1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الأردن: العبوس "من أجمل ملامح الأردنيين"

٩ أغسطس ٢٠١٢

غالبا ما يتهم الأردنيون بأنهم نادرا ما يضحكون، والأسباب وراء ذلك متعددة كضغط الحياة اليومية بهمومها المتزايدة. موقع DW عربية حاول تقصي خلفية حقيقة هذه التهمة.

https://p.dw.com/p/15km2
Main title: "Jordanian do not laugh" Photo title: Jordanians in the streets and shops Place and date, Amman - Jordan 29 – 7 - 2012 Copy right/photographer : Mohammed Anasweh DW
صورة من: DW/Anasweh

تتعدد أسباب "الكشرة الأردنية"، فمنها ما يندرج تحت دعوى "الهيبة والرجولة والأدب"، ومنها ما يتعلق "بالضغط الاقتصادي" الذي يواجه المجتمع الأردني في ظل ارتفاع المستوى المعيشي ومحدودية الدخل.

ويقول غازي العوايدة لموقع DW عربية، إن ما يميز الأردني "الكشرة التي تعلو حاجبيه" وكأنه يحمل هموم الدنيا، ويعزو سبب ذلك إلى "نصائح الكبار" وحث الأطفال على "الكشرة لأنها من معالم الرجولة"، ويشير إلى أن الكشرة "كاريزما" لمعظم الأردنيين "نأمل أن تتغير، لأننا بحاجة إلى الفرح والمرح". ويضيف أن الكبار كانوا يخيفون الصغار من الضحك، ويقولون لهم إن شيئاً سيئاً سيحدث من جرائه".

"المتزوج من المستحيل أن يبتسم للرغيف الساخن!"

أما نورا القواسمي فتقول إن الشخص الذي يسافر كثيرا إلى بلدان مختلفة يلاحظ "الكشرة" في الأردن فور دخوله المطار، وتستدرك قائلة إنها ليست "كشرة" بقدر ما هي "جدية"، وتضيف أن "الكشرة" غير معممة على الجميع، وإن ُوجدت فهي بسبب انشغالات الشعب في تأمين لقمة العيش، كما أن الحياة في الأردن تأخذ من الطابع البدوي في الشهامة والرجولة التي من طبعها "الجدية"، وتقول نورا إن ما ُيضحك فعلا في الموضوع "أننا نحن كفتيات عندما نرى شخصاً كثير الضحك فإن أول تعليق يصدر منا : متى سيصبح رجلا؟

ويؤكد ينال جنكات لموقع DW عربية، وجود "الكشرة على وجوه الأردنيين" ولكن ليس في كل الأوقات، ويقول إنه إذا كان الفرد أعزب فمن "النادر" أن تجده يبتسم ، وإذا كان متزوجا فمن "المستحيل" أن يبتسم "للرغيف الساخن" . ويضيف جنكات أن أيام الطفولة ومرحلة المراهقة جميلة، وحينها كانت الابتسامة على وجه الصغير والكبير والألفة بين أهالي الحي و الجيران.

أما شذى قطيطات فتعتبر أن "مرحلة التكشير" تبدأ من البيت عندما يستيقظ الشخص ويرى والده "وبين عينه رقم 11" والأم غاضبة من الأب والأخ مكشر والأخت كذلك، لأنها لم تشرب قهوة الصباح، وتضيف شذى أن مرحلة التكشير الثانية تبدأ فور الخروج من البيت فتجد أن سائق حافلة الركاب غاضب، لأن الحافلة التي سبقته أخذت ركابه حتى تصل إلى الشغل فتجد الكشرة على وجوه الجميع "والحمد لله !".

Main title: "Jordanian do not laugh" Photo title: Jordanians in the streets and shops Place and date, Amman - Jordan 29 – 7 - 2012 Copy right/photographer : Mohammed Anasweh DW
صورة من: DW/Anasweh

"عادات وتقاليد عشناها واعتدنا عليها"

ويعتقد عامر التعمري أن "الكشرة" مرتبطة بالشعب الأردني وأنها من أجمل "الملامح الأردنية"، ويضيف عامر أنه عندما تسأل أي شخص لماذا أنت غاضب؟ يكون الجواب : لا يوجد شي أنا هكذا "فهذه هي طبيعة مكتسبة من البيئة المحيطة والجميع يتمتع بها".

ويقول احمد الجراجرة في حوار مع موقع DW عربية، إن "جمال" الأردني في كشرته، خاصة عندما "يبتسم وهو مكشر"، ويضيف أنه إذا ضحك شخص وعبر عن ما بداخلك، يقول له من يجلس معه : "خفض صوتك لقد فضحتنا" ، ويضيف أن هذه عادات وتقاليد "عشناها واعتدنا عليها" وإذا تطرقنا إلى الحياة المادية نجد أن أغلب الشعب الأردني يعاني من القروض وثقل الدين، ونسأله لماذا أنت مكشرا!؟

ويقول أحمد خضر، إن الكشرة لا تأتي إلا من وراء أشياء لا تسر، ويتساءل هل في الحياة ما يسر؟ ويضيف أن المتزوج على سبيل المثال يأخذ من زوجته قائمة بالأغراض والمشتريات التي يحتاجها البيت و"هذا أمر طبيعي لا كشرة فيه"، إلا أنه عند ذهابه إلى السوق "لتنفيذ الأمر" "وهذا أيضاً لا كشرة فيه" يركب السيارة "إذا كان عنده سيارة" ثم يسير إلى السوق ويتفاجأ بأسعار مرتفعة "توقف شعر الرأس".

Main title: Jordanians do not laugh Photo title: Dr. Hussein Khuzaie / Professor of Sociology Place and date, Amman - Jordan 29 – 7 - 2012 Copy right/photographer : Dr. Hussein Khuzaie
أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية والبلقاء التطبيقية الدكتور حسين الخزاعيصورة من: privat

"الأخبار السيئة تصل إلى غرف نوم الأزواج"

ويرى أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية والبلقاء التطبيقية الدكتور حسين الخزاعي أن هناك أسباباً "ضاغطة" وأخرى لها علاقة بالشؤون الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أدت إلى "ارتباط الكشرة" في المجتمع الأردني، ويؤكد أن المجتمع الأردني يواجه الأعباء الاقتصادية بالكشرة، ويشير إلى أن جدية الإنسان الأردني في العمل تفرض عليه أن يكون حازما وشديدا، ولا يظهر الابتسامات ويقول الدكتور الخزامي إنه عندما "يمزح" مع طلابه في منتصف المحاضرة أو يقول لهم "نكتة من باب الدعابة" ولإبعاد الملل عنهم ، فإنهم يستغربون ويتساءلون "معقول في دكتور يضحك!؟ معقول في دكتور يبتسم!؟ معقول في دكتور يحكي معنا بهذه الطريقة!؟

ويقول الخبير الاجتماعي في حوار مع موقع DW عربية، إن الأخبار السيئة تصل إلى غرف نوم الأزواج "فعندما تذهب الزوجة إلى غرفة النوم تبدأ بإبلاغ الزوج عن مشاكل الأولاد" وعن احتياجات الأسرة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية "فهذا أيضا يولد كشرة عند الأردنيين" ويضيف أن من أسباب كشرة المجتمع الأردني أيضا "التنشئة الاجتماعية" للأبناء داخل الأسر.

"أجيال ربطت التكشير بالوقار والهيبة والرجولة"

إلى ذلك يقول الكاتب والصحفي في جريدة الرأي الأردنية يحيى محمود في حوار مع موقع DW عربية، إن أبناء جيله حين كانوا صغارا قبل أكثر من نصف قرن كان يُقال لهم من الكبار عندما "يُضبطوا متلبسين بالمرح والتنكيت" بأن عليهم أن يتصرفوا كالرجال، ومعنى ذلك أن يكونوا "أكثر وقاراً"، ويضيف أن هذا الأمر كان يسري على كل الأماكن من المدرسة إلى البيت وحتى الشارع تحت دعوى "الهيبة والرجولة والأدب".

ولأن العادات والأفكار والمشاعر تورث عبر الأجيال وفي ظل الظروف الصعبة التي عاشتها المنطقة خلال العقود الطويلة الماضية تكرس الانطباع، كما يقول يحيى محمود" بأن الأردنيين شعب "جاد أكثر من اللازم" وهو الأمر الذي يعتقد الصحفي الأردني أن الجيل الجديد في طريقه للتخلص التدريجي منه ، بعد أن خف تأثير الأجيال التي ربطت "التكشير" بالوقار والهيبة والرجولة.

عمّان ـ محمد خير العناسوة

مراجعة: محمد المزياني