1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مراجعة كتاب: حبة فراولة لهتلر ـ مثال لتقديس الفاشية المطلق

٢٥ أكتوبر ٢٠٠٦

يقدم كتاب "فراولة هتلر" مثالاً حياً للتقديس الغريب والمطلق لشخصية أدولف هتلر الفاشية بهدف شرح المفاهيم وطبيعة المؤسسات والكيانات المرتبطة بهذه الحقبة المظلمة من تاريخ ألمانيا.

https://p.dw.com/p/9Hdc
الكتاب صرخة تحذير من خطر الإغراء الفاشي

"حبة فراولة هتلر" – هذا هو الاسم الذي أراد بستاني من شمال ألمانيا مهووس بالنازية أن يطلقه على أحدث إنتاج ناجح لحديقته في صيف عام 1933. وكمثال للتقديس الغريب والمطلق لهتلر بعد صعود حزب العمال الألماني الاشتراكي النازي ليصل إلى الحكم ، ثم ليصبح بعد ذلك الحزب الأوحد فإن هذه الملاحظة الهامشية تصور بشكل شديد الوضوح التعمية العامة، والتي في الغالب ما تبدو للشباب والكبار في هذه الأيام أمراً غير مفهوم بل ومضحك أيضاً. وقد نجحت كل من إنجكه برودرسن و كارولا شترن من خلال كتابهما في إلقاء مزيد من الضوء على صعود النازية، وبصفة خاصة على الحياة اليومية والآليات الاجتماعية في ألمانيا في ظل "الصليب المعقوف". ففي ستة فصول يتناول ستة من المؤلفين ستة محاور مختلفة فيما يتعلق بالحياة في الفترة ما بين 1933 و 1945، بعض هذه النصوص تأخذ طابع السيرة الذاتية، البعض الآخر له طابع خيالي، أما النص الافتتاحي الذي يحمل عنوان "حول نشأة نظام ديكتاتوري"، فإنه يعد على عكس من ذلك– باعتباره الأساس الذي تقوم عليه الفصول التالية - نصاً موضوعياً خالصاً.

تهدف صناديق المعلومات الموجودة في الأجزاء الروائية من الكتاب إلى شرح المفاهيم وطبيعة المؤسسات والكيانات المرتبطة بهذه الفترة الزمنية وتقدم بهذه الطريقة قاموساً للمصطلحات والكلمات موزعاً على كافة أجزاء الكتاب.

الحياة اليومية في الحقبة النازية

تتناول ثلاثة من النصوص الست الحياة اليومية في فترة الثلاثينيات والأربعينيات، ولكن من وجهات نظر متباينة تماماً. حيث كان محور الفصل الذي يحمل عنوان "في رحلة مع الزعيم"، والذي يدور موضوعه الأساسي حول منظمات الشباب في عهد النازية، ثلاثة من الأطفال الذين عايشوا ومروا بصور وأشكال مختلفة لطفولة وشباب منظم وفقاً للنهج النازي. حيث أتاحت منظمة شباب هتلر لشاب ينحدر من عائلة تعاني من البطالة والفشل، لأول مرة، إمكانية أن يكون أكثر نجاحاً من الآخرين، وأن يعيش المغامرة ويستشعر القوة. أما الابنة التي يميل أبواها إلى الشك والريبة فإنها على العكس من ذلك تستغل فرصة الاحتكار والتسخير التي تتيحها المنظمة من أجل أن تبتعد عن أبويها وقناعاتهما. أما الفتاة المسيحية التي نشأت في بيت ينتمي للطائفة الإنجيلية فإن الفجوة ما بين القيم الموجودة في المنزل وتلك الموجودة في المدرسة ومنظمة الشباب تمثل بالنسبة لها أمراً خطراً.

وفي الفصل الذي يحمل عنوان "لماذا يجب على الجندي أن يقتل؟" تحكي أوزولا فولفيل، من مواليد عام 1922 والتي تعد كاتبة أطفال معروفة، قصة بناية سكنية في منطقة الرور. حيث يتغير حال قاطني هذه العمارة مع مرور الوقت، فالشباب يصبحون جنوداً في الخدمة العسكرية، ويكتبون خطابات من على الجبهة، كما يتحول الأصدقاء بفعل الاختلافات السياسية إلى أعداء، والغرباء إلى أشخاص أهل للثقة. وكلما طال أمد الحرب، أصبح البشر والجبهات على حد سواء أشد قسوة، كما تصطبغ حياتهم المستقبلية بطابع ما يمرون به ويعايشونه داخل مخابىء الحماية من الهجمات الجوية.

مصير الشعب اليهودي

ولا يقتصر هذا الكتاب فقط على وصف الحياة اليومية لأغلبية الألمان، بل نجد أن قدر الشعب اليهودي في ألمانيا في تلك الفترة يمثل أحد المواضيع التي يتناولها الكتاب. إذ تحكي ميريام بريسلر في الفصل الذي يحمل عنوان "الجنة والجحيم" عن طريق المعاناة والشقاء الذي مرت به الفتاة اليهودية "هانيلوره" من مدينة "لايبزيج"، والتي تستعد ضمن مجموعة من الشباب الصهيوني للهجرة إلى فلسطين. وعندما بدأت الحرب العالمية الثانية عام 1939 تم إرسال الشباب إلى الدانمارك حيث عاشوا هناك في قدر نسبي من الأمان مع عائلات دانماركية، إلى أن تم ترحيلهم من قبل النازيين إلى معسكرات الاعتقال في مدينة "تيريزن شتاد". ولم ينقذ حياتهم سوى أنهم كانوا قادمين من الدانمارك، وذلك عندما أخرجهم الصليب الأحمر الدانمركي من معسكرات الاعتقال وكفل حمايتهم من الترحيل.

يصف الفصل الذي يحمل عنوان "لا تقل إن هذا من أجل أرض الاّباء" إمكانيات القيام بأعمال المقاومة حتى في ظل أكثر النظم وحشية ودموية. ولا يقتصر العرض الشامل الذي قام به هيرمان فينكه في هذا الفصل على الإشارة إلى مجموعات المقاومة المعروفة مثل "الوردة البيضاء"، بل تناول أيضاً التنظيمات الأقل شهرة مثل تلك التي كان يطلق عليها اسم "الفرقة الحمراء". فبالنسبة له كان أكثر ما يعنيه هو أن يبرز أنه في تلك الفترة، وعلى الرغم من التهديد الكبير، كان هناك أفراد لا تزال قناعاتهم الأخلاقية أقوى من الخوف من النظام السائد. فنجد هنا شخصية متفردة مثل جورج إيلسر أو شخصيات رمزية مثل القس الإنجيلي هاينريش نيموللر الذي يقف بجانب حركة شباب السوينج من هامبورج، وهى حركة تبدو على الشكل السطحي "غير سياسية"، كما يساند كذلك مجموعة ضباط الجيش الذين كانوا في أغلبهم من النبلاء؛ وخططوا ونفذوا محاولة الإغتيال الفاشلة في العشرين من شهر يوليو عام 1944. وحيث إن مثل هذا الفصل لا يقدم سوى إنطباع أولي عن هذه الشخصيات والحركات متعددة الجوانب، فإن النص يحفز ويشجع على المزيد من البحث.

صرخة تحذير من الفاشية

أما في الفصل الختامي فيحكي لنا التربوي هارتموت فون هينتج كيف عايش فترة نهاية الحرب والتطورات التي حدثت في ألمانيا عام 1945. فيكتب عن الشائعات الخاصة بنهاية هتلر وعن استخدام وتوظيف الأطفال والرجال المسنين في المقاومة الشعبية وعن محاكمة "نورنبرج" لمجرمي الحرب ومفاوضات قوات الحلفاء المنتصرة حول مستقبل ألمانيا التي كانت على كل الأصعدة تقف إزاء اللاشيء.

و ترى كلتا الناشرتين أن كتابهما يعتبر بمثابة صرخة تحذير وصيحة عون، وبصفة خاصة للقراء من الصغار والشباب، من أجل أن يتعرفوا في وقت مبكر على التركيبات الشمولية وأن يتخذوا موقفاً مضاداً لمثل هذه الأنظمة. كما أن وصف الحياة اليومية للشباب ييسر على القراء أن يضعوا أنفسهم في المواقف التي يتعرض لها هؤلاء الشباب، والتي تعرض أمثلة لسلوك ناقد للنظام، حيث تظل دائماً بالنسبة لكل فرد على حدة لحظة اتخاذ القرار قائمة، حتى ولو كانت هذه القرارات في الغالب ما تشكل تهديداً على حياتهم. وتتناول كارولا شترن في الخاتمة في المقام الأول الصعوبات التي يلاقيها الإنسان بصفته الفردية عند اتخاذه قراراً ما في مواجهة الرأي السائد. كما أنها تقيم خبراتها الخاصة بها كمثال مفزع على التضليل الذي يتعرض له الشباب والإدراك المتأخر لما يجري.

ليتركس ـ معهد غوته

هايكه فريزيل
يناير 2006
[ترجمة: د. طارق عبد الباري]