1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ألمانيا وتعاملها مع الحكام العرب

١٠ أكتوبر ٢٠١١

الأوروبيون يتحدثون كثيراً عن حقوق الإنسان، لكنهم كانوا يجتمعون بحكام عرب ظالمين لا يحترمون حقوق شعوبهم، ويصافحونهم ويتعاونون معهم أمنيا واقتصاديا. فهل كان للسياسيين الألمان مثلاً حق في ذلك؟ أم أن ذلك كان خطيئة لا تغتفر؟

https://p.dw.com/p/12pBA
وزير الخارجية الألماني غيدو فيستر فيلهصورة من: DW/picture alliance / landov

كثيراً ما اجتمع الدبلوماسيون الألمان في الماضي مع زعماء عرب سابقين كمبارك والقذافي وبن علي لمناقشة أمور الأمن أو الاقتصاد، وكثيراً ما تحاوروا معهم وصافحوهم وخرجوا معهم في مؤتمرات صحفية إلى الرأي العام، رغم عدم تحقيق هؤلاء الحكام للديمقراطية في بلدانهم وعدم احترامهم لحقوق شعوبهم. فهل كان الدبلوماسيون الألمان على خطأ أم أن ذلك كان له إيجابياته؟

GMF Speaker Kerstin Müller
البرلمانية الألمانية كيرستين مولارصورة من: privat

وهنا يطرح السؤال نفسه: إذا رغب علي عبد الله صالح بالقدوم إلى ألمانيا للعلاج، فهل سترحب به ألمانيا كرئيس لليمن أم كمواطن يمني عادي أم أنها ستمنعه من الوصول إلى أراضيها؟ وكما يُطرح سؤال آخر في هذا الاتجاه: هل كان من الصحيح أن تمنع ألمانيا سيفَ العرب ابن القذافي من التواجد على أراضيها، قرب مدينة ميونخ حيث كان يعمل لدى إحدى الشركات هناك، وهو ما اضطره إلى العودة إلى ليبيا حيث قُتل في هجوم على طرابلس في إبريل/نيسان عام 2011؟ حول أسلوب تعاطي الدبلوماسيين الألمان مع زعماء الأنظمة غير الديمقراطية يدور جدل كبير داخل البرلمان الألماني (بونديستاغ) وتتباين آراء البرلمانيين الألمان بين مؤيد ومعارض، في ظل عدم وجود قواعد واضحة في الخارجية الألمانية تنظم هذه المسألة.

من الخطأ أحياناً التحادث مع الديكتاتوريين

لم تتخذ وزارة الخارجية الألمانية موقفاً رسمياً واضحاً تجاه تعامل دبلوماسييها مع حكام الدول الذين لا يحترمون حقوق شعوبهم. ومن عادة الدبلوماسيين الألمان ألا يصرحوا في وسائل الإعلام حول ذلك مراعاةً منهم لماء وجه من يلتقون بهم من الحكام. لكن كيف ينبغي أن تتعامل ألمانيا وأن يتعاطى دبلوماسيوها مستقبلاً مع زعماء الأنظمة الديكتاتورية؟ وللإجابة على هذا السؤال، قام البرلمان الألماني بتكليف لجنته المختصة بالشؤون الخارجية والمكونة من 37 برلمانياً بمهمة إصدار توصيات غير ملزمة لوزير الخارجية والعاملين لديه بهذا الشأن.

Deutschland Deutscher Bundestag Abgeordneter Jan van Aken Die Linke
يان فان أكين: عضو البرلمان الألمانيصورة من: picture-alliance/dpa

ويقول بعض برلمانيي هذه اللجنة إنه ليس من السهل التخاطب مع زعماء الأنظمة الديكتاتورية. لكن وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 كان لا بد من إجراء محادثات مع الحكام العرب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشأن التعاون الأمني، فضلاً عن التعاون الاقتصادي. لكن كيرستين مولار البرلمانية عن حزب الخضر والتي كانت تشغل منصب وزير دولة في الخارجية الألمانية بين عامي 2002 و 2005 تنتقد نفسها بنفسها وتقول إنه "تَبيّن فيما بعد أنه كان من الخطأ إجراء بعض تلك المحادثات معهم".

الحوار مهم - حتى مع الديكتاتوريين

غير أن عضو لجنة البرلمان الألماني يوأخيم هورستار من الحزب الديمقراطي المسيحي يرى عكس ذلك تماماً وهو مقتنع بأنه لا بد من إجراء محادثات معهم ويضيف " كنا نحتاج لإجراء محادثات مع مبارك أو مع القذافي، وإلا فكيف كنا سنتمكن من ترويج مبادئنا وقيمنا الديمقراطية ومزاياها لديهما والتأكيد على أهميتها؟".

يوأخيم هورستار مختص بشؤون الدول العربية في اللجنة البرلمانية الألمانية وهو مقتنع بالمثَل الألماني القائل بأن "قطرات المطر المتتالية بإمكانها تفتيت الصخر المتحجّر" ويرى بأن الحوار المكثف عن قُرب مع زعماء الأنظمة غير الديمقراطية من شأنه تعريفهم بمزايا الديمقراطية الغربية وإقناعهم بها، ويتابع كلامه قائلا "أسلوب المواجهة والتحدي مع هؤلاء نفعه أقل من ضرره".

Deutschland Deutscher Bundestag Abgeordneter Joachim Hörster CDU
النائب في البرلمان الألماني يواخيم هورستارصورة من: picture-alliance/dpa

وهو يؤكد أنه من خلال تجربته الشخصية على جدوى الحوار الدبلوماسي مع أمثال هؤلاء. ويضرب مثالاً على ذلك المستشار الألماني الأسبق فيلي براند الذي شغل منصب المستشارية بين عامي (1969 وَ1974)، والذي اتبع أسلوب التغيير من خلال الاقتراب والحوار السياسي في بداية السبعينيات مع حكام الاتحاد السوفييتي غير الديمقراطي السابق. وهو ما أدى لاحقاً إلى إنهاء الحكم الشيوعي في ألمانيا الشرقية سابقاً وسهّل إعادة توحيد الألمانيتين بشكل سلميّ.

المهام الإنسانية تتطلب تقديم تنازلات

ويرى العديد من أعضاء اللجنة البرلمانية الألمانية للشؤون الخارجية أن التعاطي مع دول غير ديمقراطية - من وجهة النظر الغربية - كإيران مثلاً ومع زعيمها أحمدي نجاد يكون في الاتجاه الصحيح في الحالات الإنسانية. فلولا تعاطي وزير الخارجية الألماني غيدو فِستَر فيله مع أحمدي نجاد سياسياً وزيارته له لما تمكنت ألمانيا من جعل إيران تفرج عن مواطنَيْن ألمانيين كانا محتجزين حينها لدى السلطان الإيرانية، كما يقول البرلماني يان فان أكيم من حزب اليسار رغم انتقاده لما وصفه بالتقارب الدبلوماسي الزائد عن حده في ذلك الوقت.

مطالبة الديكتاتوريين بحقوق الإنسان

Deutschland Deutscher Bundestag Abgeordneter Bijan Djir-Sarai FDP
بيجان سراي: البرلماني الألماني من أصل إيرانيصورة من: Deutscher Bundestag/Lichtblick/Achim Melde

ويقول العضوان في اللجنة البرلمانية الألمانية بيجان سراي (الحزب الليبرالي) وأوميد نوريبور (حزب الخضر) ، وهما من أصل إيراني: "إن على الدبلوماسيين الألمان دوماً التأكيد على حقوق الإنسان عند وجودهم لدى زعماء دول غير ديمقراطية". لكنهما يؤكدان على أن ذلك ليس بالمهمة السهلة "فهؤلاء الزعماء عادةً ما يشعرون بالإهانة فور سماعهم لذلك وسرعان ما يرغبون في إنهاء الحديث، بل ويطالبون الألمان بتحقيق حقوق الإنسان في بلدهم أولاً قبل أن يتحدثوا عن حقوق الإنسان في دول الآخرين".

لكن جميع أعضاء اللجنة البرلمانية الألمانية يتفقون ويأسفون على عدم وجود قواعد واضحة لتعاطي الدبلوماسيين في الخارجية الألمانية مع زعماء الدول غير الديمقراطية والدول الغارقة في الفساد المالي والإداري. ولم يرِد أحد من البرلمانيين أن يحدد أسماء أفضل وزراء الخارجية الألمان في التعاطي مع هؤلاء الزعماء سابقاً. لكن لا شك أن هانز ديترش غينشار (الحزب الليبرالي) و يوشكا فيشار (حزب الخضر) و فرانك فالتار شتاينماير (الحزب الاشتراكي) كانوا من أهم وزراء الخارجية الألمان السابقين الذين حققوا ما تميزت بها السياسة الألمانية على مدى السنوات الستين الماضية وبالتحديد: التوازن والوثوقية والاستقرار في التعامل السياسي الخارجي.

فولفغانغ ديك/ علي المخلافي

مراجعة: طارق أنكاي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد