1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الذكرى الحزينة: 26 عاماً على الأنفال

كاظم حبيب١٠ أبريل ٢٠١٤

يمر د. كاظم حبيب على الذكرى 26 الحزينة لجرائم الأنفال في كردستان العراق، مستعرضا تاريخا طويلا من اضطهاد الأقليات ارتبط بتاريخ الدولة العراقية.

https://p.dw.com/p/1Bfpx
Halabja
صورة من: AP

منذ أن أُلحقت ولاية الموصل، بعد أن كانت خاضعة للدولة العثمانية حتى العام 1918 إذ أصبحت منذ نهاية الحرب العالمية الأولى تحت الاحتلال البريطاني، بالدولة العراقية الملكية الحديثة في العام 1926 على وفق قرار مجلس عصبة الأمم، واجه الشعب الكردي في إقليم كردستان العراق سياسات قومية يمينية شوفينية وعمليات عسكرية أجهزت على أرواح الكثير من الكرد وخربت العديد من المنازل بفعل القصف الجوي، إضافة إلى التهميش وعدم الاستفادة من إيرادات الموارد الأولية المتوفرة في الإقليم ومنها النفط الخام المستخرج والمصدر والغاز المصاحب الذي كان يحرق دوماً، وكذلك تخريب بعض المناطق الكردية، وخاصة الأرياف والقرى الفلاحية والغابات، وكان المفروض على أساس الاتفاق الذي تم بين الملك فيصل الأول والحكومة من جهة ومجلس عصبة الأمم من جهة أخرى أن يمنح الشعب الكردي الكثير من الحقوق المشروعة والعادلة دون أن تتحقق له. لقد ناضل الشعب الكردي مع الشعب العربي ضد سياسات النظام الملكي وقامت الثورة ضد هذا النظام بسبب التمييز والتهميش وغياب الحريات الديمقراطية ومصادرة الحياة الحزبية ومنظمات المجتمع المدني واتساع البطالة والفقر وعدم المساواة ووجود كثرة من المحكومين سياسياً في السجون وكثرة من الموقوفين في المعتقلات..الخ.

عمليات عسكرية ضد الكرد في العهد الملكي

وفي العهد الجمهوري الأول، ورغم الاعتراف بشراكة الكرد مع العرب في الوطن الواحد، ولكن بالممارسة العملية لم يمنح الشعب الكردي حقوقه القومية المشروعة التي ناضل من أجلها طويلا، كما تعرض لعمليات عسكرية واسعة في العام 1961 مما أدى إلى انطلاق ثورة أيلول في نفس العام. وبسبب عدم التحول صوب المجتمع المدني الديمقراطي والدولة الدستورية والبرلمانية والاستجابة لإرادة الشعب، تجمعت الكثير من العوامل السلبية ونشأت جبهة معادية لحكومة عبد الكريم قاسم ومضامين الثورة الوطنية التي قادت إلى سقوط الجمهورية الأولى بانقلاب قومي شوفيني واغتيال قادة الثورة ومنهم عبد الكريم قاسم في العام 1963. بعدها تعرض الكرد لمحنة جديدة على أيدي البعثيين والقومين العرب، بما في ذلك بدء القتال من جانب الحكومة ضد الشعب الكردي. ثم جاءت الجمهورية الثالثة ذات الوجهة القومية اليمينية الشوفينية التي شنت الحرب ضد الشعب الكردي لإيقاف نضاله المشروع والعادل من أجل حقوقه القومية في العام 1965 و1966.

وإذ تحمل الشعب الكردي الكثير من التضحيات البشرية والمادية خلال نضالاته لأكثر من أربعة عقود في ظل الملكية والعهد الجمهوري بسبب السياسات الشوفينية والرجعية للحكومات المركزية ببغداد، فإن القوات النظامية خسرت الكثير من الجنود والموارد المالية دون أن تعي تلك الحكومات المتعاقبة أهمية حصول الشعب الكردي على حقوقه وإرساء دعائم الأخوة بين المكونات القومية للشعب العراقي والكف عن التفكير بالحرب ومصادرة الحقوق.

"تآمر البعث على الشعب الكردي وعلى الحكم الذاتي "

ولكن ما تعرض له الشعب الكردي في ظل البعث، الذي وصل إلى السلطة في انقلاب القصر الجمهوري في العام 1968 يفوق كل العذابات والآلام والخسائر البشرية والمادية التي حصلت خلال العقود السابقة والمرارات التي ذاقها الشعب وسقوط عدد من الشهداء من أبناء هذا الشعب. لقد أجبر نضال الشعب الكردي بالتضامن مع القوى الديمقراطية العراقية حكومة البعث في العام 1970 على الاعتراف بوجود القومية الكردية وحقوق الشعب الكردي والموافقة على إقامة الحكم الذاتي على أرض كردستان العراق، والذي تجلى في بيان أذار 1970. ولم يكن هذا الاعتراف صميمياً وأصيلاً، بل جاء نتيجة الخشية من تعرض نظام البعث إلى الاهتزاز والسقوط وهو في بداية وصوله الثاني إلى السلطة.

كانت الإيديولوجية القومية اليمينية والشوفينية التي ترتقي إلى مستوى العنصرية في الموقف من القوميات والشعوب الأخرى قد برزت وتكرّست منذ التأسيس الأول في العام 1947/1948 في مبادئ وسياسات وممارسات وأهداف حزب البعث العربي الاشتراكي، ومن ثم في سياسات ومواقف وسلوك دولته الجديدة وسلطته السياسية وقادته. فالذهنية العسكرية والتطلع للهيمنة والتوسع على حساب الغير والتمسك بالعنف والحرب باعتبارهما الطريق لتأمين الأهداف كانت السياسة التي ميزت وجود البعث في السلطة طيلة نيف وثلاثة عقود من السنين.

لم يمض وقت طويل على البدء بتطبيق الحكم الذاتي في أغلب محافظات إقليم كردستان حتى بدأ البعث يتآمر على الشعب الكردي وعلى الحكم الذاتي وعلى الحركة التحررية الكردية بشكل عام والتي تجلت في البداية بمحاولة فاشلة لاغتيال الملا مصطفى البارزاني قائد الثورة الكردية والشعب الكردي بتاريخ 29/9/1971، ومن ثم في الهجوم على الشعب الكردي وخوض معارك دموية في العام 1974. وانتهى ذلك بعقد اتفاقية الجزائر بين العراق وإيران في العام 1975 برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، التي قادت إلى انهيار سريع وشديد للحركة الكردية الوطنية المسلحة مؤقتاً. إذ سرعان ما نهضت وبدأت كفاحها الوطني والقومي المسلح وبقوى أكثر وأوسع واشد عزيمة على النضال.

( حلبجة والأنفال) إبان الحرب العراقية الإيرانية

لم تمض فترة طويلة على ذلك حتى بدأ النظام الدكتاتوري حربه العدوانية ضد الشعب الإيراني في العام 1980، وكان قبل ذاك قد بدأ بخوض المعارك ضد قوات الحركة الكردية المسلحة المتمثلة بقوات البيشمركة الكردية التابعة لعدد من الأحزاب الكردستانية، إضافة إلى تشكيل الحزب الشيوعي العراقي لقواته الأنصارية والتحاقها بالحركة الوطنية المسلحة بالإقليم أيضاً.

وبسبب الحرب مع إيران خسر الشعب العراقي والشعب الإيراني مئات ألوف القتلى والجرحى والمعوقين ومئات المليارات من الدولارات الأمريكية وتدمير البنية التحتية والكثير من المشاريع الاقتصادية، إذ استمرت الحرب طوال ثماني سنوات عجاف. وقبل نهاية هذه الحرب المجنونة لم يكف النظام الدكتاتوري عن شن هجماته العسكرية ضد قوات البيشمركة والأنصار ويخوض المعارك ضدها. وكان الهدف المحدد إيديولوجياً وسياسياً من تلك المعارك العدوانية ليس الحركة الكردية المسلحة فحسب، بل ومجمل الحركة الكردية التحررية والشعب الكردي. وقد بدأت أشرس تلك العمليات في ربيع العام 1987 حين وجه النظام أسلحته الكيماوية ضد قرى ونواحي كردستانية، كما حصل في الهجوم بالأسلحة الكيماوية على كل من سركلو وبركلو، وفي اليوم التالي، أي في 16/4/1987، قامت القومات النظامية الحكومية بقصف قرى باليسان، شيخ وسان، حيث استشهد الكثير من المواطنات والمواطنين الكرد وجرح عدد أكبر. وكانت هذه العمليات هي البداية لما حصل في شباط/فبراير من العام 1988 حيث بدأت عمليات الأنفال الإجرامية بأبشع صورها وأكثر فاشية وعنصرية ودموية.

مراحل مجازر الأنفال

تضمنت العمليات الأنفالية في ثماني مراحل استمرت طوال تسعة شهور، وكانت على النحو التالي:

"* الأنفال الأولى: منطقة السليمانية، محاصرة منطقة (سركه لو) في 23 شباط لغاية 19 مارت/1988.

* الأنفال الثانية: منطقة قرداغ، بازيان ودربنديخان في 22 مارت لغاية 1 نيسان.

* الأنفال الثالثة: منطقة كرميان، كلار، باونور، كفري، دووز، سنكاو، قادر كرم، في 20 نيسان من نفس العام.

* الأنفال الرابعة: في حدود سهل (زيي بجوك) أي بمعنى منطقة كويه وطق طق وآغجلر وناوشوان، في 3 مايس الى 8 مايس.

* الأنفال الخامسة والسادسة والسابعة: محيط شقلاوة وراوندز في 15 مايس ولغاية 26 آب.

الأنفال الثامنة: المرحلة الأخيرة، منطقة بادينان، آميدي، آكري، زاخو، شيخان، دهوك، في 25 آب ولغاية 6 ايلول من نفس العام."