1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مأساة الصومال المنسية: حرب أهلية قذرة تؤججها المصالح الدولية

عبده جميل المخلافي٧ يونيو ٢٠٠٦

بعد مرور أكثر من عقد على اندلاع الحرب الأهلية يعود الصومال من جديد إلى بؤرة الاهتمامات الدولية ولكن من بوابة الحرب على الإرهاب.المحاكم الشرعية تزحف نحو السلطة والإدارة الأمريكية قلقة من طالبان جديدة في القرن الأفريقي.

https://p.dw.com/p/8a0c
الصومال بلد يحكم من قبل الميليشيات وزعماء الحربصورة من: AP

أكثر من اثنتي عشرة سنة والصومال يعيش في أتون حرب أهلية أكلت الأخضر واليابس وأهلكت الزرع والضرع، فيما يتفرج العالم بما في ذلك الدول العربية على معاناة شعب تقطع أوصاله هذه الحرب الضروس. وفيما بدا خلال كل هذه السنوات أن القوى الدولية نست أو تناست محنة الشعب الصومالي، بعد ان انتفت الحاجة للموقع الجيو ـ ستراتيجي لهذا البلد المطل على مضيق باب المندب، لاسيما بعد انتهاء الحرب الباردة بين القطبين الكبيرين: الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتي، تعود الحرب الأهلية في الصومال إلى بؤرة الأضواء من جديد، ولكن من بوابة الحرب على الإرهاب. فقد كشفت الأيام القلية الماضية والأحداث المتمثلة في تجدد الاشتباكات الضارية بين فصائل صومالية اضافة الى قدرة الفصائل التسليحية أن هذه الحرب ليست أهلية بحته، وإنما تغذيها أطراف وقوى دولية: أي أنها "حرب شيطانية قذرة" يقودها زعماء حرب محليون مدعومون بقوى خارجية من جهة، وقوى عشائرية ودينية متحالفة ربما مع تنظيمات إرهابية دولية، وهو ما ينبئ بان الوضع الصومالي يتجه إلى التعقيد أكثر من الحل.

الحرب المنسية وغياب الضمير العالمي

Miliz Soldat in Mogadishu Somalia
لغة السلاح والقتال هي السائدة في الصومال منذ اكثر من عقد من الزمنصورة من: AP

بعد سقوط نظام الرئيس محمد سياد بري، الحليف والصديق المقرب من الإتحاد السوفيتي السابق، في بداية عقد التسعينات من القرن الماضي ونشوب الحرب الأهلية، كانت الولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة، قد تدخلتا عسكريا تحت مسمى إعادة الهدوء إلى البلاد في مهمة وصفت حينها بأنها إنسانية محض. لكن ضراوة الحرب في هذا البلد ذي التركيبة القبلية والسياسية المعقدة، كانت اشد من ان تلجمها تلك القوى. ناهيك عن ان هذه القوى فقدت الدافع للبقاء في هذا البلد المضطرب بعد أن تأكد لها بان مصالحها في منطقة القرن الأفريقي غير مهددة. يذكر هنا أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بسحب فواتها التي كانت متواجدة هناك مباشرة عقب سحب جنود أمريكيين في شوارع مقديشو أمام عدسات التلفزة الأمريكية وما نجم عن ذلك من صدمة لدى الرأي العام الأمريكي. ومنذ ذلك الحين ظلت الحرب الأهلية تقطع أوصال هذا البلد الإفريقي الفقير وتشرد الآلاف من أبنائه في كل أصقاع الأرض. وظل العالم يتفرج على معاناة شعب تفتك به الحرب وينهشه الجوع والأمراض الوبائية. شعب أقصى ما يستطيع عمله المحظوظون الميسرون فيه هو تسليم أقدارهم لتجار التهريب الذين كانوا يستغنون عن جزء من حمولة سفنهم من "البضائع الآدمية" بإلقائها في البحر.

العودة إلى بؤرة الأضواء من بوابة الحرب على الإرهاب

Nach vierzehn Jahren Krieg
الحرب قتلت أحلام الصوماليين فمتى ستضع أوزارها؟صورة من: AP

ومع توارد الأنباء عن تقدم احد الفصائل المتحاربة نحو العصمة الصومالية مقديشو، وهو الفصيل الذي يطلق عليه اسم "المحاكم الشرعية" بدأ العالم يكتشف الصومال من جديد، ولكن فقط لان هذا الفصيل يرتدي قميصا دينياً/إسلامياً. على ذلك اخذ الوضع في مقديشو يشغل مجدداً الولايات المتحدة، التي تخشى ان يتحول هذا البلد الواقع في القرن الإفريقي وتسوده الفوضى، إلى ملجأ للإرهابيين. وكشفت الأحداث الأخيرة ان الولايات المتحدة تتدخل منذ زمن بعيد لدعم فصيل صومالي مكون من أمراء حرب كانوا أعداء لواشنطن في الأمس القريب، بينما صاروا الآن"شركاء" في منع المد الطالباني في القرن الأفريقي. وكشفت مصادر أمريكية مطلعة ان واشنطن تدعم بالمال والاستخبارات زعماء الميليشيات، الذين يقاتلون ميليشيا إسلامية يخشى ان تكون "طالبان جديدة". لكن يبدو ان هذه العملية الأمريكية واجهت انتكاسة شديدة بعدما أعلنت ميليشيا المحاكم الشرعية يوم أول أمس الاثنين أنها انتزعت السيطرة على العاصمة مقديشو. هذا وكان الصومال مرشح بعد حرب أفغانستان للضربة عسكرية أمريكية للقضاء على ما قيل حينها بأنها بؤر إرهابية تعسكر هناك.

"المحاكم الشرعية" و "طالبان": ما أشبه اليوم بالبارحة

Somalia bewafnete Miliz in Mogadishu
زحف ميليشيا المحاكم الشرعية نحو السلطة في مقديشو يقلق واشنطنصورة من: AP

لعل الظروف التي بدأت في ظلها ما تسمى بميليشيا "المحاكم الشرعية" في الصومال التقدم نحو العاصمة مقديشو واكتساح الفصائل الأخرى، لا تختلف عن الظروف والملابسات التي وصل في ظلها طلاب المعاهد الدينية الأفغانية إلى الحكم. كما أن ظروف سقوط مقديشو في يد "المحاكم الشرعية" لا تختلف عن ظروف سقوط كابول في يد طالبان، لذلك بدأ القلق يساور الإدارة الأمريكية بشأن الوضع في الصومال وبشأن حقوق الإنسان هناك. وترغب واشنطن الآن ان يتمكن "الصوماليون من بناء مؤسسات تحترم حقوق الجميع"، حسب تعبير الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية شون ماكورماك، الذي أضاف ان بلاده لديها "قلق حقيقي" من ان يتحول الصومال إلى "ملجأ للإرهابيين". وتعتقد الحكومة الأمريكية الآن وجود مقومات لتشكيل حكومة في الصومال على أساس ديني مثل طالبان يمكن استغلالها من قبل القاعدة. ولكن بتدخلها في الشأن الصومالي بهذا الشكل ودعمها لأحد الفصائل تساهم الولايات المتحدة "في استمرار بل وتفاقم المشاكل الأساسية للصومال وتعرض المساعي لمكافحة التطرف على المدى البعيد للخطر"، حسب تعبير جون بريندرجاست الذي يراقب الأوضاع في الصومال لحساب مجموعة إدارة ألازمات الدولية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد