1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"الحب والزواج أقوى من حاجز فارق السن"

٥ نوفمبر ٢٠١٠

لم يعد زواج الشاب السوري من فتاة تكبره سنا مثار تهكم ورفض من قبل أهله ومحيطه كما كان عليه الأمر سابقا. ويعكس هذا تغيرا في المفاهيم السائدة في المجتمع السوري. دويتشه فيله تحدثت مع بعض المعنيين والمتخصصين عن هذه "الظاهرة".

https://p.dw.com/p/Pugj
صورة من: fotolia/Dirk Schäfer

عندما تزوجت رولا حسون من الشاب زين إسماعيل، الذي يصغرها بعشرة أعوام، قبل أكثر من عشر سنوات بقيت قصة زواجها محل تداول الناس فترة طويلة. كان الجيران يسخرون من زوجها ويتهمونه بالغباء، لأنه تزوج من فتاة تكبره سنا على حد تعبير جاره أبو فايز حسن. أما رولا وزين فكانا يقولان دائما بأن "الحب والزواج أقوى من حاجز الفرق في السن"، ولهذا تزوجنا، كما يقول زين الذي "خطف" رولا وتزوجها بعدما رفض أهله طلب يدها له.

وبدورها تزوجت منى صقر ابنة الرابعة والثلاثين قبل بضعة أسابيع من فادي أسعد الذي يصغرها بست سنوات. غير أن الفرق بين الزيجتين هو تفهم الناس لزواج كهذا طالما أنه ناتج عن علاقة حب كما تقول أم أسعد جارة فادي. أما والد فادي فلا يرى مشكلة في هذا الزواج لأن كلا الشريكين يحب الآخر.

Heirat Frauen Syrien
يرى الدكتور رشيد الحاج صالح بأن هذه الظاهرة تعني دخول مفاهيم جديدة للمجتمع السوريصورة من: DW

مفاهيم جديدة للزواج تدخل المجتمع السوري

تعكس قصة رولا وقصة منى على ما يبدو تغيرا هاما في نظرة المجتمع السوري لزواج الشباب من فتيات أكبر منهم سنا، لاسيما إذا كنّ ممن يتمتعن بوظائف ودخل ثابت. ويدل على ذلك كثرة حالات الزواج هذه التي كان في السابق تعد على أصابع اليد على حد تعبير الدكتور رشيد الحاج صالح، عميد كلية التربية في الرقة وأستاذ الفلسفة في جامعة حلب. ويضيف لدويتشه فيله قائلا "أنظري على سبيل المثال إلى شارعنا حيث أعرف خمسة أشخاص على الأقل تزوجوا من نساء أكبر منهم سنا خلال السنتين الماضيتين، أما قبل عشر سنوات فكان هناك حالة أو حالتان من هذا القبيل على ما أذكر".

وتفسر الدكتورة عائشة عهد حوري، أستاذة قسم المناهج في كلية التربية في جامعة حلب السورية، في حديث خصت به دويتشه فيله، هذه الظاهرة الجديدة بالقول إنها تنم غالبا عن علاقة حب، إضافة إلى أن الكثير من شباب اليوم يفضلون زوجات ناضجات حتى لو كن أكبر منهم سنا. ويزيد من أسهم الفتاة لدى الشاب، حتى لو كانت أكبر منه سنا، تمتعها بوظيفة، لأن تكاليف الحياة المرتفعة وغلاء الأسعار تتطلب أن يعمل كلا الشريكين هذه الأيام.

Heirat Frauen Syrien
الدكتورة عائشة عهد حوري تقول إن الكثير من الشباب يفضلون زوجات ناضجاتصورة من: DW

وترى الدكتورة عائشة بأن المشكلة غالبا ليست في زواج الرجل من امرأة تكبره، بل في زواجه من امرأة تصغره. وتضيف الباحثة بأنه "توجد، بناء على دراسات، عينات زواج من شابات يصغرن الرجل وأخرى من شابات يكبرنه، وقد تبين بنتيجة الدراسة بأن نسبة الطلاق أعلى بكثير في صفوف الزيجات من الفئة الأولى".

أما الدكتور رشيد الحاج صالح، ، فيرى بأن انتشار ظاهرة زواج الشباب من نساء أكبر منهم سنا تعكس دخول مفاهيم جديدة إلى المجتمع. ومن بينها على سبيل المثال احترام الأهل لحرية الأبناء في اختيار شريك الحياة بشكل أفضل من قبل. ففي السابق كان الأهل في العادة يختارون للشاب شريكة حياته، أما اليوم فأصبح ذلك حالة غير مألوفة حيث يختار بنفسه، عدا عن أن الأهل ليس بمقدورهم تأمين تكاليف تزويج أبنائهم كما كانوا يفعلون بالسابق.

أيهما أهم في علاقة الزواج: الحب أم الثروة ؟

Heirat Frauen Syrien
زاهد الخطيب، سائق تاكسي، لا يرى في فارق العمر أي عائق للزواجصورة من: DW

ومن خلال جولة لاستقصاء آراء بعض الناس في الشارع السوري حول زواج الشاب من فتاة تكبره سنا لوحظ اختلاف في وجهات النظر. فهناك من يرى بأن هذا الزواج أمر عادي طالما هناك حب ونضج. فسائق التاكسي زاهد الخطيب يرى بأن العمر لا يشكل عائقا للزواج، فالمهم برأيه هو "وعي الفتاة وقدرتها على إدارة البيت والمساعدة في تدبير أمور العائلة بغض النظر عن عمرها".

ويرى جان أحمد، الذي يمر بحالة حب مع فتاة تكبره سنا، بأن المرأة تبلغ سن النضج قبل الرجل، وعليه فإن كبرها في السن يعني "حسب خبرتي قدرة عالية على استيعاب الأمور وحل المشاكل". وبالنسبة لطالب الجيولوجيا نوار عمرايا، فإن الحب هو الأهم في موضوع الزواج، والأمور الأخرى ثانوية". ويضيف نوار بأن ازدياد حالات الطلاق في المجتمع السوري "يعكس بالدرجة الأولى عدم نضج الفتاة بسبب تزويجها في سن مبكرة للغاية".

وفي المقابل هناك من يتهم من يقدم على الزواج من امرأة تكبره بالطمع في مالها وثروتها. فنظرا لظروف الحياة الصعبة "يبحث الشاب عن أمل غالباً ما يكون لدى فتاة ثرية أو موظفة عزباء، وهذه الحالة تشبه الزواج من أجنبية بغية البحث عن فرصة عمل في الخارج"، على حد تعبير المعلمة شاميران محمد. أما زميلها عاصم درويش، الذي يحب فتاة تكبره بسنتين، فيتساءل "لماذا لا يركض الشاب وراء الحالة المادية كما تفعل الفتاة". ويضيف بأن عدد الشابات العاملات في عدة قطاعات أضحى أعلى من عدد الشباب، لذا "من الطبيعي أن يبحث الشاب عن ملاذ آمن له يعيله في حياته حتى ولو كانت المرأة تكبره".

وتنظر الكثير من الشابات نظرة ارتياح لما آلت إليه الأمور في المجتمع السوري. "كنت دائماً أُسأَل عن عمري بينما الآن يبقى هذا السؤال آخر اهتمامات الشباب المهتمين بي، وهذا شيء يبشر بتغيير نظرة أحد المجتمعات الشرقية لموضوع الزواج من فتاة كبيرة"، على حد تعبير آفين عليا، الطالبة في قسم الجغرافيا بجامعة حلب.

عفراء محمد ـ حلب

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد