1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل يستطيع الاتحاد الأوروبي استيعاب دول الكتلة الشرقية؟

ماري سينا
٢٧ أبريل ٢٠٢٤

مع قرار الاتحاد الأوروبي فتح مفاوضات الانضمام إليه مع كل من أوكرانيا ومولدوفا، هنالك تساؤلات حيال مدى استعداد التكتل لضم دول أوروبا الشرقية، خاصة مع استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا.

https://p.dw.com/p/4f6bc
مزارعون في بولندا يغلقون طريقا قرب الحدود الأوكرانية احتجاجا على السياسة الزراعية الأوروبية
مزارعون في بولندا يغلقون طريقا قرب الحدود الأوكرانية احتجاجا على السياسة الزراعية الأوروبيةصورة من: Sergei Gapon/AFP/Getty Images

شهدت بولندا قيام مزارعين غاضبين في مارس/ آذار الماضي بإغلاق طريق سريع رئيسي يربط بولندا بألمانيا بجراراتهم في إطار عشرات الاحتجاجات التي بدأت في فبراير / شباط الماضي للتنديد بإعفاء السلع الأوكرانية من الرسوم الجمركية وخطط انضمام دول من الكتلة الشرقية إلى الاتحاد الأوروبي.

وخلال تلك الاحتجاجات كان المزارعون يرددون شعار "لم يعد هناك مزارعون ولم يعد هناك خبز". 

وعلى سبيل المثال، خارج بلدة كوك البولندية، على بعد ساعتين بالسيارة من الحدود الأوكرانية، أغلقت مئات الجرارات أحد الشوارع لمنع الحبوب الأوكرانية الرخيصة من دخول البلاد. وبالنسبة للمزارعين هنا، هنالك مصدر قلق كبير آخر: فهم يخشون أن يؤدي انضمام الجارة الشرقية لبولندا إلى الاتحاد الأوروبي إلى تهديد سبل عيشهم. وفي مقابلة مع DW، قال مزارع غاضب: "يجب أن ينسوا الأمر. الأمر ليس سوى فكرة مجنونة".

لأكثر من عقد من الزمان، بدا الاتحاد الأوروبي وكأنه تكتل مغلق تصطف العديد من البلدان من أجل الانضمام إليه. لكن الغزو الروسي  أوكرانيا، أدى إلى تغيير هذا الوضع بشكل جذري، حيث تجلى ذلك في قرار الاتحاد الأوروبي نهاية العام الماضي بفتح مفاوضات انضمام أوكرانيا ومولدوفا وبمنح جورجيا وضع دولة مرشحة للعضوية في التكتل.

ضغوط سياسية

وفي مقابلة مع DW، قال ثو نغوين، الخبير في الشأن الأوروبي ونائب مدير مركز "جاك ديلور" في برلين، إن الاتحاد الأوروبي ينظر إلى خطط التوسع "من منظور أمنى لأسباب واضحة، ورغم النقاش الدائر بشأن الميزانية، إلا أنه قد لا يكون العامل الحاسم".

ويقول خبراء إن الاحتجاجات الأخيرة في بولندا تعد بمثابة تذكير بأن الاقتصاد يلعب دورا رئيسا في القرار الأوروبي وسط مخاوف من أن انضمام دول الكتلة الشرقية من شأنه أن يضع دول الاتحاد الأوروبي ومواطنيها في موقف اقتصادي صعب.

الجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي ينفق جُل ميزانيته على التنمية داخل دوله وعلى قطاع الزراعة، فيما تحصل بلدانه الأقل ثراءً على أموال من المفوضية أكبر مما تدفع. يُشار إلى أن الدول الثماني التي تتوق إلى الانضمام إلى الكتل جميعها أفقر من الدول الأعضاء الحالية.

أمل في التحسن الاقتصادي

وترى رائدة الأعمال الشابة ياسنا بيجوفيتش أن انضمام بلدها، الجبل الأسود، إلى  الاتحاد الأوروبي  من شأنه أن يمنحها "المزيد من الشرعية"، مضيفة أن الجبل الأسود أحرز الكثير من التقدم في محادثات الانضمام.

وأشارت إلى أن حوالي 80 في المئة من سكان الجبل الأسود يرغبون في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مضيفة أن الأمر سوف يصب في صالح شركتها الناشئة.

وفي ذلك، قالت إن "المستثمرين دائما ما يقولون إنهم لم يقوموا بأعمال تجارية في السابق مع الجبل الأسود، وعند سؤالهم عمّا سيكون عليه الأمر في حالة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فإن ردهم يكون أن الأمر سيكون مختلفا بسبب معرفتهم القوية بالاتحاد الأوروبي".

وفي ردها على التداعيات الاقتصادية على ميزانية الاتحاد الأوروبي في حالة الانضمام، قالت بيجوفيتش إن الجبل الأسود بلد صغير مثل باقي دول البلقان، إذ يبلغ عدد السكان أكثر من 630 ألفا، مضيفة: "يمكن القول إن هذا البلد الصغير لن يشكل ضغطا كبيرا على الميزانية الأوروبية".

 من جانبها، قالت ناتالي توتشي، مديرة المعهد الإيطالي للشؤون الدولية، إنه إذا انضم الجبل الأسود، "ودفع  الاتحاد الأوروبي  ثمن ذلك، فلن يلاحظ أحد ذلك لأن المخاطر يمكن تحملها"، لكنها قالت إن الأمر بالنسبة للاتحاد الأوروبي "لا يحمل في طياته أي ميزة اقتصادية".

قرر الاتحاد الأوروبي فتح مفاوضات الانضمام إليه مع كل من أوكرانيا ومولدافيا
قرر الاتحاد الأوروبي فتح مفاوضات الانضمام إليه مع كل من أوكرانيا ومولدافياصورة من: Valentyn Ogirenko/REUTERS

وترى ميلا كاساليكا، الخبيرة الاقتصادية من الجبل الأسود، أن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي سيعد تحولا لبلدها، مضيفة: "مستويات المعيشة في الجبل الأسود تقترب من مستويات بلدان الاتحاد الأوروبي بنسبة تتراوح ما بين 45% و 48 بالمئة. الاقتراب من مستويات المعيشة في الاتحاد الأوروبي يعد أحد الدوافع الرئيسية لرغبتنا في الانضمام إليه".

أوكرانيا .. مشكلة الجميع يتجاهلها

بيد أن المقاربة لا يمكن تطبيقها على أوكرانيا، فهي بلد كبير من حيث المساحة وعدد السكان، فضلا عن أنها تواجه عدوانا روسيا على أراضيها.

وعن ذلك، قالت ناتالي توتشي إن "الملف الأوكراني يعد مختلفا بسبب مساحتها الكبيرة وقطاعها الزراعي الضخم وأيضا متوسط ثرواتها، وقبل كل شيء، أوكرانيا تخوض حربا مع تكلفة إعادة إعمار قد تصل حتى الآن إلى 500 مليار يورو".

ويقول مراقبون إنه في حالة الانضمام، فإن أوكرانيا ستصبح أكبر منتج زراعي في الاتحاد الأوروبي وهو ما يمثل عبئا ماليا على كاهل التكتل.

ويضيف المراقبون أنه في الوقت الذي تزرع فيه دول الاتحاد الأوروبي إجمالا مساحة زراعية تبلغ حوالي 157 مليون هكتار، فإن أوكرانيا سوف تضيف مساحة زراعية تصل إلى 41 مليون هكتار.

ويشير المراقبون إلى أن الدول الأعضاء الحالية لن ترحب بالأمر بسبب أن  المزارعين الأوكرانيين  سيحصلون على نصيب الأسد من الدعم المالي المقدم من الاتحاد الأوروبي.

يشار إلى أن بولندا تعد من أكبر مصدري المنتجات الغذائية في الاتحاد الأوروبي، فيما قال لوكاس تشيك، أحد مربي الخنازير في بولندا، إنه يحصل على جزء من دخله من إعانات الاتحاد الأوروبي.

وأعرب تشيك عن قلقه إزاء تداعيات انضمام كييف إلى  التكتل الأوروبي ، قائلا: "ربما سنعلن إفلاسنا لأنه من السهل أن تغمرنا أوكرانيا بمنتجاتها الرخيصة".

فجوة في ميزانية الاتحاد الأوروبي

وكشف تحقيق أوروبي عن أن فاتورة انضمام كافة الدول الطامحة إلى الانضمام إلى  الاتحاد الأوربي، قد تصل إلى 256 مليار يورو فيما يُتوقع حصول أوكرانيا وحدها على 186 مليار يورو، ولا يشمل ذلك تكاليف إعادة الإعمار.

وفي تعليقه، قال ثو نغوين، نائب مدير مركز "جاك ديلور" في برلين، إن "العبء المالي لن يكون ثقيلا كما تشير بعض الأرقام"، لكنه قال إن حالة من الغموض تكتنف مصادر التمويل الإضافية.

وأضاف: "من الممكن أن تأتي هذه الأموال من خزينة الدول الأعضاء الحاليين. ومن الممكن أن يجمع الاتحاد الأوروبي الأموال من خلال موارد جديدة".

ويشير الخبراء إلى أن وتيرة انضمام دول الكتلة الشرقية إلى الاتحاد الأوروبي  مذهلة، إلا أن دعم خطط التوسع سوف يعتمد على تركيبة البرلمان الأوروبي التي سوف تتشكل عقب الانتخابات الأوروبية التي ستُجرى من 6 إلى 9  من يونيو/حزيران المقبل.

 

 أعده للعربية: محمد فرحان