1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التئام المجلس التشريعي الفلسطيني بين التحدي وقطع المعونات

عماد م. غانم١٧ فبراير ٢٠٠٦

مع قرب أداء نواب المجلس التشريعي لليمين تتلبد سماء المنطقة بغيوم منذرة بأزمة جديد تضاف إلى الأزمات التي تعاني منها. فالتهديدات بقطع المساعدات المباشرة عن السلطة الفلسطينية مستمرة، وحماس ترفض الاعتراف والتنازل

https://p.dw.com/p/800q
كيف سيغير فوز حماس في وضع القضية الفلسطينية؟صورة من: AP

يبدو ان ألازمة التي ما زالت تعصف بتشكيل الحكومة الفلسطينية القادمة ما تزال بعيدة عن نهايتها. فبعد أن حسمت الانتخابات التشريعية الأخيرة بحصول حركة حماس على 74 مقعداً من مقاعد المجلس التشريعي، تصاعدت الأصوات في الكثير من بلدان العالم مطالبة بضرورة تخلي حماس عن ميثاقها تجاه إسرائيل والاعتراف بوجودها من جانب، ومهددة بوقف المساعدات المقدمة للسلطة الفلسطينية من جانب أخر. في وقت عبر فيه قادة حماس أكثر من مرة عن عدم خضوعهم للتهديدات واستمرار الحركة في سياستها تجاه إسرائيل. ففي اجتماع سابق لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي توصل المجتمعون إلى صيغة مشتركة لتوحيد مواقف دول الاتحاد بما يتعلق بالتطورات الأخيرة على المسرح السياسي الفلسطيني. إذ تنص هذه الصيغة المشتركة التي يسعى الاتحاد الأوروبي لتبنيها إلى عدم إقامة إي علاقات مع حركة حماس، وربط الدعم المالي المقدم من قبل الاتحاد الأوروبي للسلطة الفلسطينية بشروط لا يمكن التفاوض عليها. تتعلق هذه الشروط، التي أكد عليها أصحاب القرار الأوروبي غير مرة، بنبذ العنف والاعتراف إسرائيل واحترام الاتفاقات الموقعة مسبقاً بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية. الأمر الذي ما زالت ترفضه حماس رفضاً قاطعاً.

عقوبات اقتصادية

Ehud Olmert
إسرائيل ستتوقف عن دفع الرسوم المستحقة للسلطةصورة من: AP

في تطور لاحق أعلن يوم أمس الخميس مصدر حكومي إسرائيلي ان الحكومة الإسرائيلية تستعد لفرض عقوبات اقتصادية على السلطة الفلسطينية. وستبدأ هذه المقاطعة بتوقف إسرائيل عن عدم تسديد رسوم مستحقة لديها للسلطة الفلسطينية، ناجمة عن جمركية مفروضة. وقد نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي قوله "إن الفكرة هي فرض حمية على الفلسطينيين لكن ليس جعلهم يموتون جوعاً." وموقف إسرائيل هذا قد لا يختلف عن الموقف الأمريكي سوى بالتفاصيل الجزئية. فقي اجتماعه مساء الأربعاء الماضي عارض مجلس النواب الأمريكي بشبه إجماع منح السلطة الفلسطينية مساعدة مباشرة، طالما سيطر عليها حزب يضع في أولوياته تدمير إسرائيل، في إشارة إلى حركة حماس. إذ دعا القرار، الذي أقر بـ 418 صوتاً وبمعارضة صوت واحد فقط، إلى وجوب عدم تقديم مساعدة أمريكية مباشرة للسلطة الفلسطينية "إذا ما تمسك حزب سياسي يحوز أكثرية المقاعد البرلمانية في إطار السلطة الفلسطينية بموقف يدعو إلى تدمير إسرائيل." الجدير بالذكر ان القرار يأتي في وقت أعلنت فيه وزارة الخارجية الأمريكية ان واشنطن ستعيد النظر في مساعدتها للفلسطينيين بعد الفوز الانتخابي الذي أحرزته حماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة في كانون الثاني/يناير. ويبدو ان سلاح المقاطعة الاقتصادية، الذي لجأت إليه بعض الدول، يرتكز على فرضية إسقاط حركة حماس جماهيرياً من خلال وضع المصاعب والعقبات وتحميلها تردي الوضع الاقتصادي الفلسطيني.

المجلس التشريعي الجديد

Hamas-Führer Ismail Haniyeh
إسماعيل هنية : المرشح الأوفر حظاً لرئاسة الحكومةصورة من: AP

ينتظر الشارع الفلسطيني بترقب تكليف الرئيس الفلسطيني محمود عباس حركة حماس بتشكيل حكومة "تحترم اتفاقات السلام مع إسرائيل"، ولكن عباس سوف لا يطلب صراحة في خطابه الافتتاحي في المجلس التشريعي الجديد الاعتراف بإسرائيل أو نبذ العنف "كشرط أمام حماس لتشكيل الحكومة"، كما نقل عن مسؤولين فلسطينيين. في وقت انتشرت فيه شائعات بان الحركة تعتزم تكوين حكومة تكنوقراط أو حكومة ائتلافية تضم كافة الأحزاب السياسية الممثلة في المجلس التشريعي. ومن المفترض ان يقوم الرئيس الفلسطيني بتقديم برنامجه أمام نواب المجلس التشريعي يوم السبت القادم، ليقوم بعدها بتكليف حركة حماس بتشكيل الحكومة الجديدة. ويتوقع ان يتم الإعلان عنها خلال الأسابيع الثلاثة القادمة. ولكن مهمة الحركة لا تصطدم بمصاعب خارجية فحسب، بل بمصاعب أخرى داخلية يمكن تلخيصها بالاختلافات الجوهرية بين برنامجها وبرامج بعض القوى السياسية الأخرى الفائزة في الانتخابات، وهو ما عبر عنه عضو المجلس التشريعي عن حركة فتح. إذ يرى عريقات ان حركته ستشكل "معارضة بناءة في المجلس."

وفي سياق منفصل أجرت حماس يوم أمس الأول أولى تعييناتها البرلمانية قبل يومين من التئام المجلس التشريعي المنتخب بتشكيلته الجديدة السبت القادم. فقد تم اختيار العضو بالمجلس التشريعي لمنطقة الخليل عزيز سالم الدويك مرشحا لها لرئاسة المجلس التشريعي. كما تمت تسمية القيادي في غزة محمود الزهار رئيسا لكتلتها النيابية. إما منصب رئاسة الحكومة، فقد رجحت بعض المصادر المطلعة تكليف إسماعيل هنية.

زيارات لكسب التأييد

وكرد فعل على التهديدات الغربية بدأت حماس خطواتها الأولى في إدارة الحكومة من خلال زيارات عديدة يقوم بها وفد من الحركة إلى دول المنطقة من اجل كسب التأييد الدولي. وبعد جولات عدة في عواصم المنطقة كان من بينها مصر قبل بضعة أسابيع، وصل رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل إلى العاصمة التركية أنقرة، من اجل إجراء لقاءات سيتم خلالها إبلاغ مشعل "بتطلعات الأسرة الدولية بأوضح شكل ممكن" كما جاء في بيان نقلته وكالة الأنباء الفرنسية عن وزارة الخارجية التركية. اللافت ان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اوردغان كان قد أعلن على هامش منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا في نهاية شهر كانون الثاني/يناير عن استعداد بلاده للقيام بدور الوساطة بين إسرائيل والحكومة الفلسطينية الجديدة.

وفي هذه الزيارة المفاجئة لم يلتقي مشعل سوى بوزير الخارجية التركي عبد الله غول وبأعضاء من حزب العدالة والتنمية فحسب، إذ ألغى رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، الذي نقل عنه في وقت سابق عن نيته بلقاء وفد حماس، خططاً للاجتماع. الأمر الذي يثير التكهنات في ان الإلغاء جاء إذعانا لضغوط من قبل إسرائيل، التي ردت بغضب على محادثات أنقرة مع حماس، فقد قال المتحدث الإسرائيلي رعنان جيسين في تصريح لمحطة ان.تي.في إن إقدام تركيا على إقامة علاقات مع زعيم منظمة إرهابية يمثل "ضربة في الصميم" لعملية السلام في الشرق الأوسط، وأضاف "لا يمكننا ان نفهم لماذا ارتكبت تركيا هذا الخطأ". أما عن رد فعل الحكومة الألمانية على الزيارة فقد قال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إن يتعين على تركيا "أن تبعث برسالة قوية للحركة"، معتبراً ان هذه الرسالة يجب ان تتضمن الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف واحترام اتفاقات السلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وفي نهاية الزيارة قال مشعل للصحفيين ان الوفد اخذ بجدية النصائح التي قدمتها الحكومة التركية من دون إعطاء المزيد من التفاصيل عن طبيعة هذه النصائح. ولكنه أضاف قائلاً ان حماس تلقت من تركيا "نفس الدعم الذي تلقته الحركة من الدول العربية"، كما نقلت عنه وكالة رويتر للأنباء.

روسيا، التي لا تعتبر حماس حركة إرهابية، أعلنت اليوم الخميس في خطوة قد تُقرأ على انها محاولة للعب دور اكبر في المنطقة، عن نيتها لدعوة مندوبين من حماس إلى موسكو، تم تحديدها في مطلع آذار القادم. وأوضحت الخارجية الروسية في بيان "تم التوصل إلى اتفاق مبدئي على مجيء وفد مسؤولي حماس إلى موسكو مطلع آذار/مارس المقبل". ويبدو ان حماس قد استعدت لتحمل كافة الضغوط والصعوبات من أجل البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة من دون الاعتماد على أموال المساعدات الخارجية. ومن أجل تحقيق ذلك قد تعمد ''حماس'' إلى تحسين طريقة الحكم وتقديم بعض التنازلات الممكنة على أمل استمرار المجتمع الفلسطيني في الصمود، مع المراهنة على تدخل القيادات العربية وأوروبا للتخفيف من الضغوط الإسرائيلية والأمريكية للحيلولة دون إسقاطها.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد