1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الثورة تبث روحاً جديدة في علاقة المهاجرين التونسيين ببلدهم

١٠ يوليو ٢٠١١

ما ينتظره التونسيون المهاجرون في أوروبا من ثورة الياسمين، يكاد يضاهي ما ينتظره تونسيو الداخل عامة، إذ كان دور المهاجرين التونسيين نشيطاً في دعم الثورة، والآن تتركز الأنظار حول ما يمكن أن يساهموا به في بناء مؤسسات بلدهم.

https://p.dw.com/p/11sCG
صورة من: AP

عودة التونسيين المهاجرين في أوروبا إلى بلدهم في صيف هذا العام لها مذاق خاص بكل المقاييس، وبعضهم يعود للمرة الأولى منذ عقد أو عقدين بسبب ظروف المنفى لأسباب سياسية. والاهتمام بعودة الجالية التونسية المقيمة في أوروبا، لقضاء إجازاتهم الصيفية في بلدهم، غالباً ما يتم اختزاله في العائدات المالية التي تدرها عودتهم على الاقتصاد، أو في أجواء استقبالهم في المطارات والموانئ. ويقول خبراء تونسيون وأوروبيون استطلعت دويشته فيله آراءهم في الموضوع، إن الاقتصاد التونسي الذي يعاني متاعب جمة منذ ثورة الرابع عشر من يناير/ كانون الثاني التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، بحاجة ماسة إلى التحويلات المالية والاستثمارات التي يمكن أن يساهم بها التونسيون المهاجرون في أوروبا. لكن دور هؤلاء لا ينبغي أن يُنظر له فقط من الناحية الاقتصادية، بل أيضاً من حيث القدرات والخبرات التي يمكن أن يساهموا بها في بناء الديمقراطية وتقوية دور المجتمع المدني.

وشدد عبد السلام النغازي، رئيس الجمعية المغاربية لتنمية الموارد البشرية، على أهمية الدور الخاص للكفاءات التونسية في الخارج في بناء مؤسسات بلدهم بعد الثورة، ويعتقد أن "الخلل الكبير الذي كان قائماً في علاقة الجالية بالدولة واختزالها في تأطير إداري وسياسي لفئات معينة موالية للنظام تتطلب اليوم مراجعة شاملة وبلورة رؤية إستراتيجية جديدة". وحول مساهمة التونسيين المهاجرين بألمانيا في مرحلة ما بعد الثورة يرى رالف ميلتزر، مدير فرع مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية في تونس، أنه يتعين أن يبدأ بالتركيز على تقوية شبكة التواصل ومنظمات المجتمع المدني بين التونسيين في ألمانيا، من أجل جعل مساهمتهم أكثر فعالية في بلدهم في مرحلة ما بعد الثورة، مشيراً في هذا الصدد إلى مجالات متنوعة مثل التكوين وتبادل الخبرات.

دور اقتصادي كبير

Konferenz Rolle der Tunesier in Deutschland und Europa nach der Revolution in der Heimat
مروان السنوسي خبير تونسي ومستشار في مجال اندماج المهاجرين بألمانيا متحدثا لدويشته فيله في تونسصورة من: DW/Slimi

وأظهرت فعاليات ندوة نظمتها مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية بتعاون مع الجمعية المغاربية لتنمية الموارد البشرية، قبل أسبوع في تونس، أن توقعات التونسيين على المستويين الرسمي والشعبي كبيرة من المساهمة، التي يمكن أن يقدمها المهاجرون التونسيون في أوروبا، فهم يشكلون 85 في المائة من مجموع التونسيين المقيمين في الخارج والذين يتجاوز عددهم مليون شخص أي حوالي 10 في المائة من سكان تونس. ويساهمون بنسبة 4.5 في المائة من الناتج الداخلي المحلي.

وتضم الجالية التونسية في الخارج نخباً وكفاءات عالية، وحسب دراسة إحصائية حديثة أنجزت بإشراف ديوان التونسيين بالخارج (هيئة حكومية تشرف على الجاليات التونسية في الخارج) فإن عدد الكفاءات العالية التونسية في أوروبا يناهز 65 ألف شخص. وقد أعلنت نتائج الدراسة خلال الندوة التي عقدت بعنوان"مساهمة التونسيين في الخارج في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في تونس في مرحلة ما بعد الثورة".

ويتركز وجود المهاجرين التونسيين في أوروبا بفرنسا وايطاليا وألمانيا، ويعتقد رالف ميلتزر أن البعد السياسي والاقتصادي لمشاركة التونسيين المهاجرين في ألمانيا، ببلدهم ينبغي أن يوازيه "طرح مفهوم جديد لقضية الهجرة من منظور يلائم التطورات، التي حدثت وحرية تنقل الأشخاص والكفاءات" وأضاف بأن "التونسيين في ألمانيا بفئاتهم المتنوعة، مهاجرين ومزدوجي الجنسية (ألمانية وتونسية)، يمكنهم أن يساهموا بشكل متميز عبر مجالات التكوين ونقل الخبرات التي اكتسبوها في ألمانيا وأوروبا".

تمثيل سياسي للمهاجرين

Reaktionen der Tunesier in Deutschland über die Unruhen in Tunesien
تجمع احتجاجي نظمه نشطاء تونسيون في مدينة بون الألمانية قبيل سقوط نظام الرئيس بن عليصورة من: DW

وعاد بعد ثورة 14 يناير/ كانون الثاني آلاف التونسيين من الخارج، بينهم لاجئون سياسيون سابقاً وكفاءات وخبرات، وهم مندمجون حالياً في عملية بناء المؤسسات وبعضهم من مواقع قيادية مثل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات والحكومة الانتقالية ومؤسسات مصرفية واقتصادية. لكن الثقل الأكبر من حيث خبرات الجالية التونسية في الخارج، ما يزال ينتظر كيف ستتطور أوضاع بلدهم وهل ستقام مؤسسات جديدة تؤطر علاقتهم ببلدهم وكيف ستجري مشاركتهم في الانتخابات.

ويشكل إقرار القانون الانتخابي الجديد لتمثيل التونسيين في الخارج في المجلس الوطني التأسيسي الذي سيجري انتخابه يوم 23 أكتوبر/ تشرين الثاني المقبل، "عنصراً مهماً لتقوية دور المهاجرين التونسيين في رسم سياسات بلدهم لكنه غير كاف"، كما يقول مروان السنوسي وهو خبير تونسي واستشاري في مجال اندماج المهاجرين بهامبورغ. ويشير السنوسي إلى أهمية مشاركة التونسيين بألمانيا في انتخاب المجلس التأسيسي الذي سيمثلهم فيه نائب وحيد، حسب ما ينص عليه القانون الانتخابي الجديد.

ويعتقد السنوسي أن "استعادة الثقة بين المواطن والإدارة هي أولى الخطوات، التي ينبغي أن توجه إليها الحكومة التونسية"، مشيراً بشكل خاص إلى أهمية أن يكون "الرجل المناسب في المكان المناسب بالنسبة للممثليات الدبلوماسية والقنصلية بما يساعد على تنمية التعاون بين ألمانيا وتونس ومساعدة التونسيين المهاجرين وفهم مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية في بلاد المهجر".

دور استراتيجي للكفاءات

ويناهز عدد التونسيين المقيمين في ألمانيا حوالي 120 ألف شخص، ثلثهم يحملون الجنسية الألمانية، ويساهمون بعائدات مالية سنوية وتعتبر الأعلى من حيث المعدل الفردي، إذ يتجاوز معدل عائدات التونسي المقيم في ألمانيا أربعة آلاف يورو سنوياً وهو ضعف معدل عائدات التونسي المقيم في فرنسا. لكن مستوى التنظيم والتأطير بالنسبة لأفراد الجالية التونسية في ألمانيا ما يزال ضعيفاً، سواء مقارنة بجاليات تونسية أخرى في فرنسا أو كندا، أو مقارنة مع جاليات مثل التركية والمغربية في ألمانيا. وقد قدم نشطاء مغاربة، أمام المشاركين في ندوة تونس، تجربتهم في إنشاء هيئة للكفاءات والخبرات المغربية.

وفي هذا الصدد قالت صوريا موكيت المسؤولة في شبكة الكفاءات المغربية الألمانية إن هذه المنظمة غير الحكومية استقطبت مئات الكفاءات وتمكنت من نسج شبكة من العلاقات والمشاريع المشتركة الألمانية المغربية، استفادت منها مؤسسات ومناطق عديدة في المغرب، كما قدمت عبرها مساعدات وتم نقل خبرات إلى مؤسسات مغربية في ميادين التعليم والتدريب، وجرى ذلك بدعم من الحكومة الألمانية.

ومن جهته أعرب السفير الألماني في تونس هورست فولفرام كيرل عن التزام ألمانيا كحكومة ومؤسسات غير حكومية دعم مشاريع التنمية في تونس بعد الثورة وتشجيع مشاركة التونسيين في الخارج في هذا المسار، منوّها إلى تجذر الحداثة في المجتمع التونسي وتوفره على بنيات تحتية متطورة وهو ما يساعد على انجاز برامج تعاون مع ألمانيا في ميادين كالطاقات المتجددة والبيئة والصناعة والخدمات. وأبرز السفير الألماني ضرورة توجيه الجهود إلى أولويات ومشاكل عاجلة بالنسبة للتونسيين وفي صدارتها خلق فرص العمل للشباب.

Konferenz Rolle der Tunesier in Deutschland und Europa nach der Revolution in der Heimat Flash-Galerie
السفير الألماني بتونس هورست فولفرام كيرل متحدثا أمام ندوة مؤسسة فريدريتش ايبرت في تونسصورة من: DW/Slimi

وكبديل عن نمط العلاقات التي كان يقيمها النظام السابق مع الجاليات التونسية في الخارج، حيث كانت تقوم على شبكات من علاقات الزبونية والولاءات للنظام وحزب التجمع الدستوي الديمقراطي الحاكم (المنحل)، يرى عبد السلام النغازي رئيس الجمعية المغاربية لتنمية الموارد البشرية، أن الشكل الجديد لتنظيم العلاقة بين الجالية ومؤسسات بلدهم ينبغي أن يقوم على قاعدة مشاركة الجميع بمختلف آرائهم السياسية والفكرية دون إقصاء.

ومن جهته اعترف فرج السويسي، مدير عام ديوان التونسيين بالخارج، بأن عقبات إدارية عديدة ما تزال تعرقل مساهمة التونسيين بالخارج في تنمية بلدهم، واعتبر أن تنامي دور المجتمع المدني في أوساط الجاليات التونسية، مؤشر على تحوّل إيجابي سيساعد في تقوية مشاركة التونسيين بالخارج في بناء مؤسسات بلدهم بعد الثورة، مشيراً في هذا الصدد بأن 250 جمعية غير حكومية أسسها التونسيون في الخارج، بعد الثورة، لكن الخبراء يشيرون إلى ضرورة التأكد من مدى فعالية ومصداقية تلك الجمعيات. ومن جهته يرى مروان السنوسي بأن التونسيين في ألمانيا يمكنهم تطوير أنشطتهم الاجتماعية وفعاليات المجتمع المدني، مشيراً في هذا الصدد إلى "التجربة الرائدة للجالية التركية في ألمانيا".

منصف السليمي – تونس

مراجعة: عماد غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد