1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التعاون الأمريكي الصيني في الحرب على الإرهاب: زواج مؤقت حتمته حسابات المصالح

إرنينج تشو/ إعداد: عبده جميل المخلافي٧ سبتمبر ٢٠٠٦

قلما تتفق واشنطن مع بكين في وجهات النظر، لكنهما في الحرب على الإرهاب اتفقا مرحليا وتكتيكيا بحكم تلاقي المصالح. الصين دعمت واشنطن في الحرب على الإرهاب أملا في فتح مرحلة جديدة من العلاقات لكن هذه الآمال ما لبثت أن تبخرت.

https://p.dw.com/p/92Qa
الصقر الأمريكي في مواجهة التنين الصيني

رغم الخلاف التقليدي المصبوغ بالصبغة الإيديولوجية بين كل الولايات المتحدة الأمريكية والصين الشعبية والذي تعود جذوره إلى عشرات السنين، إلا أن مواقف دولية معينة كانت تساهم في وقت من الأوقات في التقارب الشكلي والتكتيكي بين كل من واشنطن وبكين. تقليديا يبدأ رؤساء الولايات المتحدة فترة حكمهم بالتشدد حيال الصين ثم ما يلبثون أن يتعاملوا مع الأمر الواقع ببرغماتية سياسية تفرضها عوامل كثيرة. وعلى عكس سلفه بيل كلينتون الذي كان يعتبر الصين "شريك إستراتيجي" أعتبرها جورج دبليو بوش في بداية فترته "المنافس الإستراتيجي". وتعرضت العلاقات في بداية عهد جورج دبليو بوش للتوتر على خلفية إسقاط طائرة تجسس أمريكية فوق الأراضي الصينية في إبريل/نيسان عام 2001.

للصين منافعها الأخرى في الحرب على الإرهاب

USA Spionage Flugzeug in China
طائرة التجسس الأمريكية التي احتجزتها الصين عام 2001 وشكلت أزمة بين البلدينصورة من: AP

عقب تعرضت الولايات المتحدة الأمريكية لاعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/ايلول عام 2001 أعرب الرئيس الصيني آنذاك شيانغ زمين لنظيره الأمريكي ليس فقط عن أسفه للحادث وإدانته له وإنما أبدى استعداد بلاده للتعاون مع واشنطن في الحرب على الإرهاب. هذه الخطوة لفتت نظر المراقبين الذين لم يكونوا يتوقعون من بكين هذا الموقف لاسيما بعد التوتر الذي ساد العلاقات بين البلدين على خلفية طائرة التجسس الأمريكية. كما أن هذا الموقف جاء في ظل سيادة مشاعر عدائية تجاه السياسة الأمريكية وبالذات من قبل الجيل الشاب في الصين.

لكن موقف شيانغ زمين هذا كان نابع بالدرجة الأولى من منظور المصلحة الوطنية للصين، إذ أنه اعتبرها فرصها لتحسين علاقات التعاون بين بلاده والولايات المتحدة الأمريكية انطلاقا من أن مثل هذه العلاقات تعد ضرورية لمواصلة عملية تحديث بلاده، وهو ما كانت تسعى إليه القيادة الصينية. كما إن بكين كانت تأمل من خلال مشاركتها في التحالف الدولي في الحرب على الإرهاب أن يبدي المجتمع الدولي تفهماً لطريقة تعاملها مع الحركات الانفصالية في الداخل وإضفاء الشرعية عليها. فلدى الصين إيضا مشكلاتها الداخلية مثل حركات التمرد في منطقة كسينج يانج الشمالية التي يقطنها حوالي 18 مليون نصفهم تقريبا مسلمين. هذا بالإضافة إلى قضية انفصال تايوان عن الصين. لذلك صاغت الصين مفهوما خاصا بها للإرهاب يشمل الحركات التي تدعو إلى الانفصال.

تلاقي تكتيكي مرحلي

Hu Jintao in den USA bei George Bush in Washington
الرئيس الصيني هو جينتاو والرئيس الأمريكي جورج د. بوش في واشنطنصورة من: AP

من جانبه كان الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بحاجة للدعم والتعاون الصيني في مجال مكافحة الإرهاب. فالصين عضو دائم في مجلس الأمن وتمتلك حق الفيتو الذي قد يعرقل أي قرار دولي لإضفاء الشرعية على الحروب التي تزمع الإدارة الأمريكية القيام بها تحت ذريعة محاربة الإرهاب. كما أن ساحة أولى معارك الحرب على الإرهاب التي كانت الإدارة الأمريكية على وشك القيام بها هي أفغانستان القريبة من الصين. و بالإمكان أن تساهم الصين في هذا الجانب في التعاون مع باكستان في محاربة طالبان والقاعدة. لذلك كانت مكافأة بكين أن وضعت واشنطن "جبهة شرق تركستان الإسلامية" على القائمة السوداء ضمن المنظمات الإرهابية العالمية. فقط خلال الفترة مابين 11 سبتمبر 2001 وحتى نهاية عام 2002 التقى رئيسي البلدين ثلاث مرات الأمر الذي ساهم في تلطيف الأجواء بين واشنطن وبكين إلى الحد الذي دفع بالرئيس الأمريكي إلى وصف العلاقات بين البلدين بأنها تقوم على أساس " الشراكة البناءة".

لكن الكثير من الآمال التي كانت تعقدها بكين على مشاركتها في الحرب على الإرهاب تبخرت مع الزمن أو ظلت مجرد أحلام طوباوية. إذ استمرت سياسة عدم الثقة بين البلدين كما كانت عليه في السابق. أما على الصعيد الاقتصادي فإن واشنطن تنظر للصين كمنافس قوي وتعمل على فرض إجراءات جمركية مشددة تحد من قدرة السلع الصينية على المنافسة في السوق الأمريكية. أما على الصعيد العسكري فقد نجم عن الحرب على الإرهاب توسيع الوجود العسكري الأمريكي في منطقة جنوب شرق أسيا الأمر الذي أصبحت معه الصين مطوقة بالقواعد الأمريكية من كل جهة. كما عملت الولايات المتحدة على توسيع التعاون العسكري مع دول المنطقة كالتعاون النووي مع الهند مثلا التي رفعت عنها واشنطن الحظر بينما لازال مفروضا على الصين. هذه السياسات الأمريكية ينظر لها من قبل بكين بأنها تحدٍ لها من قبل واشنطن.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد