1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أماكن الشبهات في العراق

٢٠ مارس ٢٠١٤

لماذا يرشح البعض أنفسهم لمجلس النواب العراقي؟ وجه التشابه بين أماكن مشبوهة بالعراق وبين مجلس النواب في مقال رأي لحسن الخفاجي .

https://p.dw.com/p/1BTGF
Bildergalerie Irak Schiitenführer Muktada al-Sadr Rückzug aus der Politik
صورة من: WISSAM AL-OKAILI/AFP/Getty Images

هرعنا صوب بيت جارنا وحيد بعدما ارتفع صوته صائحا على ضيفه شلش: "أسنين طويلة وانته ذابحنه كل الناس تخلص صلاة وانته بعدك، طلعت تصلي للحور العين مو لله ".

سنوات خلت وشهور وأنا أحث صديقي المزمن خلف الذي اعرفه منذ أكثر من أربعة عقود، مناضلا صلبا قارع حكم البعث منذ عام ١٩٦٣ وسجن مرات عدة وظل عوده صلبا لم يساوم أو يتنازل عن عقيدته الوطنية . صحيح أنه ترك الانتماءات الحزبية وصحيح أيضا أنه استظل بظل الوطن. حافظ على روح عراقية نقية الهوى ولم يلتفت إلى المسميات الأخرى.

غادر العراق مكرها ومرغما صوب المنافي، أسهم من منفاه وعلى طريقته الخاصة بكل نشاط موجه ضد حكم صدام، رفاق دربه في ساحات النضال من مختلف الجهات من اليسار ومن اليمين من المتدينين والعلمانيين، اغلب من الواجهة السياسية يعرفونه جيدا.

عاد للعراق واعتزل السياسة، حتى أنه اعتكف عن التواصل مع اغلب من كانوا معه. سألته مرارا عن سبب عزلته واعتكافه، امتنع عن الإجابة مع علمي انه لا يخاف ولا يهاب أحدا، لكنه آثر الصمت.

قبل فترة فجرت فيه كامن أسراره وغضبه، بعدما طلبت منه أن يترشح للانتخابات ليسهم في عملية التغيير التدريجي صوب عراق ديمقراطي حقيقي مثلما أسهم سابقا في النضال ضد الدكتاتورية.

أجابني غاضبا : "لماذا لا تترشح أنت وأنا من أتولى حملتك الانتخابية وأتولى الدعاية لك" ؟

أجبته : مهمتي الكتابة، كي أكون مهنيا قدر المستطاع يجب أن لا أنخرط في العمل السياسي أو البرلماني. ألححت عليه ان يترشح، حينها أجابني:

لماذا تريدني ان اختم حياتي وتاريخي في مواطن شبهات !؟.

سألته :هل البرلمان العراقي موطن شبهة ؟.

أجاب: "ليس البرلمان وحده بل الشبهة طالت كل من يتصدون للعمل السياسي!. إذا أردت أن تعرف رأي العراقيين في البرلمانيين والسياسيين اذهب إلى العراقيين البسطاء في أسواقهم وأماكن عيشهم واسألهم، ستعزز حتما عندك القناعة بفساد اغلب السياسيين والبرلمانيين، لو تابعت الفضائيات العراقية وبرامجها، التي تعكس أراء العراقيين ستجد انني لست مبتكرا أو منتجا لهذه الفكرة .

أكمل خلف قائلا:" إذا كانت منطقتا الصابونجية و الميدان في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي أماكن شبه، ولا تسكن فيها الأسر المحافظة الا تحت ظروف قاهرة، وجزء كبير من منطقة الكمالية في بغداد ومنطقة الفوار في الديوانية مناطق مشبوهة حتى وقت سقوط النظام، فاأن البرلمان العراقي الآن هو مكان الشبهة الأول !. أردف قائلا: أتعرف ما اكبر ذنب اقترفه اغلب من مارسوا العمل البرلماني والسياسي بعد السقوط، ليس ثرائهم الفاحش على حساب المال العام، ولا تقاسمهم المناصب على أساس طائفي وقومي، وليس كل ما اقترفوه من جرائم بحق الوطن والمواطن، بل أن شيئا واحدا عملوه سوف لن تمحى آثاره لعقود، إنهم خانوا الأمانة وأساءوا إلى العراق بتشويههم سمعته وسمعة مؤسساته .

كيف تطلب مني بعد تاريخي الذي تعرفه أن أكون تحت سقف تعلوه الشبهة!. أكمل: يوصفون من اغلب العراقيين بأبشع الأوصاف ويشتمون بأقذع الشتائم.

أجبته: لكن هذا لا يعني أن كل البرلمانيين ولا كل الساسة هم ممن وصفتهم، بينهم الكثير من الوطنيين المخلصين، الذين يريدون الوصول بالعراق إلى ما يتمناه جميع الوطنيين، الذين ترنوا عيونهم إلى مستقبل امن خالي من الفاسدين والسراق والطائفيين .

بعد أن ذكرته بقضية جارنا السابق وحيد وضيفه الذي يصلي للحور العين سألته : هل أن اغلب البرلمانيين هم مثل شلش يبغون الحور العين، ويأتون للبرلمان للامتيازات فقط؟

أجابني: نعم مع الأسف الشديد، وإلا بماذا تفسر اأن عددا من المتهمين بالسرقة واللواط والبغاء والاغتصابوالرشا والتزوير ونهب المال العام وخيانة الأمانة وتهريب الآثار وتسريب أسئلة الامتحانات والقتل والإرهاب وغيرها من الجرائم الفظيعة، كانوا ممن تقدموا للترشيح وتم استبعادهم!؟

لقد قدموا ترشيحهم للبرلمان دون خشية أو خوف أو وجل أو حياء، لو لم تكن الأموال والامتيازات والوجاهة والسرقات هدفهم لما تقدموا للترشيح .

تركت خلف يرمي حمم بركان غضبه، بعد أن وصل إلى قناعة لا يمكنني وغيري أن نغيرها آخر كلماته كانت: " البرلمان والفوار والميدان والصابونجية والكمالية سابقا متساوون في شبهات الفساد".

اغلب البرلمانيين الحاليين والسابقين ومن سيأتون لاحقا لا يختلفون عن شلش، فهم يتعبدون طمعا بالحور العين، ويجعلون من البرلمان مكانا للإثراء غير المشروع .

صديقي خلف أفكاره وأطروحاته خلافية وفيها الكثير من الآراء الجريئة والخطيرة، فيها أيضا منزلقات لكن بعضها لا يخلوا من حقيقة مرة !.

مع ذلك فالبرلمان الحالي والمنصرف فيه أناس وطنيون همهم الأول رفعة الوطن والبعض من الساسة لا يقلون وطنية منهم.

أفكار صديقي خلف وأطروحاته يجب أن تحفزنا لان نختار بدقة المرشحين، الذين لم تؤشر عليهم تهم فساد أو إثراء، ممن تجاربهم السابقة كانت تجارب ناجحة. وصفوا ويصفون بالنزاهة وعفة النفس ونظافة اليد، وهم بعيدون عن الطائفية والقومية والتعصب. على عناد خلف آني أروح انتخب .

"اتجاه الأشرعة وليس اتجاه العواصف هو الذي يحدد وجهة سيرنا "

Hassan_alkhafaji_54@yahoo.com

السبت 2014 -3- 15

مراجعة: عباس الخشالي