1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السعودية ـ مصائب قوم عند "أرامكو" فوائد

حسن زنيند
٢٠ مايو ٢٠٢٢

اهتم الإعلام الألماني بالطفرة القياسية التي حققتها عائدات النفط لشركة أرامكو السعودية، معتبرا إياها من المستفيدين غير المباشرين من الحرب في أوكرانيا. وتمكنت أرامكو من تجاوز شركة آبل الأمريكية لتصبح الأكثر قيمة في العالم.

https://p.dw.com/p/4Bd8Y
Saudi-Arabien Dharan | Aramco Logo
حقق عملاق النفط السعودي "آرامكو" أرباحا قياسية خلال هذا العام جعلتها الأعلى قيمة في العالمصورة من: Hamad I Mohammed/REUTERS

حققت شركة أرامكو للنفط خلال الربع الأول من العام الجاري أعلى ربح لها على الإطلاق، منذ طرحها الأولي في البورصة عام 2019. ويستفيد عملاق النفط السعودي من الارتفاع العالمي لأسعار الطاقة عقب الغزو الروسي لأوكرانيا. وتمكنت أرامكو من التفوق حتى على آبل، باعتبارها الشركة الأعلى تداولا في العالم من حيث القيمة. وحققت أرامكو المملوكة للحكومة السعودية دخلا صافيا قدره 39,5 مليار دولار، مقارنة بـ 21,7 مليار دولار في نفس الفترة من العام لماضي. وبالأرقام الفصلية، تمكنت أرامكو من تجاوز رقمها القياسي قبل ثلاث سنوات حين دخولها البورصة نهاية عام 2019، حيث تمكنت حينها من تحقيق ما يقارب 30 مليار دولار. يذكر أن أسهم الشركة ارتفعت بنسبة 25 بالمائة منذ نهاية عام 2021 وتقدر قيمتها بنحو 2,38 تريليون دولار.

موقع "فيفو" الاقتصادي الألماني (15 مايو/ أيار 2022) كتب معلقا أن "أسباب هذه النتيجة القياسية لا تعود فقط لارتفاع أسعار النفط بنسبة 45 بالمائة، ولكن أيضا لكون المملكة، إلى جانب أعضاء آخرين في أوبك، رفعت من إنتاجها في وقت سابق من العام الجاري، وبالضبط بين يناير/ كانون الثاني ومارس/ آذار. فقد أنتجت أرامكو ما معدله 10,2 مليون برميل يوميًا، بزيادة قدرها 20 بالمائة على أساس سنوي".

السعودية "تلعب بنار النفط"..تكتيك استراتيجي أم منطق "عليَ وعلى أعدائي!"؟#مسائيةDW_

صراع العمالقة ـ أرامكو في سباق مع آبل

إنها مبارزة بكل ما تحمله الكلمة من معنى بين شركتين عملاقتين، الأولى تعتمد التكنولوجيا الفائقة والثانية تقوم على صناعة الطاقة الأحفورية. آبل وأرامكو تتنافسان على لقب الشركة الأكثر قيمة في العالم. وتمكنت أرامكو بالفعل من رفع قيمتها إلى 2,5 تريليون دولار مقابل 2,37 لمنافستها الأمريكية. وسبق لشركة آبل أن حذرت من التداعيات السلبية لتدابير كورونا في الصين بتكاليف قدرها المليارات، سواء من حيث الطلبيات أو سلسلة التوريد. وفي نفس السياق تعرضت أسهم الشركة المصنعة لهواتف "أيفون" والأسهم التكنولوجية الأخرى لضغط متزايد بسبب ارتفاع أسعار الفائدة في الأسواق المالية. والظاهر أن المخاوف من انخفاض الإنتاج بشكل كبير لم تتحقق حتى الآن، فقد حققت أرامكو السعودية مبيعات بلغت 400 مليار دولار وأرباحا قدرها 110 مليارات دولار العام الماضي. وحققت آبل أكثر من 378 مليار دولار من المبيعات في نفس الفترة وأرباح تقدر بـ101 مليار دولار.

صحيفة "هاندسبلات" الاقتصادية الألمانية (16 مايو/ أيار) سجلت تحولا في سوق الأسهم العالمية وكتبت بهذا الشأن معلقة أن "الارتفاع الحاد في أسعار النفط وعمليات البيع المكثفة في أسهم التكنولوجيا، أدى إلى عكس الاتجاه الذي كان مستمرًا على مدى عشر سنوات الماضية، ففي الوقت الذي تأثرت فيه أسهم شركات كآبل وأمازون ومايكروسوفت، زاد الطلب على أسهم الشركات النفطية (..) فقد ارتفع مؤشر ستوكس 600 للنفط والغاز بنسبة 20 بالمائة، فيما ارتفعت أسهم أرامكو السعودية بنسبة 33 بالمائة منذ بداية العام".

صنع في ألمانيا - هل يمكن التخلي عن النفط الروسي؟

شركات النفط تستفيد من تداعيات الحرب؟

ارتفعت أسعار النفط والغاز بشكل صاروخي مع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، ما وضع شركات النفط العالمية في لائحة الرابحين الكبار من تداعيات هذا الصراع. فهل يعني ذلك أن هذه الشركات تستغل الحرب للاغتناء على حساب المستهلكين، خصوصا وأنه في فترات معينة تنخفض أسعار برميل النفط الخام في الأسواق العالمية دون أن تتراجع لدى محطات الوقود؟

صحيفة "كلاينه تسايتونغ" 16 مارس/ آذار 2022) طرحت هذا السؤال على مايكل بوهايم، الخبير الاقتصادي في معهد البحوث الاقتصادية النمساوي (Wifo) الذي أجاب قائلا "لا، الأمر ليس بهذه البساطة، لا توجد دراسات عينية تثبت ذلك". صحيح أن الملاحظة التي تقول إن أسعار الوقود تظل مرتفعة بينما أسعار النفط الخام تنخفض هي ملاحظة دقيقة. ولكن، وفقًا لبوهايم: "السعر في محطة الوقود ليس له علاقة مباشرة بسعر النفط المتداول في الأسواق العالمية. فالأمر يتعلق بتوقعات الأسعار، وإذا كانت تلك التوقعات تقوم على الاعتقاد بأن الحرب في أوكرانيا ستستمر لفترة طويلة، فإن الاتحاد الأوروبي وروسيا على سبيل المثال يتصرفان وفق ذلك، ومن ثم يمكن للأسعار أن ترتفع أكثر فأكثر".

مسائيةDW  : بايدن يتحدى "أوبيك +"..هل يوقف ارتفاع سعر النفط؟

موضوعيا، لا يمكن إنكار أن شركات النفط استفادت من تداعيات الحرب، إذ قفزت أرباحها إلى 200 بالمائة مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن الأسعار المرتفعة قد تضيف ما لا يقل عن 200 مليار يورو إلى خزائن مزودي الطاقة الرئيسيين. وهناك نقاش تجدد في ألمانيا حول جدوى سن ضريبة "الأرباح الزائدة" على الشركات، ويبدو أن هناك نوع من عدم التوافق بين مكونات ائتلاف "إشارة المرور" الحاكم في برلين. فحزب الخضر يؤيد الفكرة، بينما يعارضها الليبراليون، فيما لم يحدد المستشار الاشتراكي أولاف شولتس أي موقف بشأنها. وقد قدمت كتلة حزب اليسار في البرلمان (بوندستاغ) اقتراحا يدعو الحكومة الألمانية إلى تقديم مشروع قانون سبق وأن اقترحه الاتحاد الأوروبي بهذا الصدد، بشكل يجعل الشركات التي تحقق أرباحا زائدة أو استثنائية تساهم في تمويل التكاليف الاجتماعية بشكل ملائم.

تحفظ الرياض بشأن العقوبات النفطية ضد روسيا

إلى جانب الصين والهند، تعارضالسعودية والإمارات أيضًا العقوبات المفروضة على روسيا، وترفضان المشاركة في "حرب النفط" الغربية ضد روسيا. ويبدو أن دول الخليج وضعت مسافة بينها وبين الموقف الأمريكي، واختارت الرياض بشكل خاص، عدم الذهاب في طريق السياسة الخارجية الأمريكية، وهو ما يُقوي بشكل غير مباشر الموقف الروسي في سوق النفط. ويذكر أن أوبك تنسق مع روسيا منذ سنوات من أجل استقرار أسعار النفط. في الوقت نفسه، تعتبر الطاقة إحدى القطاعات الحساسة التي اختارتها القوى الغربية لمعاقبة الاقتصاد الروسي. ومن بين أهداف القيود الغربية هناك فرض حظر شامل على النفط والغاز الروسيين في العالم، وبالتالي تقليل عائدات الكرملين منها بشكل كبير. فقد أوقفت واشنطن استيراد النفط الروسي في بداية مارس/ آذار الماضي. وذهب الاتحاد الأوروبي في نفس الاتجاه.

كليك - شركات التقنية الكبرى والسيادة الرقمية!

وتجد السعودية نفسها في موقف غير مألوف يقف على النقيض من سياسة حليفها الأمريكي. موقع "كراس أند كوريكت" (الخامس من مايو/ أيار) كتب معلقا "الموقف السعودي كان مفاجئا لكثير من المراقبين، حيث تعتبر الرياض تقليديا أهم حليف للولايات المتحدة في منطقة الخليج. في الواقع، الأزمة بين البلدين تعود لإدارة دونالد ترامب. بعد مجيء جو بايدن قام بنشر تقرير سري، بعد فترة وجيزة من توليه الحكم، جعل ولي العهد السعودي مسؤولاً عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، ومنذ ذلك الحين توترت العلاقة بين واشنطن والرياض بشكل كبير (..) وبصرف النظر عن قيام البيت الأبيض بإلقاء اللوم على القيادة السعودية في القمع السياسي وانتهاكات حقوق الإنسان في كل من المملكة العربية السعودية والدول المجاورة، فإن القرارات الأخرى التي اتخذتها الإدارة الأمريكية أثارت غضب الرياض". فعلى سبيل المثال لا الحصر خفضت واشنطن من إمدادات السلاح للرياض رغم خوضها للحرب في اليمن. كما سحب البنتاغون مؤقتًا أنظمة صواريخ باتريوت المضادة للطائرات من المملكة، مما زاد من مخاطر الهجمات الصاروخية للحوثيين، إضافة إلى الخلاف بشأن الاتفاق النووي الإيراني، حيث يرى الخليجيون أن الإدارة الأمريكية لا تراعي مصالحهم فيه.

الجذور الأمريكية لأرامكو السعودية

كيمياء المستقبل: الاستغناء عن الوقود الأحفوري؟

اسم أرامكو التي تأسست عام 1933، بالإنجليزية هو اختصار لـ"شركة النفط العربية الأمريكية" في وقت كانت فيه الشركة وإلى حد كبير في ملكية أمريكية وبالضبط في يد تكساكو التي أصبحت اليوم جزءا من شركة شيفرون، إضافة إلى الشركتين المندمجتين اليوم إيكسون وموبيل أويل. بدأ أول إنتاج لها من بئر دمام 7، عام 1938، فيما لا تزال أرامكو تعتمد بشكل كبير على حقل الغوار النفطي في شرق البلاد، الذي يعتبر الأكبر في العالم، ويقال إنه مصدر حوالي 4 بالمائة من الإنتاج العالمي. وقد تم تأميم الشركة عام 1988 ويقع مقر ها الرئيسي في مدينة الظهران. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، طرحت الشركة جزءا قدره 1,5 بالمائة من إجمالي أسهمها للتداول العام، وهو ما وصف بأكبر اكتتاب أولي في التاريخ، حيث ثم استقطاب 25,6 مليار دولار أمريكي، متجاوزا رقما قياسيا سابقا حققته مجموعة علي بابا الصينية عام 2014 بقيمة قدرها 25 مليار دولار.

تحولت الشركة تدريجياً إلى ملكية السعودية حتى أصبحت مملوكة للدولة بالكامل عام 1988. في عام 2015 تقرر الفصل إداريا بين الشركة ووزارة النفط بتأسيس مجلس إداري يرأسه ولي العهد محمد بن سلمان. وتملك أرامكو صلاحية إدارة أحد أكبر الاحتياطات النفطية في العالم (265 مليار برميل) وهو ما يوازي 15 بالمائة من الاحتياط العالمي. إضافة إلى إدارتها لاحتياطات الغاز السعودي المقدر بـ 288 ترليون متر مكعب. وتملك الشركة بنية تحتية عملاقة من بينها مصافي وناقلات نفط وخطوط أنابيب ومراكز أبحاث متخصصة في المملكة وفي مختلف أنحاء العالم. وتنتج الشركة ما قدره عشرة ملايين برميل من النفط يوميا، وهي تعتبر بالتالي أهم ركيزة يقوم عليها الاقتصاد السعودي.