الحقيقي هو في وجودها". لكن هذا الرأي لا يروق للصحافي الألماني شتيفان بوخن الذي يرى أن " المعارضة لا تعاني من أزمة بل السلطة هي المأزومة".

ويشدد بوخن في حديثه لدويتشه فيله على أن النظام الإيراني "تورط"، وللمرة الأولى، منذ تأسيسه قبل واحد وثلاثين عاما، "في أزمة ليس من المؤكد أن بمقدوره الخروج منها". ويتحدث بوخن عن "حقيقة جديدة"، وعن "بداية النهاية" للنظام الإيراني؛ لأن عدد الذين ضاقوا ذرعا بالنظام "يزداد يوما بعد يوم"، وهؤلاء يشكلون الأغلبية الصامتة. وتضع هذه الأغلبية "شرعية الحكم موضع تساؤل"، لأنها لم تعد تؤمن بمستقبل هذا النظام بسبب "تصرفات حكومة أحمدي نجاد وتعاطيها مع نتائج الانتخابات، وهذا واقع جديد لا يمكن تجاهله".

Anreicherungsanlage für Uran im Iran
مفاعل ناتنز النووي الذي تقول إيران إنها تنتج فيه اليورانيوم عالي التخصيب.صورة من: AP

"إيران أمة نووية": حقيقة مسلم بها أم شعار للداخل؟

ويسخر بوخن من إعلان الرئيس أحمدي نجاد أن بلاده أصبحت "قوة نووية"، ويرى فيه (الإعلان) رسالة إلى الداخل هدفها "دغدغة المشاعر الوطنية وكسب بعض الفئات الشعبية إلى صف النظام"، خصوصا تلك الفئات التي فقد تأييدها منذ الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها. وفي حين لا يشكك الباحث المصري محمد عبد السلام في قدرة طهران على التخصيب، فإنه لا يوافق على ما ذهب إليه الرئيس الإيراني في أعلان بلاده دولة نووية "لمجرد أنها تنتج اليورانيوم عالي التخصيب". فإيران حسب عبد السلام غير قادرة حتى الآن على تحويل اليورانيوم إلى "قضبان وقود يمكن استخدامها في مفاعل البحث من أجل إنتاج الطاقة".

الكاتب: أحمد حسو

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات