1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

زعماء أوروبا عازمون على إنقاذ الإتحاد الأوروبي من الجمود

تسارعت وتيرة التحركات السياسية بين العواصم الأوروبية لإيجاد مخرج من الأزمة الراهنة التي يمر بها الإتحاد الأوروبي. زيارة شرودر إلى لوكسمبورغ لانقاذ اتفاقية الميزانية الأوروبية وشيراك يبحث في برلين سبل الخروج من الأزمة.

https://p.dw.com/p/6jRK
نجوم أوروبا تحلق بعيداصورة من: AP

أدى الرفض الشعبي لمشروع الدستور إلى إثارة الكثير من الأسئلة حول المستقبل الأوروبي المشترك وإمكانية توسيع الإتحاد، لاسيما وأن آليات التوسيع وتقاسم السلطات كانت في صلب مشروع الدستور المرفوض. وما يعقد الأمور هو اقتراب مواعيد إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة في ألمانيا في ايلول/سبتمبر والانتخابات في ايطاليا في 2006 والانتخابات الرئاسية الفرنسية في 2007، إلى جانب عمليات اقتراع أخرى لدى دول انضمت حديثا إلى الاتحاد مثل بولندا والجمهورية التشيكية. ولا تقدم هذه التغيرات آفاقا كثيرة لتبديد الأزمة على حد قول الخبراء، وذلك نظراً لإنشغال الحكومات المحلية بترتيب أوضاعها الداخلية.

سياسة حكيمة ورحيمة

Bildergalerie Gerhard Schröder 17
هل ما زال المستشار قادرا على النضال من أجل اوروبا ودستورها الموحد؟صورة من: AP

بالأمس الخميس وصل المستشار الألماني غيرهارد شرودر إلى لوكسمبورغ والتقى مع جان كلود يونكر رئيس وزراء اللوكسمبورغ الذي تتولى بلاده رئاسة الإتحاد الأوروبي حالياً وذلك لمناقشة مستقبل مشروع الدستور الأوروبي بعد رفض كل من فرنسا وهولندا له. وأعلن يونكر عن عقد قمة أوروبية بعد أسبوعين في بروكسل، سيتم خلالها طرح مقترحات جدية حول الخطوات التي يتعين اتباعها للخروج من الأزمة الحالية وإنقاذ الإتحاد من الدخول في مرحلة من الجمود والشلل.

Jein
حتى الأبقار قالت لا للدستور في هولندا

وصرح شرودر أن ما تحتاجه أوروبا الآن هو سياسة حكيمة ورحيمة في نفس الوقت. وفي خطوة تعيد الزخم إلى عملية التكامل الأوروبي وتعطي دفعة إلى سياسة الإتحاد نجح الجانبان في إزالة الخلافات العالقة حول ميزانية الإتحاد وحصص المشاركين فيها جانباً. فبعد إعلان شرودر أن ألمانيا مستعدة لتقديم بعض التنازلات في هذا الشأن شريطة أن تتلائم مع وضعها الاقتصادي، أعلن يونكر عن تقديم مقترحات جديدة حول حصص الدول الأوروبية في ميزانية الإتحاد نزولاً عند رغبة الدول التي تدفع الحصة الأكبر في الإتحاد. ووفقاً لهذه المقترحات يقدم دافعو الحصة الأكبر ما قيمته 875 مليار يورو في الفترة بين 2007 إلى 2013، وهي قيمة وسطى بين القيمة التي اقترحها الإتحاد سابقاً وتبلغ 1025 مليار يورو والقيمة التي اقترحتها الدول وهي 815 مليار يورو. يذكر أن ميزانية الإتحاد الأوروبي تقوم على الحصص التي يقدمها الأعضاء، وتتوقف حصة المشاركة على القوة الاقتصادية للدولة واستقرار سوقها، وتسمى الدول التي تدفع حصة في ميزانية الإتحاد تفوق ما يعود عليها من أرباح بالدول دافعة الحصة الأكبر وهي: ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وهولندا والنمسا والسويد.

تبعات الرفض

وفي غضون ذلك بدأت تبعات الرفض الشعبي في فرنسا وهولندا للدستور الموحد في الظهور على شكل مواقف غير منسجمة بين أعضاء الإتحاد، فقد هددت ايطاليا يوم الأربعاء بعرقلة أي اتفاق حول الميزانية العامة يحد من المساعدات التي تحصل عليها، كما صرح وزير الشؤون الاجتماعية الإيطالي بأن على ايطاليا دراسة الانسحاب من اتفاقية الوحدة النقدية والرجوع إلى الليرة الإيطالية. في سياق آخر نادى وزير الخارجية الأسباني ميجيل أنجل موراتينوس بإعادة التفكير في ترشيح تركيا للانضمام إلى الإتحاد الأوروبي، مما يعني تغيير موقف أسبانيا الداعم للطلب التركي للانضمام إلى الإتحاد الأوروبي. كما شكك كثير من المراقبين في إقدام الحكومة البريطانية على القيام بالاستفتاء على الدستور الموحد كما كان مقرراً.

