1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بلاد زرق ورق

كفاح محمود كريم٢٢ مايو ٢٠١٤

يرى كفاح محمود كريم أن وراء ظاهرة الفساد والإفساد عوامل كثيرة قد يكون أهمها هو الخلل في توازن معادلة الإنسان المناسب في المكان المناسب، ما جعل اغلب بلدان الشرق الأوسط تستحق بجدارة تسمية بلدان زرق ورق.

https://p.dw.com/p/1C4NG
Musik DJ Discjockey Frau
صورة من: Fotolia/dan talson

الزرق ورق كما تسميها الدارجة العراقية ، عبارة تصف مظاهر مزركشة وبواطن نتنة تختفي وراء عناوينها أكثر السلوكيات انحرافا وتخلفا، فما أجمل البرلمان والرئاسة والقضاء في ظواهرهم المزركشة، وما أقبح ما نتج عنهم طيلة سنين مضنية وحادة في القتل والتخريب واللصوصية والهدر في المال العام والثروات الطبيعية والطاقة؟

ولعل الكثير منا شهد ويشهد الآن وخاصة منذ انهيار هيكل البعث المتهرئ في العراق، ومَن ماثله من أنظمة القائد الضرورة والزعيم الأوحد من تونس ومصر وليبيا واليمن ولاحقا سوريا وغيرها، ونهوض مؤسسات يفترض أن تكون أفضل من سابقاتها الكارتونية أيام أنظمة الزعماء المحنطين وأحزابهم المتكلسة، حيث انتخبت جموع الجياع أكلا ووعيا وعقلا وممارسة وسلوكا أناسا يمثلونها، لتأسيس دولة رجل الشارع والعموم من الأهالي، ولأنه كما تقول الدارجة العراقية في أجمل توصيفاتها " عاب شيء لا يشبه أهله؟ " فقد اندست تلك الكائنات التي تشبه أهلها عبر صناديق العشائر والشيوخ والفتاوى إلى قبة الامتيازات والسحت الحرام!؟

وبين ليلة وضحاها أتقن أنصاف المتعلمين وأرباع المثقفين رياضة القفز واللعب على الحبال لممارسة بقالة السياسة والإعلام، ليتحولوا بقدرة قادر في الربيع المزركش إلى علماء ومفكرين في بلدان ما تزال تئن من جروح الدكتاتورية وثقافة القطيع وفهلوة الراقصين في كل المواسم والحفلات، فحينما يصبح نادل أو عريف في الشرطة، فريق أول في الجيش خلال أشهر، أو رئيسَ تحرير جريدة يومية أو مديرا عاما لفضائية، ماذا تتوقع أن تكون عليه الأمور سياسيا وإعلاميا وأخلاقيا، حيث شهدنا أنماطا من هؤلاء ظهروا بوضوح المعالم وسفاهة الادعاء في فضاءات السياسة والإعلام، تدعمهم ماكينة الفساد السياسي ومؤسساته الحزبية أو الاجتماعية عبر منظومة العشائر والقرى وما يلحقهم من سلوكيات وممارسات، فأصبح لدينا وبأسماء جميلة للغاية مؤسسات البرلمان والرئاسة المنتخبة عبر ذات المعايير التي استحوذت بواسطتها كل الأنظمة الشمولية من ناحية المبدأ واختلاف الأساليب والآليات!؟

وليس عجيبا في بلدان الزرق ورق كما هو واضح في ظاهرها المزركش وباطنها المتعفن بالفساد والتسلط وكما ذكرنا قبل اسطر، أن ترى نائب ضابط في الجيش أو عريف في الشرطة قد أصبح بجرة قلم حنون فريقا أولا في جيش صدام حسين، وبعد 2003 يتحول شبيهه إلى صحفي أو رئيس تحرير جريدة أو مدير عام فضائية وهو لا يعرف ألف باء أخلاقيات تلك المهن، وخذ عندك من مشاهداتك عزيزي القارئ في قريتك أو بلدتك أو مدينتك خلال العقد المنصرم من نماذج مخجلة أضاعت علينا فرصا تاريخية وذهبية للنهوض بالبلاد وتطويرها، حيث تكلست عناقيد هذه المجاميع الطفيلية من عصارة الماضي المخجل للبلاد، في كل مفاصل الدولة إلى الدرجة التي جعلت الشعب الذي أبكته الأنظمة السابقة يبكي عليها اليوم ويحن إلى أيامها!؟