1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العراقيات: أنوثة من دمع وشموع

٨ يوليو ٢٠١١

الأنوثة في مجتمع العراق الذي صار محافظا تفتقر إلى تعريف، فهي أحيانا الرقة، وفي وصف آخر هي قواعد للسلوك تضع حدودا للمرأة، وفي موقع آخر تكون الأنوثة بذلا وعطاء دون مقابل. وسط كل هذا تخاف المرأة أن تكشف عن أنوثتها.

https://p.dw.com/p/11rOZ
صورة من: DW

عند الحديث عن المرأة يجب أن لا ننسى أنها في الغالب الأم، وهي التي تصنع هذا المجتمع، وهي مصنع الحياة، والأهم أنها الأنثى.

ربما يعترض البعض على تسمية المرأة بالأنثى لأن في هذا إلغاء لصفتها الإنسانية، لكن الإنسانة الأنثى هي المرأة. والأنثى ككيان صارت مهددة في خصوصيتها، لذا فإن السؤال الملح هو: أين تقف الأنثى في مجتمع عراق اليوم؟

هذا المجتمع خلقت فيه سنوات الحكم الشمولي الدموي وإيديولوجيا الحزب الواحد فراغا سياسيا ملأته إيديولوجيا أحزاب الإسلام السياسي، التي تضع المرأة في مرتبة أدنى بكثير من مرتبة الجنس الآخر، وبالتالي تطفو تساؤلات حول تعامل المجتمع مع مفهوم الأنثى، وتحديد وظيفتها باعتبارها أداة لإمتاع الرجل وخدمته، أو صانعة أطفال له حصرا- حيث يعرّفها البعض بأنها مجرد إناء، وهي تحتاج دائما إلى دليل يثبت أنها الجنس الآخر الذي يشاطرنا الحياة، والخوف يدفعها غالبا إلى رفض وصفها كأنثى - وهذا شائع في أوروبا، و المجتمع مقابل كل هذا يرفض أن يعترف بوجود الأنثى خارج خيمة الرجل.

نساء يروين قصة الأنثى

Frau in Irak.
الأنوثة خجل أم إقصاءصورة من: DW

الكاتبة والإعلامية اعتقال الطائي عرّفت الأنثى باعتبارها مزيجا من الرقة والحياء والجمال معتبرة الأنوثة قبل كل شيء سلوكا، مشيرة إلى "أن مناقشة الأنثى على الهاتف موضوع صعب لأنه يحتاج أن تنظر المحاورة في عين محدثها الرجل أثناء الحديث وهذا ما لا يتحقق في حوارنا الإذاعي عبر الهاتف" .

الإعلامية العراقية المعروفة اعتقال الطائي اعتبرت أن السلوك هو الذي يحدد الأنثى، وفي العالم العربي هناك نموذج أشاعته أجهزة الإعلام يتحدد بمقاسات الصدر والخصر مثلا يتم قياس مستوى الأنوثة بموجبه.

وشاعت خلال القرن العشرين مسابقات ملكات الجمال، حيث تتهادى الفتيات بملابس السباحة التي تكشف أكثر مما تخفي أمام أعين الحكام والجمهور لتحرز إحدى المتسابقات لقب ملكة جمال العالم- سيدة الحسان، وقد يعتبر البعض النماذج المستعرضة في هذه المسابقة رموزا للأنوثة تسعى أغلب نساء العالم للاقتداء بها.

اعتقال الطائي اعترضت على هذا الاستنتاج مشيرة إلى أن مسابقات الجمال الراهنة تجري اختبارات للذكاء والقدرة على الحوار ومستوى الثقافة للمشاركات، نتائج هذا الاختبار تضاف إلى نتائج مقاسات الجمال الأخرى لتحديد الفائزة.

من ناحية أخرى رأت اعتقال أن الشائع في مقاييس الجنس هو أن الرجل يكون قوي المظهر ويوصف بالفحولة في هذا الاتجاه، لكني- والكلام للطائي- "طالما بحثت طيلة حياتي عن رجل يكون داخله قويا وليس مهما كيف يبدو مظهره"

والأنوثة والفحولة تخلق مع الإنسان بالولادة، والأنثى إذا وصفت بالقوة فهي إنما تدافع عن نفسها بالتظاهر بالقوة ولبس لبوسها.

Itigal Al-Taie, eine irakische Medienexpertin aus Budapest, Ungarn
الكاتبة والإعلامية اعتقال الطائيصورة من: Itigal Al-Taie

"الزنبق يستبدل جلده"

الشاعرة ريم قيس كبة شاركت في الحوار مشيرة إلى أن "العراق تعرض على مدى عقود إلى كوارث كبرى مسّت نسيجه الاجتماعي، وفي زمن الكوارث يقع الضرر الأكبر على الحلقات الأضعف في المجتمع، والمرأة هي غالبا الحلقة الأضعف في العراق لذا فإنه منذ عشرات السنين تظلم المرأة " ولكن الشاعرة عادت لتستدرك بالقول "إن المرأة العراقية وبسبب إدمانها الكوارث والهزات تحولت بمرور الزمن إلى الحلقة الأقوى إن صح التعبير".

ريم قيس كبة لم تخف أنها شخصيا قد تحدثت عن هموم الأنثى في أزمنة كانت أجواء الحروب فيها هي السائدة مقتطعة من قصيدة لها القول:

"الزنبق يستبدل اللون الأبيض بالكاكي

إذ تنشب عاصفة الصحراء،

ويمر حصار،

الزنبق يستبدل جلدته

ويصبح صبّار".

Irak Schriftsellerin Reem Kubba
الشاعرة ريم قيس كبةصورة من: DW

فالأنثى عند ريم لا تغيّب مطلقا لأنها الجزء الأكثر فاعلية في المجتمع، وإذا كانت المرأة تخجل من كونها أنثى فعلى المراقب أن لا ينسى أن الكوارث التي مر ويمر بها العراق لابد أن تخلف عقدا وندوبا عند النساء والرجال على حد سواء. و المجتمع العراقي منذ تسعينات القرن الماضي شهد انقلابات كبرى غيّرت كل تكوينه وشكله، وهذا بالتأكيد ألقى بظلاله الداكنة على المرأة، ولكن هذا كله لا يلغي الإحساس بالذكورة والأنوثة ولا العلاقة المتبادلة بينهما".

المستمعة د. ملاك شاركت في الحوار من بغداد عبر الهاتف وأعلنت أنها تفتخر بكونها أنثى وتفتخر بجسدها وتفتخر بروحها كأنثى، لكن ثقافة بعض الرجال تصور المرأة على أنها كائن ضعيف يحتاج إلى حماية وقيادة وتوجيه، وحقيقة الأمر أن كل امرأة على وجه الأرض تملك أنوثة، وهذه الأنوثة هي التي تظهر فحولة الرجل، فوجود الأنثى يعني وجود الذكر والعكس صحيح، وبالتالي فإن وجود الجنسين متلازم ومرتبط بطرفي المعادلة.

ملهم الملائكة

مراجعة: عارف جابو