1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"الرقابة الذاتية اختيار مقصود من المخرجين العرب".

٢٣ فبراير ٢٠١٨

تشارك أفلام عربية خارج المسابقة الرسمية لمهرجان البرليناله في فقرة "بانوراما". ويعالج المخرجون المشاركون قضايا سياسية واجتماعية ودينية. في هذا الحوار مع DW عربية يقيم الناقد السينمائي أحمد شوقي المشاركة العربية.

https://p.dw.com/p/2tEAS
Szenenbild aus dem Film The Yacoubian Building
صورة من: eurient

تعالج الأفلام العربية المشاركة في الدورة الثامنة والستين للبرليناله قضايا سياسية ودينية واجتماعية. وبينما يتحلى بعض المخرجين بالجرأة في المعالجة، يميل آخرون إلى نوع من "الحشمة" وفرض رقابة ذاتية خوفا من العواقب. في هذا الحوار يكشف الناقد السينمائي المصري أحمد شوقي  أسباب غياب أو حضور الجرأة في الأفلام العربية المشاركة.

 
DW عربية: السيد أحمد شوقي، تابعت الأفلام العربية المشاركة في الدورة الحالية من البرليناله. ماهو تقييمك لها بشكل عام؟
أحمد شوقي: الحضور العربي هذه السنة في مهرجان برلين أقل وأضعف من السنوات الماضية. فعندما انطلق ما يسمى "بالربيع العربي" أواخر 2010 والمهرجان له بعد اجتماعي وسياسي واضح كما أعلن المدير الفني أكثر من مرة، أبدى حينها لمهرجان اهتماماً كبيراً بالأفلام القادمة من المنطقة العربية. وحسب متابعتي وحضوري لآخر خمس دورات، فكان معدل الأفلام المعروضة حوالي 20 فيلماً عربياً في كل دورة. في هذه الدورة هناك 12 فيلما منها فيلم جزائري قديم تم ترميمه وعرضه من جديد.

في نظرك ما هو سبب تراجع عدد الأفلام العربية المشاركة؟
أعتقد أن المنطقة العربية لم تعد قضية الساعة سينمائيا، لأن برمجة المهرجانات للأفلام لها أكثر من بعد. لها بعد فني يرتبط  بالمستوى الفني للعمل وله بعد يتعلق بصانع العمل؛ حيث نجد مثلا المخرج المغربي هشام العسري أصبحت له علاقة وطيدة بالمهرجان ويعرض كل أفلامه الجديدة، بغض النظر عن قيمتها. والشق الثاني له علاقة بالموضوع الذي يطغى على المشهد العالمي. هذه السنة وبشكل معلن هو حملة "أنا أيضا" (مي تو) وقضايا التحرش الجنسي في هوليوود وغيرها. وقبل سنتين كان موضوع اللاجئين والهجرة الغير مقننة هو الموضوع الرئيسي للأفلام سواء العربية أو الأجنبية التي كانت تتنافس آنذاك.

فأظن أن الرقم الحالي 12 فيلماً هو الرقم المنطقي أكثر والذي يلائم حجم إنتاج السينما العربية. رقم 20 كان إلى حد ما مرتبطا بالحدث؛ لأن المنطقة العربية كانت هي محور اهتمام العالم في ذلك الوقت. وبالتأكيد انعكس هذا على ألمانيا مع تدفق اللاجئين والمهاجرين.

الناقد أحمد شوقي: السينما العربية بشكل عام محتشمة في تناول الطابوهات

الكثير من الأفلام العربية المشاركة تطرقت لقضايا سياسية واجتماعية في البلدان العربية. هل ترى أن المخرجين تحلوا بالجرأة الكافية لمعالجة تلك المواضيع أم أن المقاربة كانت محتشمة؟

بالتأكيد من الصعب أخذ رأي قاطع عن كل المخرجين، لأن المواضيع تختلف من مخرج لآخر، لأنه أحيانا الجرأة ومقارعة الطابوهات تكون هي المطلوبة وأحيانا يكون العكس هو المطلوب. على سبيل المثال فيلم "هشام العسري" المعروض في فقرة "الفوروم" هذه السنة والذي يحمل عنوان "الجاهلية" وحتى الفيلم الذي كان قبله "ضربة في الراس" وقبله "جوع كلبك"، كلها أفلام جريئة. فهشام العسري لديه هذا الإهتمام الشديد بتاريخ السلطة السياسية المغربية وعلاقتها بالشعب تاريخيا حتى منذ عهد الحسن الثاني.

هذه الموضوعات تحتاج بطبيعتها إلى جرأة شديدة، ومن شاهد أفلامه مثلا "ضربة في الرأس" أو "جوع كلبك" سيلاحظ حضور الجرأة المفرطة وحتى للحماس الشديد لمقارعة الطابوهات لأن هذا ما يحتاجه الموضوع. في المقابل مثلا فيلم "الجمعية" لريم صالح المخرجة اللبنانية المعروض الآن في البانوراما فهو في رأيي كان خياراً واعياً من المخرجة عدم التطرق للسياسة إطلاقا بالرغم من أنها حسب ما قالته في العرض وفي حوارات مختلفة إنها كانت تمتلك من المادة ما يكفي لتحويل الفيلم إلى فيلم سياسي صور في حي مصري شعبي على مدار ست سنوات حيث كانت كل التقلبات والأحداث السياسية؛ لكنها اتخذت قراراً واعيا ليكون فيلمها إنسانياً ـ وليس سياسيا ـ عن الشخصيات التي تعيش في ذلك الحي.

الناقد أحمد شوقي: سبب الرقابة الذاتية هو الرغبة في عرض الأفلام محليا

لكن ألا ترى أن المخرجين العرب يقومون بنوع من الرقابة الذاتية إما خوفا من مقص الرقيب أو من ردة فعل الجمهور؟

رأيي هو أن الرقابة موجودة في كل مكان في العالم وعند كل مخرج في العالم. لكن فيما يتعلق بمنطقتنا العربية، المخرج يحاول أن يطرح موضوعات مهمة ويطرح ما يشغله، لكنه يعمل أيضا في سياق اجتماعي وثقافي وسياسي مختلف بحيث ينبغي أن يكون واعيا به جدا. وحتى ولو قرر ألا يقيد نفسه بأي قيود أو رقابة ذاتية أظن أن هذا يحدث بشكل غير واع لسبب بسيط وهو أن كل مخرج يرغب في عرض أفلامه لجمهوره خصوصا الجمهور المحلي. أنا لا أصدق أن مخرجا مصريا أو تونسيا أو لبنانيا يود أن يعرض فيلمه في برلين فقط دون بلده. فعقلي يرفض قبول هذا التبرير. ولذلك فإن المخرجين تلقائيا وحتى بشكل غير واع لا يصورون أحيانا بعض المشاهد خوفا من تعرضها لاحقا لمقص الرقيب.

دعني أقول لك قصة واقعية عن بعض "الألاعيب" التي تعلمها المخرجون: لي صديق مخرج مصري دون ذكر الأسماء، كان يتعمد كلما كان عنده مشهد جريء في السيناريو أن يكتب في السيناريو مشهدا أكثر جرأة وهو يعلم أنه من المستحيل أن يقبلوه رقابيا، لكن عندما يمر من لجنة رقابة السيناريو ويعترضون عليه فإنه يتفاوض معهم فيحذف المشهد الذي هو في الأساس لم يقرر أن يصوروه ويحتفظ بالمشهد الذي يريده. لأن المسألة في النهاية مسألة تفاوض. عندما تأمر لجنة الرقابة بحذف خمسة مشاهد مثلا يقول لهم سأحذف ثلاثة مشاهد أو مشهدين وهذا ما يحصل في أغلب الأحيان.

ماذا يفترض القيام به في هذه الحالة لتجاوز هذا التخوف من ردة فعل الجمهور؟

Ahmad ChawkiÄgypten. Film Kritiker
الناقد السينمائي المصري أحمد شوقيصورة من: DW/A. Ammar

أعتقد أن تأهيل الجمهور موضوع رئيسي ولا يجب أن تشتغل عليه فقط الحكومات العربية ووزارة الثقافة والأجهزة المنوط بها التوعية والوضع الثقافي، لكنه أيضا مسؤوليتنا كمخرجين ونقاد ومثقفين سينمائيين. وهذا أحاول شخصيا التطرق له في كتاباتي وأقول للناس إنه لا توجد أسطورة تسمى منظومة القيم والأخلاق المحلية. تم تخويف الناس دائما بالقول إن هذا أو ذاك لا يناسب التقاليد المغربية أو العادات المصرية، والحقيقة أنه لا يوجد شيء اسمه الأخلاق والعادات المصرية، لأنها مختلفة أيضا حتى داخل نفس البلد. إذ من الممكن أن تجد ثلاث بيوت مجاورة لكل منها منظومتها القيمية وقناعاتها الدينية والاجتماعية. وفكرة قيام أي سلطة مهما كانت بافتراض أن هذه أخلاقنا وتجاوزها ممنوع، هي بالتأكيد فكرة تنتمي للعصور الماضية. ودور المثقفين السينمائيين والنقاد والصحافيين وصناع الأفلام هو أن يذكروا الناس بأنه توجد أفكار مختلفة وأيضا أفلام مختلفة.

حاوره: عبد الرحمان عمار. برلين

أحمد شوقي. ناقد سينمائي مصري درس السينما في القاهرة. ألف خمسة كتب حول السينما. كما أخرج أفلاما قصيرة وفيلما تسجيليا. يشارك منذ خمس سنوات في مهرجان البرليناله. وسبق له أن أدار مسابقة "آفاق السينما العربية" ضمن فعاليات الدورة التاسعة والثلاثين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.



 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد