1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إسلاميو"العدالة والتنمية" بين صناديق الإقتراع ومربع القصر

٦ أكتوبر ٢٠١٦

يخوض "العدالة والتنمية" الحاكم في المغرب ومنافسهم الليبرالي حزب الأصالة والمعاصرة، معركة انتخابية شرسة ما يرفع درجة الترقب لنتائج انتخابات الجمعة لدى المراقبين واهتمامهم بالتجاذبات حول دور القصر الملكي و"الدولة العميقة".

https://p.dw.com/p/2QqdS
Marokko König Verfassung Kompetenz Regierung
صورة من: Ismail Bellaouali

 

من يتابع حملات الأحزاب الرئيسية المتنافسة في الإنتخابات التشريعية التي تجري في المغرب الجمعة (07 أكتوبر/ تشرين الأول 2016)، يتبادر إليه بأن حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود الإئتلاف الحاكم منذ عام 2012، يوجد في المعارضة، وبأن حزب الأصالة والمعاصرة اللبيرالي العلماني، في الحكم. عبد الإله بنكيران أمين عام حزب العدالة ورئيس الحكومة الحالية، يوجه سهام نقده لمن يصفهم "فاسدين" لهم نفوذ في مفاصل الإقتصاد وعلى مراكز القرار السياسي وصولا إلى البلاط الملكي، ويقول بان ضغوط جماعات "لوبي" الفساد تعرقل الإصلاحات الإقتصادية والإجتماعية التي تريد حكومته تنفيذها.

بنكيران وخطاب "المظلومية"

في جولاته الإنتخابية وخطبه التي يتابعها الآلاف في ساحات المدن الكبيرة، وتبث مباشرة عبر مواقع التواصل الإجتماعي، يخاطب بنكيران الحضور بنبرة حماسية تتراوح أحيانا بين السخرية لجعل الجماهير التي تتابعه تضحك من خصومه، وطورا يخاطب الجمهور بلغة الدموع وملامح التأثر. ونادرا ما وصل رئيس حكومة في تاريخ المغرب إلى الدرجة التي يحققها بنكيران من قدرة على التواصل والتأثير في أوساط قطاعات واسعة من الرأي العام الشعبي في البلاد..ويتهمه خصومه بأنه يعتمد "أسلوبا ديماغوجيا وشعبويا" من أجل كسب عطف الناس، ووضع نفسه وحزبه في موضع "المظلوم"، لتبرير إخفاقه في تحقيق الوعود الإنتخابية السابقة، ومنها مكافحة الفساد التي تصدرت برنامج الحزب في انتخابات 2012، إذ يأتي المغرب في المرتبة 80 في المقياس العالمي للفساد الذي نشرته منظمة الشفافية الدولية في تقريرها السنوي 2014.

Marokko Wahlen Rede Premierminister Benkirane
عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة وأمين عام حزب العدالة والتنمية الإسلاميصورة من: Getty Images/AFP/F. Senna

يهاجم مرشحو حزب العدالة والتنمية بعض أجهزة السلطة ويتهمونها بـ"الإنحياز" لفائدة حزب الأصالة والمعاصرة، الذي أسسه في عام 2008، فؤاد عالي الهمة، صديق الدراسة للملك محمد السادس، قبل أن يستقيل من رئاسة الحزب ويصبح مستشارا في الديوان الملكي. ولا يتعلق الأمر بشكاوى محلية أو قضايا جزئية، بل تأتي الإتهامات من مستويات عليا، فقد كتب مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، القيادي البارز في حزب العدالة والتنمية، تدوينة على فيسبوك ينتقد فيها قرارات صدرت عن زميله محمد حصاد وزير الداخلية، "دون علمه" ومن شأنها التأثير على أجواء الانتخابات أو نتائجها، وقال "إن وزير العدل والحريات لا يُستشار ولا يقرر في شأن انتخابات 7 أكتوبر"..

ونشرت صحف محلية ومقاطع فيديوعلى الانترنت، تتحدث عن تجاوزات يقوم بها مسؤولو السلطات المحلية في بعض الدوائر الإنتخابية، لصالح هذا الحزب أو ذاك، بهدف التضييق على حزب العدالة والتنمية، وذهب بعض المحللين في المغرب، إلى الحديث عن "عودة أساليب قديمة كان يستخدمها المخزن للتأثير على نتائج الإنتخابات"( المخزن مصطلح يطلق في القاموس السياسي المغربي على البنيات التقليدية للسلطة المنبثقة من نفوذ الملك). وتصف الصحافة القريبة من حزب العدالة والتنمية"وزارة الداخلية بأنها "دولة داخل الدولة". ومن جهتها تنفي وزارة الداخلية المغربية مثل تلك الاتهامات.

"حزب الأصالة والمعاصرة ضمانة ضد الإسلاميين"

ولم يتردد الديوان الملكي في إصدار إشارات متتالية في شكل بيانات رسمية أو تصريحات تشدد على "حياد المؤسسة الملكية، واتخاذها نفس المسافة من كل المتنافسين في الإنتخابات"، وفي محاولة من الحزب الإسلامي، للتخفيف من حدة التوتر السياسي وخصوصا مع دوائر القصر الملكي، صرح بنكيران في مستهل حملته الإنتخابية، بأنه "يدير العلاقة مع الملك محمد السادس بمنطق التعاون ومنطق الود بعيدا عن منطق المنازعة الذي كان سائدا في أوقات معينة في تاريخ المغرب". كما ذكر بموقف حزبه إبان انتفاضات الربيع العربي في عام 2011 التي كانت "سنة شك" بسبب ما وقع في تونس وليبيا ومصر وغيرها من الدول، كما يقول بنكيران، مؤكدا أن حزبه قال إبانها "لن نغامر ببلادنا ولن نغامر بنظامنا ولن نغامر بالمؤسسة الملكية ضامنة للإستقرار بعد الله"، وهو الشعار الذي يحمل الحزب: "الإصلاح في ظل الإستقرار".

Marokko Wahlen Ilyas el Omari Oppositionspolitiker
إلياس العماري أمين عام حزب الأصالة والمعاصرة المعارضصورة من: Getty Images/AFP/F. Senna

لكن عددا من المراقبين يعتقدون أن العلاقة بين حزب العدالة والتنمية والقصر الملكي، لم تعد كما كانت قبل خمس سنوات، عندما حدث "إلتقاء بينهما" ضد "نزعات الثورة الشبابية" في انتفاضات الربيع العربي والتي طالت المغرب، لكنها لم تذهب إلى حد المطالبة بإسقاط النظام الملكي بخلاف ما حدث في مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا. ويتساءل بعض المراقبين إن كان التوتر الذي ظهر قبل الإنتخابات الحالية، مؤشرا على قرب تفكك "التفاهم" بين الجانبين أو على الأقل تراجعه.

ويشكل صعود حزب الأصالة والمعاصرة في الانتخابات المحلية والجهوية التي جرت العام الماضي، مؤشرا على أن هذا الحزب الذي يقدم نفسه كضمانة في موجهة"المد االمحافظ" لإسلاميي حزب العدالة والتنمية، يحظى بقبول أكبر من قبل المخزن. ويحذر حزب الأصالة والمعاصرة من أن استمرار الحزب الإسلامي على رأس الحكومة، سيقوي نفوذه وتغلغله في مؤسسات الدولة و"أخوَنتها". ويقود إلياس العماري، وهو سياسي مخضرم، ويساري سابق، حزب الأصالة والمعاصرة الذي يشكل جبهة من الشخصيات اليسارية والليبرالية والأعيان وجماعات النفوذ المحلية، ووصف العماري مشروع حزب العدالة والتنمية بأنه"خطير" وقال إنه"مشروع قائم على مواقف ايديولوجية، تخيفنا" في المغرب. ويركز الحزب اليبرالي في هذا الصدد حملته الإنتخابية على قضايا الحريات الفردية ويقول إنها مهددة من قبل الحزب الإسلامي الحاكم، الذي شهدت فترة حكمه، كما يقول العماري، حوادث إعتداءات على فتيات سواء بسبب "قبلة على فيسبوك" أو بسبب إرتداء تنورة، إضافة إلى إعتداءات في الشارع على مثليين.

دور حاسم للقصر

ونظرا للنظام الإنتخابي المعمول به في المغرب، فانه يستعصي على أي حزب أن يحصل على أغلبية مطلقة، وهو ما يجعل خطاب الأحزاب السياسية قبل الإقتراع عادة يختلف عن خطابها بعد إعلان نتائج الإنتخابات. فقد خاض حزب العدالة والتنمية حملته في انتخابات عام 2012 ضد من يصفهم علمانيين ولائكيين وأحزاب أخرى يصف زعمائها بـ"الفاسدين"، ولكنه من أجل تشكيل إئتلاف حكومي، تحالف مع حزب التقدم والإشتراكية (الشيوعي سابقا) وحزب التجمع الوطني للأحرار، ذو التوجهات الليبرالية، الذي يتزعمه وزير الخارجية الحالي صلاح الدين مزوار والذي كان يتهمه حزب العدالة والتنمية بالفساد خلال فترة توليه في فترة الحكومة السابقة لوزارة المالية. وتوخى الحزب نهجا توافقيا مع الملك، وما فتئ زعماؤه يؤكدون بأنهم يعملون في ظل"صاحب الجلالة"، و"أمير المؤمنين" كما يوصف الملك في نص الدستور. ويشددون على أنهم في الحكومة نتيجة صناديق الإقتراع وبفضل التوافق مع الملك، ويحاولون بذلك النأي عن تجربتي جماعة الإخوان في مصر وحزب النهضة التونسي.

وينص الدستور على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب الفائز، ويتولى الوزير الأول المكلف بمهمة تشكيل الحكومة بناء على أغلبية نيابية في البرلمان، كما يتم إختيار وزراء السيادة(الداخلية الخارجية، الدفاع) والأوقاف والشؤون الدينية، بناء على رغبة الملك.. بيد أن الانتخابات الحالية، قد تحمل مفاجآت، ليس فقط فيمن يمكن أن يفوز بالانتخابات ولكن أيضا في الإئتلاف الحكومي الذي يمكن أن يتشكل في ضوء نتائج الإقتراع، اذ يتابع المراقبون باهتمام ما إذا كان الغريمان حزبا "العدالة والتنمية" و"الأصالة والمعاصرة" سيضطران للجلوس على طاولة المفاوضات وتشكيل حكومة إئتلافية على غرار ما حدث في تونس بين حزب نداء تونس الليبرالي العلماني وحزب النهضة الإسلامي في الانتخابات التي جرت العام الماضي.

ومثل هذا التوافق قد يشجع عليه القصر الملكي، لمواجهة تحديات عديدة سواء على المستوى الإجتماعي بسبب تفشي الفقر وارتفاع معدلات البطالة، أو على المستوى الأمني ومخاطر التنظيمات الإرهابية، فقد أعلن قبل أيام قليلة من الانتخابات عن تفكيك خلية من الفتيات المراهقات اللائي جندنهن تنظيم "الدولة الإسلامية" بهدف تنفيذ إعتداءات إنتحارية في عدد من المدن المغربية يوم الإنتخابات.

 وكيف ما كانت السيناريوهات التي ستفرزها صناديق الإقتراع، فان الدور الحاسم يظل بيد الملك، في رسم ملامح التوجه الذي ستسير عليه البلاد في المرحلة المقبلة، اذ يمنحه الدستور صلاحيات واسعة، رغم أن التقليص الذي طالها في الدستور الحالي الذي أقر عام 2011 تحت وطأة ضغوط الشارع وفي عز انتفاضات الربيع العربي، واعتبرت إبانها خطوة براغماتية من الملك محمد السادس لإحتواء الاحتجاجات التي كانت تقودها حركة 20 فبراير الشبابية.

 

منصف السليمي

 

 

 

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد