1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد كل محاولات الإنقاذ ـ هل تعود اليونان إلى الدراخما؟

١٤ يناير ٢٠١٢

يكاد الخبراء أن يجزموا بعدم قدرة اليونان على مواجهة أزمة الديون التي تعصف بالبلاد، وسط تحذيرات أوروبية من أن تجرّ أثينا بقية العواصم الأوروبية إلى الهاوية. فهل من الأفضل أن تهجر اليونان منطقة اليورو وتعود لعملة الدراخما؟

https://p.dw.com/p/13jl9
إعادة استخدام الدراخما اليونانية سيكون لها تبعات إيجابية وسلبية على الاقتصاد اليونانيصورة من: dapd

لا يبدو الوضع في اليونان مطمئناً، فالحكومة الجديدة – رغم تمسكها بخطة التقشف الاقتصادي – لم تظهر بعد أنها قادرة على مواجهة جبل الديون الذي يثقل كاهل البلاد، ويهدد دول منطقة العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) في نفس الوقت. وفي ذات الوقت تتنامى الدعوات بإخراج اليونان من منطقة اليورو، وعودتها إلى الدراخما، عملتها المحلية السابقة، بهدف الحدّ من خسائر المنطقة. آخر التحذيرات من مزيد من انعكاسات هذا الوضع المتدهور على منطقة وجهتها وكالات التصنيف الائتماني، بعدما خفضت وكالة "ستاندارد آند بورز" الجمعة (13 يناير/كانون الثاني 2012) التصنيف الائتماني لثماني دول، من بينها فرنسا والنمسا. لكنها أبقت على التصنيف الائتماني الممتاز لألمانيا، مع إسداء "نصيحة" لها بالمساهمة بشكل أكبر في صندوق الإنقاذ المالي الأوروبي.

وفي خضم هذه التطورات يبقى وضع اليونان الاقتصادي صعباً، رغم المليارات التي ضختها الدول الأوروبية في اقتصاد هذا البلد، فهل باتت اليونان على حافة الإفلاس؟ هذا السؤال وغيره ناقشه برنامج "كوادريغا"، الذي تبثه قناة "دويتشه فيله عربية"، بالإضافة إلى مستخدمي صفحة دويتشه فيله على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".

Flash-Galerie Griechenland Parlament
الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد تزيد من شدة الأزمة الاقتصاديةصورة من: dapd

الطبقة السياسية ملامة

وفي هذا السياق يقول الصحفي وخبير شؤون الاتحاد الأوروبي علي أوحيدة إن اليونان تقف حالياً على مفترق طرق صعب، لاسيما في ظل المليارات من المساعدات التي قدمت لها من قبل الاتحاد الأوروبي على مدى العامين الماضيين. ويضيف أوحيدة أن نتيجة المفاوضات الجارية حالياً، والتي ستكتمل في نهاية الشهر الجاري، ستحدد مستقبل البلاد.

ويلقي خبير الشؤون الأوروبية باللائمة في هذه الأزمة على الطبقة السياسية في اليونان، معتبراً أن "الأزمة السياسية التي مرت بها البلاد في أكتوبر الماضي قلبت كل المعادلات، بعد أن كانت هناك خطة متكاملة لإدارة ديون البلاد. والآن يتم تأجيل الانتخابات التي كان من المزمع عقدها في فبراير إلى أبريل". ويشير علي أوحيدة أن خطة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بإشراك القطاع الخاص في عملية إنعاش الاقتصاد لم يتم الالتزام بها، وهذا سبب الأزمة الحالية في اليونان.

من جانبها ترى الخبيرة الاقتصادية سلام سعيد أن احتمال خروج اليونان من منطقة اليورو وارد، لاسيما وأن أثينا "لم تصرف المساعدات التي حصلت عليها من الاتحاد الأوروبي في الأوجه التي خصصت لها. عودة دولة مدينة مثل اليونان إلى عملتها القديمة قد يعيد لها التوازن المالي الذي ساد عندما كانت تتعامل بهذه العملة، إذ يمكنها تخفيض قيمة هذه العملة من أجل تحسين ميزانها التجاري، مثلاً".

أما مدير معهد الاقتصاد واللغات في هامبورغ، الدكتور فتحي فرانس ماتيس، فيعتقد بوجوب تشكيل لجنة أوروبية لمراقبة الأوضاع بشكل عام في اليونان، "وليس فقط الوضع الاقتصادي، بل الأوضاع الإدارية وغيرها من التي تساهم في تضخيم الأزمة الحالية"، في تلميح إلى الفساد المستشري في أجهزة الدولة اليونانية وانعدام الشفافية هناك.

التنمية إلى جانب التقشف

ويرى علي أوحيدة أن المساعدات الأوروبية المالية، برغم كونها تحت رقابة مباشرة من ما يسمى بوفد الترويكا الأوروبي، يجب أن ترتبط ببرامج اقتصادية، مثل برامج للتنمية أو للقضاء على البطالة، أو لتشجيع الاستثمار. ويشير إلى أن الوضع في اليونان "نموذج مصغر لما تشهده منطقة اليورو من مطالبة بإجراءات تقشفية صارمة، وفي نفس الوقت افتقار الهيئات الأوروبية السياسية والاقتصادية إلى برامج لتحفيز النمو وتشجيع الاستثمارات".

كل الحلول المطروحة حالياً لإنقاذ اليونان تركز على الجانب الاقتصادي من الأزمة، دون الأخذ بعين الاعتبار الجوانب الاجتماعية لها، كما تقول الخبيرة سلام سعيد، محذرة من أن مخاطبة الجانب الاقتصادي وحده "سيفضي بنهاية الأمر إلى أزمة سياسية في البلاد وحالة من عدم الاستقرار تدخل اليونان في حلقة مفرغة، فانعدام الاستقرار سيخيف الاستثمارات الأجنبية، مما سينعكس بدوره على قدرة البلاد على سداد ديونها".

لكن خبير الشؤون الأوروبية أوحيدة يؤكد على ضرورة عدم الخلط بين "خطط إنعاش الاقتصاد وخطط إدارة ديون اليونان، فإنعاش الاقتصاد هو أحد واجبات الدولة، وما يقوم به الأوروبيون هو محاولات لإدارة ديون البلاد".

هذا وتتعرض المستشارة الألمانية – على خلفية الأزمة اليونانية – لضغوط كبيرة من أجل إنهاء الفوارق الاقتصادية بين دول شمال أوروبا وجنوبها. وفي هذا المجال يتساءل علي أوحيدة حول مدى استعداد ميركل لاستخدام "الأدوات المناسبة للتعامل مع هذا الموقف، مثل إصدار سندات أوروبية، وتوحيد سوق العمل، أو فتح المجال لاستثمارات كبيرة".

Griechenland Finanzkrise Schlange von Arbeitslosen in Athen
تتجه المطالب إلى ربط المساعدات المالية لليونان ببرامج تحد من البطالة وتحفز الاقتصادصورة من: dapd

عودة إلى الدراخما؟

وأثار موضوع عودة اليونان إلى الدراخما نقاشاً بين مستخدمي دويتشه فيله على الفيسبوك، إذ يعتبر المستخدم Mina MCtonty أن "المشكلة ليست في العملة، لكنها في إجمالي الناتج المحلى وحجم الإنفاق. الميزانية الحكومية اليونانية تتعدى حجم الناتج المحلي، ولا حل إلا بترشيد الإنفاق ليتناسب مع حجم الاقتصاد ... المطلوب ميزانية يونانية لعام 2012 تمثل الحجم الحقيقي للاقتصاد اليوناني، مع مراعاة تسديد فوائد الديون على الأقل لتعيد ثقة المستثمرين باقتصادها".

أما المستخدم Fortschrittlich Marokko فينظر إلى الأزمة من منظور هيكلي، معتبراً أنها "ليست أزمة اليونان كدولة بقدر ما أرى أنها أزمة حلقة ضعيفة داخل النظام الرأسمالي بشكل عام. وبالتالي فتداعيات هذه الأزمة تهدد النظام الاقتصادي بشكل قد تكون اليونان بداية". أماAmr Samir White Knights فيطالب بأن تبقى اليونان في منطقة اليورو، وأن يتم "تطوير الأداء الاقتصادي أكثر، وعمل مشروعات تنموية. ولابد من مساعدات من الاتحاد الأوروبي".

ورغم أن عودة اليونان لاستخدام عملتها القديمة قد يعود عليها بعدة منافع، مثل ارتفاع قدرة منتجاتها التنافسية في الأسواق الدولية، في ظل القيمة المنخفضة لعملتها، إضافة إلى انتعاش السياحة في البلاد بفعل تدني الأسعار، ما يعني خلف فرص عمل جديدة، إلا أن هذا الطريق سيؤدي إلى انهيار شبه تام للنظام المصرفي اليوناني، الأمر الذي يتطلب إعادة هيكلته بدعم أوروبي، وانخفاض مستوى المعيشة وارتفاع أسعار الواردات، مثل الوقود.

لكن أهم ما يخشى حدوثه بفعل خروج اليونان من منطقة اليورو سيكون أن يتكرر هذا السيناريو في دول مدينة أخرى، مثل إيطاليا وأسبانيا والبرتغال، مما سيعني تفكك منطقة اليورو، بما يحمل ذلك من تأثيرات على منطقة اليورو عموما. ويبقى السؤال هو سيكون لهذا التفكك تأثير سلبي أم إيجابي؟

ياسر أبو معيلق

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد