1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السلطة للشعب- التغيير الديمقراطي ممكن في العالم العربي أيضاً

٢٨ يناير ٢٠١١

انطلقت شرارة الاحتجاجات التونسية إلى دول عربية أخرى، فبعد تونس خرج المواطنون في اليمن ومصر الى الشوارع. ونظرا للحجم الكبير لحركة الاحتجاج فإن الرابح سيكون المجتمع المدني بلا شك، كما ترى الخبيرة الألمانية اوته شيفر.

https://p.dw.com/p/106B1
أوته شيفر، الخبيرة في الشؤون العربية والإفريقيةصورة من: DW

هل ستمتد الشرارة؟ بالأمس كانت في تونس واليوم في القاهرة، و صنعاء وغدا في دمشق؟ هل ستمتد ثورة الشعب إلى كافة أنحاء المنطقة العربية وتنتهي بالتحرر من الطغاة الجالسين في سدة الحكم، وزوال الأنظمة الاستبدادية القائمة ليحل محلها غدا أنظمة ديمقراطية؟ كلا، فالأمر لن يكون بهذه السهولة.

إن تتالي الانتفاضات السياسية، التي تجتاح بلدا تلو الآخر يعود إلى تشابه أسباب الاحتجاجات وتشابه أهدافها. الاحتجاج موجه ضد الحكام والطبقات المتنفذة التي سخرت الاقتصاد والسياسة لمنافعها الشخصية، وفي الوقت الذي استرخى فيه هؤلاء الأسياد هم وأفراد حاشيتهم على مر عشرات السنين في كراسي السلطة المريحة، غفلوا عن الشعب الموجود خارج القصور، ونسوا تماما أنهم يحملون مسؤولية سياسية، وأن النمو لا يعني أنه يقتصر على فئة قليلة إنما هو للجميع.

الأقلية الحاكمة في قصور حكام الدول العربية فقدت منذ وقت طويل الشعور بالواقع وتجهل حاجات شعوبها، التي يسهل رؤيتها بكل بساطة مثل: هل بإمكاني دفع ثمن خبزي، هل سأجد عملا؟، ما هي فرصتي في الحياة؟

ومع ذلك لن تتحول تونس إلى "دانتسيك" العالم العربي، أي المنطقة التي تنبثق منها الديمقراطية، مثلما حصل بعد ثورة عمال أحواض السفن البولنديين عام 1980، فعلى خلاف الاتحاد السوفياتي الذي كان يدار من قبل موسكو، لا تخضع المراكز السياسية في العالم العربي لقيادة سياسية مشتركة، إنما هي مختلفة تماما عن بعضها.

لكن توجد أيضا قوى تستثير المشاعر المشتركة للمجتمعات العربية، قوى تسعى أيضا لنقل خبرات الغضب والاحتجاج، ويأتي في مقدمتها الفضائيات العربية، وربما كانت الجزيرة والعربية أهم محرك لهذه الحركة، فهما تنقلان صورا ومعلومات من منطقة إلى أخرى.

ربما ما يزال بإمكان بعض الديكتاتوريات والدول الفقيرة في إفريقيا حجب المعلومات عن شعوبها، لكن هذا لم يعد ممكنا في الدول العربية، وقد تظن السلطة السياسية في العالم العربي أن المجتمعات المدنية غير قادرة على قول أي شيء، لكن لها صوت ذو وزن كبير في الإنترنيت والمدونات والشبكات الاجتماعية.

مصر ما تزال تحاول من خلال تلفزيونها الرسمي مواجهة المنافسة العربية القوية، لكن فيما يتعلق بالمصداقية خسرت آلة الدعاية الرسمية المعركة منذ وقت طويل، وفي العديد من دول المنطقة يتعرض المدونون والصحفيون للضغط، لأن الأنظمة تعلم أن الأصوات الحرة قد تشكل خطرا عليها.

الأسباب الاجتماعية للاحتجاجات يمكن معالجتها نوعا ما، لكن من المشكوك فيه ما إذا كان الناس سيقبلون بمقايضة ذلك بجرأتهم وإرادتهم للتغيير، فالحركة تشمل شرائح عريضة بشكل لم يسبق له مثيل، والاحتجاجات لا تقتصر على الطلاب ولا على المفكرين، ولا على الإسلاميين، إنما تشمل المعلم العادي وموظف البنك والمحامي، لا بل إنها تشمل، كما في تونس، قرويين صمتوا عبر سنين وتم تهميشهم سياسيا.


إذن قد تضيق إمكانيات التصرف على أبواب الانتخابات غير الديمقراطية المخطط لها هذه السنة: في اليمن يريد الرئيس صالح بعد أن حكم البلاد ثلاثين سنة تمديد فترة رئاسته مدى الحياة، ومثل هذه المدة الطويلة يجلس حسني مبارك في سدة الرئاسة، وكان قد ترك المجال لتزوير الانتخابات النيابية الأخيرة، ويعتزم ترشيح نفسه من جديد لمنصب الرئاسة. هذا السياسي، الذي يعامله الغرب كشريك، رتب منذ وقت طويل قضية خلافته من داخل العائلة، فمبارك يحضر لتسليم الحكم لابنه على غرار ما حصل في سوريا.

لكن إلى ماذا ستؤول هذه الاحتجاجات يا ترى؟ حسب تصورات بعض وسائل الإعلام الأوروبية سيستلم الإسلاميون مقاليد الأمور في المنطقة، لكن الحجم الكبير لحركة الاحتجاج يناقض هذا التصور، فالرابح سيكون المجتمع المدني الذي يظهر هذه الجرأة.

سيحدث في بعض البلدان تغيير في السلطة وستصبح الانتخابات أكثر نزاهة، ومن المحتمل أن تلعب المجالس النيابية دورا أقوى وأن يصبح الطيف الحزبي أكثر تنوعا. وهذه كلها خطوات هامة لتحقيق مزيد من الديمقراطية. لكن أهم درس يلقنه التونسيون والمصريون للمستبدين، من مينسك وحتى هاراره، من طرابلس وحتى عشق أباد، هو أنه لم يعد بالإمكان في عصر العولمة حجب الشعوب ولا حجب المعلومات كما يشاؤون أو إخضاعها للرقابة. وكلما زاد تلاحم العالم كلما ازداد الضغط على الحكام للتصرف بشكل مسؤول وفتح المجال للتغير.

أوته شيفر

مراجعة: عارف جابو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد