1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الانتخابات في جمهورية الخوف

حامد الشريفي٢١ مارس ٢٠١٣

يرى حامد الشريفي أن الانتخابات القادمة في العراق قائمة على مبدأ التخويف المتشعب ، والسياسيون يخوفن الناخب من الله وعقابه إن لم يشارك في التصويت ، أو يخوفونه من وهم مجهول وكأنه لا ينقصه سوى الخوف .

https://p.dw.com/p/18183
صورة من: AP

الله الله في صوتكم ، احذروا سماسرة الأصوات ، حرام على من لا يصوت ، تجربة ديمقراطية عالمية فريدة من نوعها أساسها الخوف !

بما أن الانتخابات العراقية قرُبت سواء منها مجالس المحافظات او النيابية لذا فالحملات الدعائية قد بدأت ، فمن خلال مقالات أو كتابات أو نصائح أو حتى الخُطب الدينية الدعائية لحكام المنطقة الخضراء كونهم حكام "دنيا ودين" ! نستنتج خلاصتها للناخب العراقي وهي التخويف المتشعب ! فمرة يخوفونه من الله وعقابه ان لم يشارك في التصويت ، وأخرى يخوفونه من وهم مجهول وكأنه لا ينقصه سوى الخوف ، فيقول لنا ذلك "الصوت" يجب عليك أيها الناخب أن تسأل وتستشير من تثق بعقله وعلمه وعدله ووطنيته !

فمن هذا الذي يجمع كل هذه الخصال والتي يفتقر لها الناخب المسكين كي يستشيره ؟ فبالله عليكم ماذا ابقَوا للناخب إذا ، وأيةُ إهانة للشعب هذه؟ بعد ما الغوا ونفوا عنه العقل والعلم والعدالة والوطنية، فعلى أي ناخب يعولون للفوز بالهدف الرابع على مرمى الشعب العراقي المُبتلى؟ ويُزَوَق المقال بذكر اسم الله تعالى ليعطيه طابعاً قُدسياً ، فيقول لنا ذلك "الصوت" واعلموا بأن الله بما تعملون خبير ، فنبرة التحذير والتخويف واضحة في ذلك "الصوت" (أي إياك أن تضع اسم غيرنا في الصندوق ) .

"ما هي تلك المؤامرات التي تُحاك ضد العراق؟"

السؤال هو : ما هي تلك المؤامرات التي تُحاك ضد العراق والعراقيين ؟ أكثر مما هم فيه اليوم من بؤس وقتل وجوعٍ وتشريد ومعانات من انعدام تام للأمن والخدمات والصحة والتعليم ، فإذا تتبعنا مقالات أبواق الحكومة والقلة من المستفيدين منها من خلال محاضريهم والمجندين من خطبائهم واستغلالهم للمنبر الحسيني الشريف لمصالحهم الشخصية ، وكذلك في الصحف أو شبكات التواصل الاجتماعية (واِن كانوا من المنتقدين لفساد رجال السلطة والتشهير بتقصيرهم، فهذه كلها مناورات مكشوفة و لا تنطلي على الشعب مرة أخرى كون الكل يمثل في دورين ، الضحية والجلاد معاً أي السلطة والمعارضة في أن واحد ) ، فإذا تتبعناها سنجد تلك المؤامرات الوهمية التي يخيفونا بها تتلخص في مؤامرتين :

١- مؤامرة عودة البعث.

٢- مؤامرة سيطرت التكفيريين، أي (السلفية والوهابية ) .

وهنا نحلل المؤامرة الأولى وهي عودة البعث ، ذلك الفكر المشوه واللا إنساني المعروف لدى القاصي والداني ، وهو مكروه حتى من قِبَل منتسبيه المُكرَهين بالانتماء القسري لتلك الآلة الهدامة لأي أُمة.

إذن لا قاعدة شعبية لعودة ذلك الفكر المنحرف الذي هو أصلا ولد ميتاً، لذا فالمؤامرة الأولى ساقطة . وهنا أردت فقط التنويه على مفارقة عجيبة ، وهي ان البعث العراقي السيئ والمُحذر من عودته لذلك فالحكومة تجتثه ( وان كان اجتثاثا مزاجياً ) ، ولكن البعث السوري الذي هو نسخة منه نراه محموداً !

فالبعث السوري راعي المقاومة العربية والإسلامية وحامي الدين والمِلة ، وهو الضلع الذي لا يُسمح بكسره كما كُسرت من قبله أضلاع مقدسة ! شيء غريب اترك تفسيره وتأويله للقارئ الكريم ، أو لربما يستحق مقالاً جديداً بعنوان "بشار الضلع".

"مؤامرة السلفية الوهابية على العراق"

وإذا اردنا ان نحلل المؤامرة الثانية والتي هي اليوم أكثر حضوراً في دعايتهم الانتخابية الغيبية ، هي سيطرت التكفيريين من "سلفيون و وهابيون" على العراق ، فهذا شيء مضحك أكثر من ما هو مُخيف، فلو فكرنا بهدوء مع أنفسنا قليلاً وحللنا ذلك الأمر فسنرى أن حدوثه مستحيل ، كيف يسيطر التكفيريون القتلة والمكروهين أكثر من البعث من قِبل الإنسانية جمعاء سنة كانوا ام شيعة على العراق المملوء مراجع وفيه المرجع الأعلى لعموم الشيعة في العالم ؟

ولماذا لا نسمع ذلك النفير العام من سماحته ؟ كون ذلك من أهم واجباته ، (آم كذلك أصبح رئيس الحكومة الناطق باسمه وكالة ؟! كونه يشغل العشرات من المناصب بالوكالة عن الهاربين والغائبين من لصوص وإرهابيين كانوا بالأمس القريب شركاءه واليوم مطلوبون لعدالته !) وخصوصاً نحن لدينا دستور وانتخابات ، إلا اللهم ان يُنتخب أولائك التكفيريون من قِبل الشيعة وبموافقة المرجع الأعلى وهذا هُراء محض ، أو أن يكونوا كجرذان الليل يكيدون للعراقيين الأبرياء ولمقدساتهم ، وهذا هو بالضبط ما يحدث الآن تحت مرأى ومسمع حكومة حماة الدين والمذهب ، فالتفخيخ اليوم على أشده ومستمر منذ عشرة أعوام ، والعبوات واللاصقات والاغتيالات والكواتم ، وتفجير زوار العتبات المقدسة وفي كُل مناسبة في ازدياد ، ناهيك عن جريمة العصر بتفجير مرقد الإمامين العسكريين(ع) ، فأين هم أبطالنا وحماتنا المنتخبون ؟

نعم أنهم حموا تلك الجزيرة الخضراء التي يقطنوها وعوائلهم فقط . من هنا فالمؤامرة الثانية تُعتبر كذلك ساقطة بل سالبة بانتفاء الموضوع. إذن من أين تأتي هذه الأصوات المقدسة ولصالح من ؟ ألا تُذكرنا هذه الأصوات بالانتخابات السابقة وشعاراتها ؟ ففي الانتخابات الأولى كان الشعار المرفوع آنذاك هو حرام على الذي لا يعطيهم صوته وتُحرم عليه زوجته ويغضب عليه الإمام المهدي(ع) فصٓوتنا لهم . وفي الانتخابات الثانية والثالثة والشعار هو لا لتشتيت الأصوات فان البعث على الأبواب ، وكذلك صوتنا لهم وبسخاء .

"لماذا برّأ المالكي السعودية ووصفها بأنها عامل الاعتدال؟"

ويبدو أن الشعار الجديد للانتخابات القادمة هو التحذير من المؤامرات القطرية والتركية وجيش العراق الحر ، مزوقة كالعادة بأسطورة عودة النظام السابق ، اي خلطة ومعادلة جديدة غير معادلة الأمس !

فمثلما برأ الحاج المالكي شخصياً السعودية ووصفها بأنها عامل الاعتدال في المنطقة وأفرج عن "إرهابييهم" في سجونه ؟ والتي قال لنا مرارا بأنها أي السعودية هي عين الإرهاب وهي سبب موتنا نحن العراقيون والشيعة بالخصوص ، لتُبَرئ ساحتها بعد عشر سنوات من الكذب والافتراء كبراءة الذئب من دم يوسف ، وإلا ما معنى ان السعودية اليوم هي تمثل الاعتدال في المنطقة ؟

اخبرنا إذن من كان وراء قتلنا طوال هذه السنين ؟ ام هل تقمصت شخصية سلفك صدام الذي كان يعدم ويندم ويتراجع ويصفهم بشهداء الغضب ويعوض في بعض الأحيان ذويهم !

فحتماً سيأتي اليوم القريب الذي يصف فيه "الحاج" تركيا بالجارة العزيزة وكذلك قطر بالدولة المتعقلة والموزونة الخ.. فهل من شك بان الرجل يتفوه بما يملى عليه ممن وضعه في غير مكانه ؟

" الوعي ثم الوعي ومزيد من الوعي أيها الناخب العراقي الكريم!"

إنها والله هي الحرب النفسية التي تُشَن على الشعب المُثقل بالمتاعب أصلا من اجل البقاء في السلطة ليزدادوا ثراء والأدلة عليها كثيرة، وإلا هل رأيتم الشعب يوماً يحترم حكومة المنطقة الخضراء المنتخبة ؟ الجواب كلا بل يستهجنها لفسادها وكذبها ، إذن ما هو سر إعادة انتخابها على الرغم من غرقها في الدم العراقي المسفوك والمباح والمال العام المنهوب من قِبل وزرائها ؟

الوعي ثم الوعي ومزيد من الوعي أيها الناخب العراقي الكريم من الانزلاق في نفس تلك الحفرة التي حُفرت لك من سنين بيد المتاجرين بمالك ودمك ، فاليوم تخدعك تلك الأحزاب نفسها ولكن بوجوه جميلة وجديدة بالكامل كانوا يعدون لها منذ فترة طويلة ، جُلها من الشباب الأنيق والمثقل بالشهادات العليا من جامعات تابعة لنفوذ تلك الأحزاب والميليشيات ، ومن غير مزدوجي الجنسية ، فالمؤمن لا يلدغ من جحرٍ مرتين كما في الحديث الشريف.