1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الثأر بالتعويض!

علي شايع٥ سبتمبر ٢٠١٣

قررت الحكومة العراقية منح تعوضيات لضحايا الارهاب، إلا أن الاجراءات والعوائق الإدارية والبيروقراطية وتراكم الملفات تحول دون انجاز الطلبات بالسرعة المناسبة، حسبما جاء في مقال الكاتب علي شايع

https://p.dw.com/p/19cc6
Civilians inspect the scene of a car bomb attack at al-Ameen neighborhood in Baghdad, Iraq, Saturday, June 8, 2013. Iraqi authorities say the car bomb explosion has killed and wounded people in a commercial street in the Shiite neighborhood of al-Ameen, southeastern Baghdad. Several shops were damaged in the attack. (AP Photo/Karim Kadim)
صورة من: picture-alliance/dpa

قبل أيام نشرت صحيفة الصباح العراقية خبراً يؤكد تسليم التعويض لثمانية وستين مواطناً من متضرّري وضحايا الإرهاب في بغداد، بعد بيان المحافظة عزمها غلق الملف في نهاية العام الحالي. وهو خبر يبدو للوهلة الأولى مبشراً بالخير، لكن الواقع يتضح بصورة أخرى حين نطالعه إلى نهايته، حيث يبين وجود ثلاثة آلاف معاملة تعويض مادية وبشرية متراكمة عن السنوات السابقة، إضافة إلى رصيد هائل من ملفات قيد الإنجاز.

بالطبع إن قضية التعويض قضية عدالة من الدرجة الأولى، وتستدعي أقصى غايات الإنصاف، في معالجة الوضع العام لمستحقين ينتظرون بلهفة، والأمر يتطلب إجراءات خاصة، ووقتاً كافياً لتحضير لجان دقيقة تقدّر حجم الضرر، وتنصح بما تراه مناسباً للتعويض. وكذلك على المواطن تقع مسؤولية التواصل الإداري بشروطه وامتيازاته، فتلك اللجان لم تجعل من أمرها قطعياً بحكم حق تقديم الطعون في نسب المبالغ المستحصلة، من أجل تقديمها إلى لجنة أخرى لتقييم الأضرار مجدداً. بالتأكيد إن من يخسر عزيزاً لا تعوض خساراته كل أموال الأرض، لكن فعل التعويض المادي المرصود وفق القانون قد يساعد على سدّ الفجوة لمن فقدوا معيليهم، ولعلّ التعويض المنصف في هذه الحالة لا يكون بدفع مبلغ مالي لمرة واحدة، بل بصرف راتب تقاعدي يمنح كفاف عيش حياة كريمة، وهو ما أوعزت به الحكومة لمنح ضحايا التفجيرات امتيازاً يكاد يكون مقارباً لامتيازات عائلات ضحايا النظام المدان.

المطلوب حلول عاجلة ومنصفة

تلك القضية أصبحت الآن في المتناول الإداري، وعلى الجهات المختصة السعي إلى زيادة قنوات الاتصال بين موظفيها والمواطن، لبيان المطلوب من إجراءات ومستمسكات بقيت كأولى الحجج والعقبات أمام إنجاز معاملات التعويض السابقة، إضافة إلى التوصية بعدم فرض الوحدات الإدارية التعقيدات والروتين وإيجاد الحلول العاجلة واللازمة. فعلى سبيل المثال وفي ملفات المفقودين تحديداً، لا يحصل الأهالي على شهادة وفاة تمكنهم من تسلم التعويضات إلا بعد مرور أربعة أعوام على غياب مفقود قد يكون مسؤولاً عن إعالة أسرة كاملة، وهذا الإجراء الإداري يمكن إيجاد حلّ له من خلال تقليص المدة وفرض غرامات مالية عند ظهور المخالفة.

إن العدالة المأمولة توجب معاينة كل قضية بشكل منفرد، وبحسب تداخلات الظروف في كل ملف ومعاملة، وضمن سقف إنساني لا يصله القانون أحياناً، وبعيون تبصر وتدرك لوعة المحتاج، وتؤسس لمبدأ التكافل الاجتماعي عبر التعويض المادي والمعنوي المشرّف، وعدالة تستنهض همم الإنصاف من خلال توفير الامتيازات للمشمولين بأولوية فرص العمل والدراسة الملائمة، وتقديم التسهيل والمساعدة تمكينا لرفاههم الاقتصادي والاجتماعي، ومؤازرتهم قانونياً، وضمان الرعاية الصحية والكفالة الاجتماعية، كحق مفروض وليس منحة أو هبة. هذا الحق يفرض على الحكومة جعل الملف في سلة الجهود الكبرى الرامية لإنجاز "ثأر الشهداء" أمنياً، ليتم تحقيق ثأر التعويض المنتظر.

علي شايع