EU-Referendum Frankreich Präsident Jacques Chirac pessimistisch abwartend ängstlich
أضعفت نتائج الإستفتاء الأخير في فرنسا من موقف شيراك داخلياًصورة من: AP

وفي محاولة لرأب الصدع وتقليل حجم الخسائر يزور الرئيس الفرنسي جاك شيراك برلين غداً السبت للاجتماع بالمستشار الألماني شرودر، ويتوقع أن تتناول المباحثات بين أكبر قوتين في الإتحاد الأوروبي تبادل الآراء حول سبل الخروج من أزمة الدستور الموحد وبدء مرحلة جديدة. كما صبت مصادقة البرلمان في لاتفيا على إقرار الدستور الأوروبي الموحد بأغلبية كبيرة في مصلحة إتمام عملية التصديق حتى النهاية وجاءت كإشارة إيجابية على أهمية العمل المشترك في الإتحاد، وذلك في الوقت الذي تتعالى الأصوات لوقف عملية التصديق لفراغها الآن من المعنى بعد الرفضين الهولندي والفرنسي لها.

اتفاقية نيس في الميزان

ولا يعني الفشل في المصادقة على الدستور الموحد دخول أوروبا في فترة من الفراغ القانوني، فما ينظم المجال القانوني حتى الآن هو اتفاقية نيس المقررة عام 2000 والمعمول بها حالياً، لذلك فسيستمر العمل بها حتى إشعار آخر. غير أن إتفاقية نيس لا تتمتع بترحيب واسع وذلك لتعقيدات بنودها الخاصة بالتصويت وقواعد اتخاذ القرار. كما أن نسبة توزيع الأصوات بين المجلس الوزاري والبرلمان الأوروبي لا تكاد تصلح الآن بعد توسيع الإتحاد ودخول دول جديدة إليه.

EU Nizza Vertrag Symbolbild
اتفاقية نيس هي الأخيرة في سلسلة الإتفاقات الأوروبيةصورة من: The European Commission

لذلك ولدت فكرة الدستور الموحد لتبسيط قواعد التصويت ومواجهة تحديات عملية التوسع، حتى يحل في النهاية محل اتفاقية نيس. فعلى سبيل المثال أقرت معاهدة نيس توازنا جديدا في الأصوات في مجلس الوزراء يتراوح من 3 الى 29 (في مقابل 2 الى 10 سابقا) بهدف اخذ الأهمية الديموغرافية لكل بلد في الاعتبار. وتم الحفاظ على التكافؤ بين "الكبار" (ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وايطاليا) في حين حصل "الصغار" على ضمانة جديدة: لا يمكن الموافقة على أي أمر من دون الضوء الأخضر لغالبية الدول. ولكي يتم تمرير قرار ما لا بد له (1) من الحصول على أغلبية من الأصوات تصل إلى 232 صوت من أصل321 صوت، (2) هذه الأصوات يجب أن تمثل أغلبية الدول الأوروبية، (3) وفي نفس الوقت تمثل 62% من سكان الإتحاد. هذا المراحل الثلاث تم تخفيفيها عند صياغة الدستور الموحد لتسهيل عملية اتخاذ القرار، فتكفي أغلبية مزدوجة لتمرير القرار (أغلبية دول الإتحاد، وأغلبية سكان الإتحاد فقط). وتم تخفيض نسبة الدول القادرة على اتخاذ قرار مجتمعة إلى نسبة 55 % من دول الإتحاد على أن تمثل 65 % من اجمالي سكان الإتحاد.

صعوبة تعديل الإتفاقية

EU-Referendum Frankreich Wahlzettel NON Nein
وضعت نتائج الإستفتاءات الأخيرة نهاية لحلم الدستور الموحدصورة من: AP

مثال آخر هو كفاءة عملية اتخاذ القرارات، فتشتمل اتفاقية نيس على بند يحتم الحصول على الموافقة المطلقة عند اتخاذ قرارات تتعلق بالمسائل الحساسة مثل سياسة الضرائب أو الضمانات الاجتماعية أو السياسة الاقتصادية العامة، مما يعني أن صوتا واحدا بالرفض يكفي لتقويض القرار، الأمر الذي يزيد من صعوبة اتخاذ القرارات. أما الدستور الموحد فيكتفي بالأغلبية المزدوجة، أي أغلبية دول الإتحاد وأغلبية سكان الإتحاد، كما سن الدستور حق النقض الفيتو في بعض المجالات ويتم تجديده كل أربعة اشهر.

الآن بعد الفشل في إدخال الدستور الموحد حيز التنفيذ تبقى الإمكانية الوحيدة هي إجراء تعديلات على اتفاقية نيس على مراحل متتابعة لتناسب أفكار الدستور. غير أن تعديل الاتفاقية ليس بالأمر الهين، إذ يقتضي التصديق على التعديلات موافقة كافة الأعضاء عليها، وهذه الموافقة تستلزم في بعض الدول إجراء استفتاء شعبي كما حدث في فرنسا وهولندا مما يعني الرجوع إلى دوامة التذبذب السياسي من جديد.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد