1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شبح الفتنة الطائفية يخيم على التعايش السلمي في مصر

دويتشه فيله١٨ أبريل ٢٠٠٦

أظهر الاعتداء الإجرامي، الذي تعرضت له مجموعة من الأقباط بعد تأديتهم لصلواتهم في كنيستين بالإسكندرية مدى ضعف دعاية "النسيج الواحد"، التي أطلقتها الحكومة المصرية للتغطية على مشاكل التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين.

https://p.dw.com/p/8H7c
قوات الأمن المصرية تعامل المتظاهرين الأقباط بكل عنفصورة من: AP

"دم الأقباط في رقبة مبارك والعادلي"، "من يحاسب مثيري الفتنة؟" عبارات كتبها متظاهرون غاضبون يوم الأحد الماضي، 16 نيسان/أبريل 2006، على لافتاتهم عندما كانوا يرافقون وفداً يضم نحو 40 من الحقوقيين وأعضاء النقابات والمنظمات غير الحكومية الأقباط والمسلمين. توجه هذا الوفد إلى مكتب النائب العام المصري لتسليمه دعوى ضد الرئيس المصري حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي تحملهما مسؤولية الاعتداءات الأخيرة على كنيستين قبطيتين في مدينة الإسكندرية التي عرفت بتسامحها الديني عبى مر العصور. وضم الوفد أيضاً جورج إسحاق، المنسق العام لحركة كفاية المعارضة، الذي أكد على أن "ما جرى في مدينة الإسكندرية هو غياب للدولة لأنها وأجهزتها وجهت كل اهتمامها للحفاظ على نظام الحكم الذي يتحمل رئيسه ووزير داخليته مسؤولية ما جرى من اعتداءات على الكنائس".

وكان الطابع السلمي سائدأ على التعايش بين المسلمين والمسيحيين في مصر خلال الأعوام الماضية، وذلك على الرغم من حدوث صدامات بينهم من حين لآخر، إلا أن المواجهات بين المسلمين والمسيحيين تزايدت في الآونة الأخيرة، خاصة بعد أحداث الكشح بمحافظة سوهاج عام 2000 والاحتجاجات القبطية على تحول زوجة قس للإسلام في ديسمبر/كانون الأول 2004 و المظاهرات الحاشدة، التي نظمها مسلمون في تشرين الاول/أكتوبر 2005 احتجاجاً على عرض مسرحية داخل كنيسة قبطية اعتبروها مسيئة للإسلام.

أعمال عنف طائفية

Ägyptische Demonstranten flüchten vor Tränengasgranaten nach einer Protestveranstaltung vor der israelischen gegen die Politik Israels Botschaft in Kairo
قوات الأمن المصرية تفرق المتظاهرين بالغازات المسيلة للدموعصورة من: AP

وتأتي تصريحات جورج إسحاق بعد أن تعرضت كنيستان في الإسكندرية يوم الجمعة الماضي إلى هجوم دامي نفذه أحد الشباب المسلمين مستخدماً السلاح الأبيض. وأسفر هذا الهجوم عن مصرع شخص وإصابة خمسة آخرين بجروح خطيرة. وألقت سلطات الأمن المصرية القبض على محمد صلاح الدين عبد الرازق (25 عاماً) منفذ الهجوم وأعلنت أنه "مختل عقلياً". غير أن بعض الأقباط يرفضون تبرير الهجوم بان من قام به مختل عقليا، ويقولون ان الهجمات نفذت بشكل متزامن في إطار مخطط نفذه إسلاميون متطرفون ضد الأقباط. وانتقلت موجة العنف إلى العاصمة المصرية، إذ أعلنت مصادر أمنية هناك أن السلطات أحبطت محاولة اعتداء على كنيسة في القاهرة يوم الأحد. وأوضح مصدر امني مسئول أن "الدافع كان السرقة وأن الشخص، الذي حاول اقتحام كنيسة العذراء بشارع طومان كان مسلحاً بسكين ويدعى زكريا السيد زكريا." وعلى إثر ذلك أمرت النيابة بحبس زكريا أربعة أيام على ذمة التحقيق بعد أن وجهت له تهمة محاولة دخول مكان بقصد ارتكاب جريمة. كما أعلنت النيابة أنه "يعاني اضطراباً نفسياً وانه متهم في عدة قضايا منها نصب وخطف وسرقة في حي مصر الجديدة." وتأتي هذه الأحداث قبيل عيد الفصح، الذي يحتفل به مسيحيون الشرق في 23 أبريل/نيسان الحالي، والذي تقام قبله الصلوات الدينية بالكنائس يومياً.

الطائفة القبطية

Ostern in Ägypten - Miternachtsmesse in Kairo
الأنبا شنودة الثالث خلال قداس عيد الفصح في القاهرةصورة من: AP

يشكل الأقباط، الذين تعرضت كنائسهم للاعتداءات، عشرة بالمائة من عدد المواطنين المصريين حسب بيانات الكنيسة القبطية. غير أن الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن نسبتهم تقارب ستة بالمائة من عدد السكان. وعلى الرغم من أن الطائفة القبطية تعد إحدى أكبر الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط، إلا أنها تشكو من التمييز الديني والتهميش السياسي في مصر، إذ لا يضم مجلس الشعب (البرلمان المصري) تحت قبته سوى ستة نواب أقباط من بين 454 نائباً برلمانياً.

ومن جهتها تنفي الحكومة المصرية دائماً أي اضطهاد للمسيحيين وتؤكد على مبدأ "النسيج الواحد" والوحدة الوطنية والمساواة، التي يتمتع بها جميع المصريين بغض النظر عن ديانتهم أمام القانون. وتستشهد مصر في ذلك بنصوص الدستور المصري ودور المسيحيين في التاريخ المصري، وتولي بعضهم مناصب عليا مثل الأمين العام السابق لأمم المتحدة بطرس غالي ووزير الاقتصاد الحالي يوسف بطرس غالي. وإضافة إلى الأقباط الأرثوذكس تعيش في مصر أقليات مسيحية أخرى من الأقباط الكاثوليك والروم الأرثوذكس والبروتستانت. ويترأس الكنيسة القبطية الأنبا شنودة الثالث منذ 29 عاماً وهو الخليفة الـ 117 للقديس مرقص، الذي أسس هذه الكنيسة في القرن الاول الميلادي. ويتبنى الأنبا شنودة الثالث دوماً مواقف سياسية لا تتخلف عن مواقف الأغلبية المسلمة، لاسيما فيما يتعلق بالصراع العربي-الإسرائيلي.

تصريحات سريعة

Wahlen in Ägypten Hosni Mubarak
مبارك يؤكد دائماً على مبدأ الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين في مصرصورة من: AP

"من الطبيعي أن يرد الأقباط بغضب على ما جرى. لا يمكننا ان نقف متفرجين وكنائسنا تتعرض للاعتداء"، هذا ما قاله صمويل سعيد منصور بعد أن شارك في صلاة أحد السعف في كنيسة القديسين بالإسكندرية، إلا أن ذلك لا يبرر وقوع صدامات بين المسلمين والأقباط يوم السبت خلال تشييع جنازة نصحي عطالله جرجس (78 عاما) الذي قتل في اعتداءات الإسكندرية طعناً بالسكين. وأصيب خلال مواجهات السبت المواطن المسلم مصطفى مشعل، الذي توفي يوم الأحد متأثراً بجراحه. وأسفرت مواجهات السبت كذلك عن إصابة نحو عشرين شخصا آخر بجروح واعتقال 45 شخصاً من المسلمين والمسيحيين. ومما لاشك فيه أن الحكومة المصرية تحاول انتحال الأعذار لما يعتبره بعض الأقباط هجمات متزايدة على المسيحيين. وعلاوة على ذلك تثير التصريحات الرسمية للحكومة بأن منفذي الإعتدءات على الكنيستين مختلان نفسياً الشكوك، لاسيما وأن تحديد إصابة شخص بمرض نفسي يحتاج لتحليل يستغرق بضع ساعات.