1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إستفادة المهاجرات المغربيات في ألمانيا من قانون الأسرة الجديد "محدودة"

١١ ديسمبر ٢٠٠٩

رحبت المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة بقانون الأسرة المغربي الجديد حين صدوره، لمنحه حقوقا غير مسبوقة للمرأة المغربية، لكن تلك الحقوق لا تستفيد منها بعض فئات الجالية المغربية في ألمانيا، ما يثير قلق نشطاء المجتمع المدني.

https://p.dw.com/p/KzDp
الأميرة للا سلمى قرينة الملك محمد السادس تعتبر أول زوجة لعاهل مغربي في تاريخ البلاد تظهر للرأي العام وتشارك في الحياة العامةصورة من: AP

يسعى نشطاء المجتمع المدني ومهتمون بقضايا المرأة المغربية المهاجرة في ألمانيا إلى توظيف فعاليات ثقافية واقتصادية مغربية تشهدها مدينة هامبورغ نهاية الأسبوع من أجل التوعية بالحقوق التي يمنحها قانون الأسرة المغربي والنظام القانوني للبلد المضيف ألمانيا.

ويشارك خبراء ونشطاء المجتمع المدني في ندوة حول " قانون الأسرة وقضايا المرأة" تعقدها المؤسسة الأوروبية المتوسطية للتعاون (مقرها هامبورغ) ضمن الفعاليات التي تنظمها في هامبورغ، وقالت دنيا القرشي رئيسة جمعية ألمانية مغربية للتبادل الثقافي والاجتماعي وإحدى المشاركات في تنظيم الندوة لدويتشه فيله، إن عقدها يهدف لتعريف أفراد الجالية بالإصلاحات الجوهرية التي تحققت من خلال قانون الأسرة المغربي الذي يعرف ب"مدونة الأسرة"، ويعتبر من أهم الإصلاحات التي أنجزت في عهد الملك الشاب محمد السادس. و لاحظت القرشي أن ضعف الوعي بتلك الإصلاحات القانونية يسبب مشاكل قانونية واجتماعية لعدد من أفراد الجالية المغربية في ألمانيا، خصوصا في قضايا الطلاق والنفقة وحضانة الأطفال.

الطلاق وحضانة الأطفال أعقد مشكلات الجالية المغربية

Symbolbild Paar Marokko Deutschland
مشكل ازدواجية القوانين يساهم في تعقيد اجراءات الطلاق والحضانةصورة من: DW/dpa

من أبرز الإشكالات التي ترصدها دنيا القرشي وهي ألمانية من أصل مغربي، مسألة ازدواج القواعد القانونية التي تطبق على الأطفال المولودين في ألمانيا من زوجين مغربيين كان زواجهما طبقا للقانون المغربي. ويعتبر عدم الإلمام بمقتضيات القانون المغربي الجديد وكذلك بالنظام القانوني الألماني مصدرا أساسيا للمشكلات المطروحة بالنسبة لأفراد الجالية المغربية، كما توضح دنيا القرشي:"ليس هنالك وعي من بعض أفراد الجالية بالإصلاحات الجوهرية التي تضمنتها مدونة الأسرة، بل أحيانا نلاحظ فهما خاطئا لبعض مقتضيات المدونة مثل بند تقاسم الممتلكات بين الزوجين عند الطلاق" وتعتقد القرشي أن ضعف وعي أفراد الجالية بحقوقهم القانونية مرده إلى"غياب التوعية والتعريف بمحتوى المدونة رغم مرور خمس سنوات على سَنِها".

لكن الجهل بالحقوق والقوانين ليس وحده يسبب مشاكل قانونية بل أيضا عدم الانسجام بين النظامين القانونيين المغربي والألماني، فبعض أفراد الجالية يواجهون صعوبات في الاعتراف من قبل السلطات القضائية والإدارية الألمانية بإجراءات طلاقهم التي تمت وفقا للقانون المغربي، وخصوصا فيما يتعلق بحالات المغاربة الحاملين للجنسية الألمانية. وقد كلف ذلك بعض الأشخاص فسخ الزواج والقيام بإجراءات زواج جديدة طبقا للقانون الألماني.

وتعتبر مسألة زواج أحد أفراد الجالية بامرأة ثانية من أكثر الحالات تعقيدا، فالقانون المغربي الجديد رغم تضييقه الشديد لإجراءات الزواج بثانية إلا أنه ترك المجال لإمكانية الزواج بثانية في حالة موافقة الزوجة الأولى ، بينما يمنع القانون الألماني تعدد الزواج بشكل مطلق، وهو ما يطرح حالة تعارض بين قانوني البلد الأصلي وبلد الإقامة. ولاحظت القرشي أن المغرب وألمانيا يحتاجان الآن إلى تحديث الاتفاقيات القانونية والقضائية التي تربطهما كي تتلاءم مع التطورات القانونية التي حدثت خصوصا في المغرب، كما أشارت إلى أن بعض الإدارات الحكومية والمحاكم الألمانية ليست مطلعة بشكل كاف على القوانين المغربية الجديدة وخصوصا مدونة (قانون) الأسرة.

إصلاحات قانون الأسرة المغربي "تصطدم بنمط التفكير الأبوي"

Deutschland Marokko Soraya Moket
الباحثة الإجتماعية الدكتورة صوريا موكيت مؤلفة كتاب"دور المرأة المغربية في مسار الاصلاحات الديمقراطية"صورة من: DW

وبرأي الباحثة الدكتورة صوريا موكيت مؤلفة كتاب" دور المرأة المغربية في مسار الإصلاحات الديمقراطية"، فإن بعض العوامل الثقافية تساهم في ظهور مشكلات في تطبيق القانون سواء المغربي أو الألماني بالنسبة لأفراد الجالية، ويكمن المشكل الأساسي برأيها في"هيمنة نمط التفكير الأبوي ونظرة تقليدية للعلاقة الزوجية لا تعترف بالمرأة كشريك يتساوى في الحقوق مع الرجل، وتعتبر هذه الأفكار من خصائص الثقافة السائدة في المجتمعات الإسلامية بشكل عام". ومن جهتها تلاحظ القرشي أن "صعوبة تطبيق مدونة الأسرة مرده في عدد من الحالات إلى هيمنة العقلية التقليدية والقبلية لدى بعض أفراد الجالية رغم أنهم يعيشون في أوروبا منذ عشرات السنوات".

وفي مقابلة مع "دويتشه فيله" رصدت الباحثة الاجتماعية الدكتورة صوريا موكيت نائبة رئيس شبكة الكفاءات المغربية في ألمانيا "ضعفا في المستوى التعليمي والثقافي لدى بعض أفراد الجالية المغربية" وخصوصا الذين وفدوا لألمانيا منذ عقود، لكنها لاحظت أن العقدين الأخيرين شهدا تحسنا ملحوظا في المستوى التعليمي والثقافي لأفراد الجالية، بفضل ارتفاع نسبة الطلاب و حاملي الشهادات في صفوف المهاجرين المغاربة الذين يقصدون ألمانيا، وهو ما يؤثر إيجابيا على تطور النظرة لطبيعة العلاقة الزوجية وخصوصا لحقوق المرأة، لكن أفراد الجالية المغربية يخضعون لتأثيرات ثقافية متعددة وضمنها بعض التيارات الأصولية المتشددة التي كانت من أبرز معارضي قانون الأسرة الجديد.

قافلة مغربية تجوب أوروبا للتعريف بقانون الأسرة الجديد

Deutschland Stadt Hamburg Flash-Galerie Rathaus
مدينة هامبورغ تحتضن نهاية الأسبوع الحالي فعاليات إقتصادية وثقافية وفنية مغربيةصورة من: picture alliance / dpa

وتتفق القرشي وموكيت على أن الطابع المركَب للمشاكل التي يواجهها بعض أفراد الجالية المغربية فيما يتعلق بتطبيق قانون الأسرة سواء المغربي أو الألماني يتطلب تضافر أدوار الجهات الحكومية وهيئات المجتمع المدني وكذلك وسائل الإعلام. و في محاولة لتجاوز الصعوبات في هذا المجال ستنطلق مع مطلع السنة الجديدة مبادرة أطلق عليها "قافلة للتعريف بقانون الأسرة المغربي" في أوساط الجاليات المغربية في أوروبا، حسب ما أوضحت دنيا القرشي وهي من المشاركين في تنظيم هذه الفعاليات في ألمانيا. ومن المنتظر أن تشمل جولة القافلة كبريات المدن الألمانية التي يوجد بها حضور مهم للجالية المغربية مثل مدن فرانكفورت ودوسلدورف وهامبورغ والعاصمة برلين. و تشرف الوزارة المغربية المكلفة بالجاليات في الخارج على مبادرة " القافلة" ويشارك فيها فعاليات من المجتمع المدني وخبراء في القانون المغربي.

ومن جهتها أشارت الدكتورة صوريا موكيت إلى الدور الذي تقوم به هيئة "الكفاءات المغربية" في ألمانيا التي أُنشئت حديثا كهيئة غير حكومية، بتشجيع من الحكومتين الألمانية والمغربية. وقد وقعت في شهر نوفمبر تشرين الثاني 2009 اتفاقيات مع الحكومة المغربية لا يقتصر مضمونها على نقل التكنولوجيا والمعارف للمغرب لمساعدته في ميادين التنمية الاقتصادية والعلمية، كما تقول نائبة رئيس الهيئة "بل تشمل الاتفاقيات المشاركة في التوعية وتشجيع المهاجرين المغاربة على الاندماج في المجتمع الألماني، وتوعية أفراد الجالية وخصوصا الشباب والنساء وتعريفهم بالإصلاحات القانونية مثل مدونة الأسرة".

والجدير بالذكر أن عدد أفراد الجالية المغربية في ألمانيا يتجاوز 100 ألف شخص، وتعتبر أكبر جالية عربية في ألمانيا، ويعود تواجد أوائل المهاجرين المغاربة إلى بدايات الستينات وظهرت في العقود اللاحقة أجيال من المهاجرين سواء الوافدين من المغرب أو الذين ولدوا في ألمانيا أو أصبحوا يحملون الجنسية الألمانية.

الكاتب: منصف السليمي

مراجعة: حسن زنيند