1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

النظام الرئاسي المرتقب في تركيا ـ تصويت على الهوية الثقافية

١٢ أبريل ٢٠١٧

من خلال النظام الرئاسي المنشود لا يود أردوغان تغيير النظام السياسي في تركيا فقط، بل أيضا إحياء التقاليد الإسلامية بشكل يظهر فيه كلاعب معاكس لمصطفى أتاتورك، مؤسس الجمهورية التركية.

https://p.dw.com/p/2b6zd
Türkei Istanbul  Refenrendum Werbebanner Erdogan
صورة من: picture-alliance/dpa/E. Gurel

عمل مصطفى كمال أتاتورك بقوة على إزاحة الخلفية الإسلامية عن الحياة العامة بالبلاد. وبالنسبة إليه ليس هناك من دين سوى العلمانية التي تشكل مبدأ الجمهورية. وأبدت شرائح واسعة في المجتمع التركي تحفظها تجاه تلك الإصلاحات. لكن النخبة المتعلمة في المدن وافقت على تلك الإصلاحات، في حين رفضتها غالبية السكان المحافظة. لم يعد أداء القسم أمام المحاكم يتم باسم الله، بل باسم "الشرف" بحيث إن نظام العدالة التركي فقد في غضون سنوات قليلة جميع معالمه الدينية، لتصبح العلمانية عام 1937 المبدأ الرئيسي للجمهورية. وتوالت الإصلاحات مثل إدراج التقويم الميلادي واستبدال الطربوش بالقبعة الأوروبية، كما تم اعتماد الأحرف اللاتينية عوض العربية وتقرر اعتماد يوم الأحد كيوم عطلة أسبوعي عوض يوم الجمعة، إضافة إلى إدراج حق مشاركة المرأة في الانتخابات عام 1934.

مصطفى كمال الملقب ب "أتاتورك" دخل سجل تاريخ الجمهورية التركية كإصلاحي والممثل الأهم لمسار الإصلاحات حتى يومنا هذا. لكن المؤرخ التركي سوكرو هانيوغلو يعتبر في كتاباته أن كمال وأعوانه أخطأوا في تقييم واقع المجتمع التركي. "القادة في الجمهورية الفتية قللوا من شأن قوة المقاومة داخل النسيج الاجتماعي المسلم. وكانوا، على غرار العديد من المثقفين الأوروبيين في نهاية القرن الـ 19 وبداية القرن الـ 20 مقتنعين بأن الدين سيعود كذكرى مبهمة من الماضي البعيد".

اللاعب المضاد

وإذا كان الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان يحاول فرض نظام رئاسي جديد، فإنه يفعل ذلك بالنظر إلى مصطفى كمال، كما يفترض خبير الجغرافيا تشانير أفير من مركز إيسن للدراسات التركية وبحوث الاندماج، حيث إن أردوغان يريد دخول التاريخ كأهم رجل دولة بعد أتاتورك. كما إن هناك قوة أخرى وراء ذلك وهي رغبته في الحصول على السلطة الكاملة.

Caner Aver
تشانير أفير من مركز إيسن للدراسات التركية وبحوث الاندماجصورة من: Zentrum für Türkeistudien und Integrationsforschung

ومن أجل ذلك فهو في حاجة إلى تعديل الدستور بغية تأمين النظام الرئاسي اعتمادا على الدستور. ويتوافق ذلك مع الاحتفال المرتقب بالذكرى المأوية لقيام الجمهورية التركية عام 2023. "ومن خلالها يريد أردوغان الظهور كأقوى رجل يقود تركيا من الأزمة الحالية في الداخل ومن النزاعات مع البلدان المجاورة باتجاه المستقبل".

وللحصول على دعم كاف للنظام الرئاسي المنشود يراهن أردوغان على تأييد غالبية الشعب التي ظلت رافضة لإصلاحات مصطفى كمال طوال مائة عام . ومن أجل ذلك فهو يمارس أيضا سياسة قوية تتسم بالرموز، حيث إنه شجع بناء مسجد كبير على هضبة تعلو البوسفور، ورفع مستوى الضرائب المفروضة على المشروبات الكحولية ومنع بيعها على مقربة من المساجد. كما فرض في الوقت نفسه تمكين النساء المحجبات من العمل مجددا في المؤسسات الحكومية، مثلا داخل الجامعات والمحاكم والبرلمان.

التصويت على الهوية الثقافية

من الناحية الإيديولوجية يمكن القول بأن أردوغان ينحدر من المحيط القومي الديني المحافظ. ويؤكد الخبير تشانير أفير أنه "من غير المرجح أن تتحول البلاد فعلا إلى جمهورية إسلامية، لكن نبرة ما هو قومي وإسلامي محافظ ستتجلى بقوة في البناء وربما أيضا في التشريعات وفي الحياة العامة ونظام التعليم والحياة الأكاديمية، مقارنة مع الوضع الحالي".

أردوغان يتطلع إلى إعادة تنظيم تركيا سياسيا، وهو يعمل على ترسيخ هذا الشرخ بوسائل ثقافية يحدده بنفسه ليبدو من خلاله كقوة إيديولوجية معاكسة للإصلاحي مصطفى كمال. وبالنظر العامة إلى أن تركيا تعتبر ثقافيا كيانا حديثا، كما يرى بعض المؤرخين، فإن أردوغان يسعى الآن إلى استغلال القوى المحافظة التي ظلت منتعشة في البلاد بهدف تحقيق التوجه المنشود . ولذلك فإن التصويت على النظام الرئاسي هو بالتالي تصويت على الهوية الثقافية للبلاد.

كرستين كنيب/ م.أ.م

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد