النسيج الاجتماعي في العراق

المجتمع العراقي يعيش في أزمة، وقد تكون هذه الأزمة هي السبب الحقيقي للازمة السياسية. المجتمع العراقي أصبح غير منسجم مع بعضه وغير متماسك. تعود أسباب هذا إلى تاريخ العراق الحديث وما رافقه من أحداث مأساوية دموية أدت الى ابتعاد العراقيين عن بعضهم كمكونات. ساهم في ذلك أيضا والى حد بعيد حكومات سيئة عمقت الخلاف بين الناس لتحقيق منافعها وأهدافها. ومن أسباب انهيار النسيج الاجتماعي في العراق علاوة على ذلك السجون، وتاريخ السجون في البلد تاريخ حزين، فهذه المؤسسات التي أعدت في الأصل لإصلاح المخالفين أصبحت اليوم مدارس تخرج مجرمين محترفين خطرين لا يمكن أن ينسجموا مع المجتمع ولا يمكن أن يصبحوا أفرادا نافعين فيه، وهذا هو عمق الانهيار الاجتماعي.النسيج الاجتماعي في العراق في خطر!

الكاتبة والخبيرة في شؤون التربية مها الخطيب التي شاركت في الحوار من بابل ذهبت الى أن غياب العدالة القانونية واحد من أسباب خراب الوضع في السجون حيث يقبع عدد كبير من المتهمين في السجون دون أن يبت في قضاياهم أحيانا لسنة كاملة، وهذا يعني ان بعضا من السجناء قد يكونوا ابرياء وسجنوا بغير وجه حق، وعند إطلاق سراحهم ستدفع روح الانتقام هؤلاء إلى الإجرام وخاصة من المخبر السري الذي وشى بهم. الموضوع الآخر المهم أن السجون اليوم غير مؤهلة لاستقبال السجناء وسعتها غير كافية، ومثال ذلك أن سجن الحلة المركزية يتسع إلى 750 سجين، في حين انه يضم الآن 1200 وهم يعيشون في ظروف سيئة جدا بسبب قلة المياه الصالحة للشرب في السجن.

( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: مها الخطيب: النسيج الاجتماعي في العراق يمر بمرحلة خطرة لعدة أسباب)

د. حميد الهاشمي الباحث في المركز الوطني البريطاني للبحوث الاجتماعية بلندن، و أستاذ علم الاجتماع بالجامعة العالمية بلندن ذهب إلى أن الحراك الذي يشهده المجتمع العراقي هو حراك طبيعي قد يعيشه أي مجتمع ، إلا أن الخطر الأكبر هو تقديم الهوية الفرعية على حساب الهوية الوطنية ، أما الحديث عن التفكك الأسري وارتفاع نسبة الجريمة فهذا موجود في كل مجتمع.

( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: د. حميد الهاشمي: الهزة التي أصابت العراق في عام 2003 أحدثت اهتزازا في القيم)

د. أخيم روده الباحث في معهد أفريقيا وآسيا في هامبورغ ، قسم تأريخ الشرق الأوسط شارك في الحوار من مدينة هامبورغ موضحا انه قد ألف كتابا عن علاقة الدولة بالمجتمع في عهد صدام حسين. ثم بين روده أن الدولة العراقية الحديثة قد أقامها البريطانيون ، وحين وصل صدام إلى السلطة فقد تبنى مفهوم الدولة وروج لمفهوم الدولة القومية، ما اضعف دور المجموعات العرقية والدينية الأخرى التي تكون المجتمع، كما أن مركزية الدولة وضعف الثقافة الديمقراطية ، ودور الأحزاب المعارضة قد وسعت الثغرات في المجتمع العراقي.

( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: د. أخيم روده : الدولة وغياب الديمقراطية أضعفت النسيج الاجتماعي)

ثم بين د. حميد الهاشمي ان الحروب التي عاشها العراق ، الداخلية منها والخارجية قد ساهمت الى حد بعيد في إضعاف النسيج الاجتماعي ، كما أن العسكرة التي سادت منذ عهد صدام حسين واستمرت اليوم بشكل ميلشيات ومسلحين،و البطالة التي تجبر العراقيين على الانخراط في سلك الجيش والشرطة، كل تلك العوامل فرضت على المجتمع نوعا من الحياة يجبر الرجال على الابتعاد عن منازلهم لفترات طويلة ، وبالتالي يضعف او يغيب دور الأب في العملية التربوية وهذا يضعف بدوره النسيج الاجتماعي في البلد.

وأوضحت مها الخطيب ان انتشار الأمية وغياب النساء عن ميادين العمل والدراسة يسهم بلا شك في إضعاف النسيج الاجتماعي ويهدد المجتمع بالتفكك.

وتحدث د. روده عن الحروب التي عاشتها ألمانيا في القرنيين التاسع عشر والعشرين، مشيرا إلى ان حروب الإمارات الألمانية قبل النصف الأول من القرن التاسع عشر كانت حروبا بين الحكام ولم تضعف النسيج الاجتماعي، إما الحربان العالميتان في النصف الأول من القرن العشرين فقد أصابتا النسيج الاجتماعي الألماني في صميمه.

وشاركنا المستعمون في الحوار من خلل الإجابة عن سؤالنا:

هل تعتقد أن المجتمع العراقي غير منسجم ويعاني من الانقسام؟

فتباينت الإجابات، إلا أن اغلبها ذهب إلى أن النسيج الاجتماعي في خطر.

( للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: المستمع د عباس من بغداد)

الكاتب : ملهم الملائكة Mulham Almalaika .