1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بريطانيا: النزاع حول الترحيل إلى رواندا ما يزال مستمرا

بيرغيت ماس | علاء جمعة
٢٠ مارس ٢٠٢٤

مجددا يتم التفاوض في مجلس العموم البريطاني بشأن ما يُعرف بقانون رواندا. وإذا كان الأمر بيد رئيس الوزراء سوناك، فإنه سيتم ترحيل طالبي اللجوء قريبًا إلى أفريقيا. وفي المقابل يحاول بعض اللوردات منع ذلك.

https://p.dw.com/p/4duoP
رئيس الوزراء سوناك
رئيس الوزراء سوناك (في الوسط) يلتقي بضباط شرطة الحدود خلال زيارة إلى مطار غاتويكصورة من: Carlos Jasso/PA Wire/dpa/picture alliance

عندما يتعلق الأمر باللاجئين، من السهل أن يثير الموضوع غضب اللورد دوبس البالغ من العمر 91 عاما. فخطة الحكومة البريطانية لإرسال اللاجئين إلى رواندا "مخزية وتضر بسمعة بريطانيا الطيبة"، حسب اعتقاده.

يعرف ألفريد دوبس ما هو شعور الشخص عندما يترك الأسرة والوطن، فقد سافر هو نفسه عندما كان في السادسة من عمره بواسطة القطارات الخاصة بالأطفال، من براغ إلى لندن، للهروب من المحرقة النازية. واليوم، يجلس في مجلس اللوردات كعضو في حزب العمال المعارض ويدافع عن حقوق اللاجئين.

وحتى الآن، رفض "اللوردات" إصدار ما يسمى بـ"قانون رواندا"، ما أدى لتأجيله. وكان الرفض لأسباب من بينها أنه ينتهك القانون الدولي، في رأيهم. لكنهم سوف يستسلمون في النهاية، حسب توقعات دوبس، فأكبر كتلة في مجلس اللوردات هي في النهاية أيضا لحزب المحافظين الحاكم، ويعتقد دوبس أن روح المقاومة لدى اللوردات، الذين يتألفون بشكل رئيسي من كبار السن، قد بدأت في الضعف الآن.

اللورد الفريد دوبس
اللورد الفريد دوبسصورة من: Christoph Meyer/dpa/picture alliance

دعم سياسي لخطة رواندا

جعل رئيس الوزراء ريشي سوناك توقف "القوارب" أولوية. فقد وصل ما يقرب من 30 ألف لاجئ إلى بريطانيا في العام الماضي، معظمهم بواسطة قوارب صغيرة، عبر قناة البحر الإنجليزي. وقد يواجهون قريبًا، بالإضافة إلى جميع اللاجئين الآخرين الذين وصلوا "بطريقة غير شرعية" منذ بداية عام 2022، خطر الترحيل إلى رواندا. وبغض النظر عن أصلهم، وبدون فحص طلبات اللجوء الخاصة بهم، يُفترض أن يُرسَلوا إلى هذا البلد الإفريقي الشرقي وأن يقدموا طلبات لجوئهم هناك بدلاً من بريطانيا.

وقبل عامين، أصبح  بوريس جونسون أول رئيس وزراء يستأجر طائرة لنقل مجموعة صغيرة من اللاجئين إلى كيغالي - على الرغم من الاحتجاجات الشديدة من قبل العديد من منظمات حقوق الإنسان.  وفي لحظة النهاية، عرقلت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان جونسون.

لقد دفع البريطانيون بالفعل 140 مليون جنيه إسترليني إلى رواندا، ولكن لم يطأ أي لاجئ أرض رواندا حتى الآن. كما أعلنت المحكمة العليا البريطانية بدايةً أن الخطة غير قانونية، لأن رواندا ليست بلدًا آمنًا ثالثًا. هنا قامت الحكومة بتحسين الأمور وعقدت اتفاقًا جديدًا مع البلد الإفريقي تتعهد فيه الدولة الرواندية بعدم ترحيل أي شخص إلى بلده الأصلي.

يُجادل رئيس الوزراء سوناك بأن إيواء اللاجئين في فنادق بريطانية يكلف ستة ملايين جنيه إسترليني يوميًا؛ ويأمل من عمليات الترحيل إلى رواندا أن يكون لها تأثير رادع. وحذر وزير الشؤون المعني، اللورد شارب، زملاءه في مجلس اللوردات من أنه إذا لم يتم تمرير القانون، فإن ذلك سيتسبب في فقدان المزيد من الأرواح في العبور الخطير للقنال الإنجليزي. وناشد ريشي سوناك اللوردات ألا يعارضوا "إرادة الشعب"، معتقدًا أنه يمكنه جذب بعض الناخبين من خلال سياسته الصارمة في مجال اللجوء.

تأثير الردع غير واضح

ولكن هل سيردع القانون اللاجئين حقا؟ الآراء تختلف. جاكلين ماكنزي، محامية في مجال حقوق الإنسان في لندن، تمثل عراقيا كان من المفترض أن يتم ترحيله إلى رواندا قبل أن تمنع محكمة العدل الأوروبية ذلك في قرارها الطارئ.

 كان الرجل قد جلس بالفعل مكبل اليدين في الحافلة على المدرج، يتطلع إلى الطائرة. وكان ذلك مروعًا بالنسبة له، تقول المحامية. وتشكك ماكنزي في أن يكون له تأثير رادع وتقول: "نتحدث عن رواندا منذ سنوات - ولا تزال الناس تأتي".

من جهته، لا يزال نيكولاي بوسنر غير متأكد تماما. وهو يعمل في منظمة اللاجئين الفرنسية "يوتوبيا 56" وغالبا ما يكون في مدينة كاليه الساحلية بشمال فرنسا، حيث يشرع العديد من المهاجرين في رحلتهم المحفوفة بالمخاطر. ويقول إنه عندما أصبحت الخطة معروفة لأول مرة قبل عامين، كان هناك عدد أقل من رحلات العبور، "حتى قام المهربون بخفض أسعارهم" - وقد يكون هذا هو الحال مرة أخرى الآن. ومثل العديد من العاملين في مجال مساعدة اللاجئين، يدعو بوسنر إلى إيجاد طرق أكثر أمانا وقانونية.

العديد من أولئك الذين يقومون بالرحلة المحفوفة بالمخاطر من فرنسا إلى الساحل الجنوبي الإنجليزي لديهم عائلة في المملكة المتحدة. ويحق لمعظمهم اللجوء: فهم يأتون من بلدان يسودها الحرب أو الاضطهاد، من إيران والعراق وأفغانستان - وقد تم قبول الغالبية العظمى من طلبات اللجوء حتى الآن.

وإذا تم تمرير القانون في الأيام المقبلة، فلا تزال هناك شكوك بشأن موعد إقلاع الرحلات الجوية الأولى إلى رواندا. وتطالب النقابات الحكومية بإعادة تقييم قانوني جديد لأن التغييرات الجديدة تتعارض في رأيهم مع القوانين الدولية. وتعتقد المحامية ماكنزي أيضًا أنه سيظل هناك صراع قانوني.

مجلس اللوردات البريطاني
مجلس اللوردات البريطانيصورة من: Kirsty Wigglesworth/AP POOL/dpa/picture alliance

سخرية من التكاليف

لكن يبدو أن رئيس الوزراء سوناك مصمم على القيام بأول عمليات ترحيل اللاجئين في أقرب وقت ممكن. لقد جعل قضية الهجرة أولوية قصوى وإذا كان الأمر بيده، فلن يمر سوى بضعة أيام حتى تقلع أول طائرة إلى كيغالي. عند التفكير في ذلك، ينتاب اللورد دوبس شعور بالرعب: فبريطانيا هي واحدة من مؤسسي المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ومن الموقعين على اتفاقية جنيف للاجئين. وأن بلاده، التي استضافته كطفل بكرم، تقدم "مثالًا سيئًا جدًا" الآن - وسيظل يقاتل ضده بكل ما يستطيع.

وكان أعضاء في البرلمان البريطاني قد ذكروا مؤخرا أن تكلفة إرسال المملكة المتحدة لستة أشخاص إلى الفضاء الخارجي أرخص من إعادة طالب لجوء واحد رفض طلبه إلى رواندا.

وقالت وكالة الأنباء البريطانية "بي إيه ميديا" إن الحكومة تعرضت للسخرية بسبب تكلفة خطة الترحيل المتعثرة، حيث قام نواب البرلمان بالنظر في التعديلات التي أدخلها أقرانهم على مشروع قانون سلامة رواندا (اللجوء والهجرة).

وقال النائب العمالي نيل كويل لمجلس العموم: "هل يدرك الوزير أنه يمكن لشركة فيرجن جالاكتيك الفضائية إرسال ستة أشخاص إلى الفضاء بأقل مما تريد هذه الحكومة إنفاقه لإرسال شخص واحد إلى رواندا؟ وأضاف: "ألم يحن الوقت لإعادة التفكير في هذه السياسة السخيفة والتكلفة الباهظة؟"

وتساءل وزير الدولة البريطاني لمكافحة الهجرة غير القانونية مايكل توملينسون عن سبب حضور عدد قليل جدا من نواب حزب العمال جلسة الأسبوع الماضي لمناقشة تكلفة الخطة، مضيفا: "هذا يظهر الأولوية - أو عدم وجود أولوية - التي يعطيها المعارضون لذلك".

وقد يكلف البرنامج دافعي الضرائب ما يقرب من مليوني جنيه إسترليني (6ر2 مليون دولار) لكل طالب لجوء واحد من أول 300 طالب لجوء يتم إرسالهم إلى رواندا، وفقا لمكتب التدقيق الوطني، حسبما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.

يشار إلى أنه تم طرح تذاكر رحلات فيرجن غالاكتيك للبيع في البداية مقابل نحو 158 ألف جنيه إسترليني لكل منها، وفي الصيف الماضي كانت التكلفة 356 ألف جنيه إسترليني للشخص الواحد - مما يجعل تكلفة ستة سياح للذهاب في رحلة إلى الفضاء 13ر2 مليون جنيه إسترليني.