1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السيسي كطوق نجاة لأوروبا في أزمة اللاجئين - ما المقابل؟

٢١ سبتمبر ٢٠١٨

زيارات مكوكية قام بها قادة في الاتحاد الأوروبي إلى مصر خلال الأيام الماضية، تركزت المحادثات خلالها على سبل الاستفادة من مصر في تأمين الحدود الجنوبية للقارة العجوز بعد وجود إشارات إيجابية من مصر.

https://p.dw.com/p/35JTD
Ägypten Al-Sisi mit Tusk und Kurz in Kairo
صورة من: picture-alliance/Xinhua/MENA

رغم أنها لم تعد دولة عبور منذ عامين، إلا أن اسم مصر برز مجدداً في مباحثات قادة الاتحاد الأوروبي بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية. المستشار النمساوي سيباستيان كورتس أكد مؤخراً أن "المؤشرات القادمة من مصر مشجعة لتكون بذلك أول دولة في شمال إفريقيا مستعدة لتكثيف المحادثات مع الاتحاد الأوروبي في هذا الملف، خاصة وأن أوروبا في حاجة إلى شريك قوي وصارم كمصر".

تعاون مصري- أوروبي وثيق

في فبراير 2018 أعلنت مصر عن عدم خروج أي مركب هجرة غير شرعي من مياهها الإقليمية منذ عام 2016 وحتى الآن، بعد أن ساد أوروبا التخوف من تحول مصر إلى دولة إنطلاق للهجرة غير الشرعية.

وفي مقابلة له مع DW عربية قال محمود إبراهيم، رئيس مركز الاتحادية للدراسات السياسية، إن التعاون المصري الأوروبي في هذا الصدد له علاقة بتوفير الأمن بشكل عام في المنطقة وإن الأمر ليس متعلقاً بقضية اللاجئين فقط. فمصر مثلا أمّنت حدودها البحرية لكن الأمر مختلف تماماً فيما يتعلق بليبيا المجاورة".

أما محمد الكاشف، الخبير الدولي والباحث في شؤون الهجرة واللاجئين، فرأى خلال مقابلته مع DW عربية أن المفاوضات الحالية بين الاتحاد الأوروبي ومصر "يبدو أن الهدف منها الوصول لاتفاق كالذي أبرم مع تركيا لتصبح مصر بوابة الحراسة في الجنوب، إلى جانب محاولات لإقناع مصر بالموافقة على إنشاء مراكز لاستقبال من يتم إنقاذهم خلال محاولات عبورهم البحر المتوسط، رغم رفض مصر المتكرر للأمر".

مصر.. دولة "آمنة" ولكن الوضع الحقوقي يلقى نقدا حادا

خلال الأعوام القليلة الماضية صدرت الكثير من التقارير التي تنتقد الوضع الحقوقي في مصر سواء ما يتعلق بالحريات السياسية أو طريقة التعامل المصرية مع طالبي اللجوء؛ وكان آخرها التقرير شديد اللهجة الصادر عن منظمة العفو الدولية:

"إن حالة حقوق الإنسان في مصر تدهورت بشكل كبير منذ 2013، ووسط هذه الأجواء القمعية فإن طالبي اللجوء والمهاجرين هم عرضة للاعتقال. بل وعليهم أيضاً أن يتوقعوا ترحيلهم لبلادهم التي فروا منها"، وفقا لفرانتسيسكا فيلمار، الخبيرة في سياسات وقوانين اللجوء في منظمة العفو الدولية بألمانيا، في تصريحات صحفية تلقت DW عربية نسخة منها.

Amnesty International Franziska Vilmar PK
صورة من: picture-alliance/dpa

وأضافت فيلمار أنه "خلال الفترة من يناير إلى أبريل 2017 رحلت السلطات المصرية ما لا يقل عن 50 من طالبي اللجوء من إريتريا وإثيوبيا والسودان قسراً إلى بلدانهم الأصلية، بما في ذلك الأطفال الصغار. وهذا الترحيل القسري ينتهك المبادئ والقوانين التي تمنع إعادة أي شخص إلى بلد يتعرض فيه لخطر الإيذاء البدني أو ما يتهدد حياته ".

واختتمت فيلمار تصريحاتها بالقول: نأمل ألا يسفر التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر حول قضايا الهجرة عن أي انتهاكات لحقوق الإنسان."

محمود إبراهيم، رئيس مركز الاتحادية للدراسات السياسية، يرى من جانبه أن مساهمة مصر في إرساء الأمن بدول حوض المتوسط يعزز من حقوق الإنسان خاصة وأن الهجرة غير الشرعية مسالة تهدد الأمن بشكل مباشر أكثر من كونها مسألة حقوقية.

وأضاف أن "من يروجون لوجود اتفاقية بين الاتحاد الأوروبي والقاهرة على حساب مسألة حقوق الإنسان في مصر يرون حقوق الإنسان من منظور وحيد ووفقاً لمعايير مرتفعة للغاية، بينما على الجانب الآخر هناك أمور أخرى ومصالح قد تتعارض في الوقت الحالي مع هذه الرؤية فعند تقويض الدول وانعدام الأمن والاستقرار بها، فهذا يهدد مصالح الناس بشكل مباشر".

وأضاف إبراهيم قائلا إن "تصوير التعاون المصري- الاوروبي على أنه صفقة سياسية هو محاولة لتشويه صورة النظام في الجانبين وليس الجانب المصري"، مشيراً إلى أن "من يرى ذلك فهو بعيد عن الواقع وعن التحديات الحقيقية". 

Ägypten | Rickety boat
صورة من: DW/M. Hashem

محمد الكاشف الخبير الدولي والباحث في شؤون الهجرة واللاجئين يرى أن قادة الاتحاد الأوروبي اليوم ينظرون لمصر بشكل مختلف ويرون أن هناك فرصاً أكبر في الوصول معها لاتفاق. وعلى الجانب الآخر تدرك مصر جيداً مدى أهمية وخطورة هذا الملف بالنسبة لأوروبا.

وأضاف أن المشكلة تكمن في أن وضع مصر فيما يتعلق بتصنيفها كدولة أمان ثالثة تتعاون مع الاتحاد الأوروبي في مكافحة الهجرة غير الشرعية هو وضع ملتبس، ويمكن النظر إليه وتقييمه وفق ثلاثة تقارير حقوقية صدرت من منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أحدها عن الحقوق السياسية والمعتقلين السياسيين والآخر عن المهاجرين وما يحدث لهم والثالث عن الحقوق الجنسية.

وقال في مقابلته مع DW عربية: "أنا شخصيا وثقت ترحيل مصر للاجئين سوريين إلى سوريا في عام 2014 خصوصا الشباب الأقل من 30 عاماً وليس لهم أقارب في مصر، والاتحاد الأوروبي في النهاية لا يهمه إلا تحقيق مصالحه بغض النظر عن المتضررين من مثل تلك الاتفاقيات في دول أخرى، ولا يهتم مطلقاً بصورة الدولة المتعاونة معه بقدر ما تقدمه من خدمات وتأمين لحدوده، ولدينا مثالان لذلك هما القذافي وأردوغان واللذين دأبت أوروبا على انتقادهما بشدة لسجلهما في حقوق الإنسان. ولم يمنع ذلك الاتحاد الأوروبي من إبرام اتفاقيات معهما لتأمين الحدود الجنوبية من البحر المتوسط".

ماذا تريد مصر؟

ومنذ أكتوبر 2016 قادت ألمانيا مفاوضات مع مصر بشأن مراكز استقبال اللاجئين دون جدوى، كما يؤكد محمد الكاشف. ولكن الآن يرجح سياسيون في الجانب النمساوي أنه إذا تم منح مصر المزيد من الأموال أو الدعم العسكري واتفاقيات التسليح فقد تنفذ المقترح.

Datenvisualisierung Investment in migration management

احتياجات مصر تتمثل في مبلغ أكبر من الستين مليون يورو التي تحصل عليها مصر من صندوق الائتمان الإفريقي المخصص للمشروعات التنموية الممولة من الاتحاد، براي الكاشف. أما "لوجيستياً فمصر ليس لديها المقدرة على استقبال كل هؤلاء كما أن هناك مخاوف من تحول تلك المراكز إلى معسكرات لاجئين أشبه ما تكون بعين الحلوة أو اليرموك  أو الجزر اليونانية، وهو ما ترفضه مصر".

وما يزيد من أهمية مصر هو أن إحدى أكبر مشاكل أوروبا حالياً تتمثل في موجات الهجرة القادمة من ليبيا. وهنا يمكن للنفوذ المصري في ليبيا أن يساهم في الكثير، إذا تحقق تدخل أكبر من الاتحاد الأوروبي، وفقا لمحمد الكاشف: "فهناك لا توجد دولة ليبية أو بالأحرى توجد دولتان متصارعتان". ويضيف الكاشف: "أعتقد في رأيي أن مصر قد توافق على أن يكون للبحرية المصرية تواجد في المياه الدولية، بدلاً من أن تقيم معسكرات على أراضيها وقد يكون هذا نتاج المشاورات الجارية حالياً".

وربما ترغب مصر في مشاركة أوروبية أكبر لضبط الأوضاع في ليبيا، خاصة وأن الحدود الغربية المصرية مصدر للكثير من المشاكل الأمنية.

فكرة وجود معسكرات أماكن لاستقبال اللاجئين على أراضي مصر، "أمر لا يمكن لمصر أن تقبل به أبدا"، وفقا لمحمود إبراهيم، رئيس مركز الاتحادية للدراسات السياسية، مشيراً إلى أن مصر "لا يمكن أن تتحمل تكلفة ذلك لا سياسياً ولا اقتصادياً ولا اجتماعياً".

ع.ع.ح