1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تاريخ الهولوكوست يخفي جوانب غامضة رغم سنوات من الجهد العلمي

أجرى الحوار: بيرجيت جوتز/ ح.ز٢٧ يناير ٢٠١٣

في الحوار التالي مع DW توضح يوليانه فيتزل الباحثة في شؤون العداء للسامية أسباب عدم الكشف عن كل أوجه المحرقة اليهودية رغم سنوات من البحث العلمي، كما تصف الأشكال الجديدة التي يتخذها اليوم العداء للسامية.

https://p.dw.com/p/17R7b
صورة من: picture-alliance/dpa

في السابع والعشرين من يناير/ كانون الثاني من كل عام يحيي العالم ذكرى المحرقة اليهودية (الهولوكوست)، وهو تاريخ يصادف يوم تحرير أكبر معسكر للاعتقال النازي في آوشفيتز من قبل القوات الروسية عام 1945. ومنذ 1996 جعل الألمان بدورهم من هذا اليوم مناسبة لإحياء ذكرى ملايين ضحايا الإبادة الجماعية خلال الحقبة النازية. واتخذ هذا اليوم دلالة عالمية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2005 حينما تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً جعل من السابع والعشرين من يناير/ كانون الثاني، مناسبة يحيي فيها العالم ذكرى الهولوكست.

وتهتم يوليانه فيتزل منذ سنوات عديدة بدراسة الظواهر المختلفة للعداء للسامية ولليمين المتطرف سواء في ألمانيا أو في الخارج. وإلى جانب عملها في مركز أبحاث معاداة السامية بجامعة برلين، فهي تنسق أيضاً عمل فريق الخبراء المستقلين، الذي يرفع بانتظام تقارير للبرلمان الألماني "البوندستاغ" حول معاداة السامية في ألمانيا. في الحوار التالي توضح الباحثة الألمانية يوليانه فيتزل بعض جوانب دراساتها في هذا المجال.

DW: أصبحت أهوال وفظائع النظام النازي جزء من التاريخ منذ 68 عاماً. ألم يتم البحث بعد بشكل كافي في هذا الموضوع؟ ألا نعرف كل الأشياء تقريباً عن الهولوكست؟

يوليانه فيتزل: بطبيعة الحال، نحن لا نعرف كل شيء عن الهولوكست. فهناك قضايا عديدة بهذا الصدد حظيت إما باهتمام ضعيف أو أنها لم تصبح بعد موضوعاً للبحث. ويعود السبب في ذلك، جزئياً، إلى كون ملفات الأرشيف لم تفتح حتى الآن. وكمثال على ذلك، أصبح آوشفيتس رمزاً، بشكل جعل الأكثرية تعتقد أن غالبية اليهود قضوا حتفهم في معسكرات الإبادة. والحق أن الأمر ليس كذلك، فهناك مليونان من اليهود تمت إبادتهم في عمليات إطلاق نار جماعي في مناطق الاتحاد السوفيتي سابقاً (بعد غزو الجيش النازي للاتحاد السوفيتي في يونيو/ حزيران 1941). وحدث ذلك قبل انطلاق معسكرات الإبادة. ونحن لا نعرف حتى الأماكن التي وقعت فيها تلك الجرائم. وهناك اليوم منظمات بدأت بالحفريات. هذه مثلاً من علامات الاستفهام العالقة في تاريخ الهولوكست.

Bericht Antisemitismus in Deutschland
فريق الخبراء المستقلين حول قضايا معاداة السامية في ألمانيا أثناء تقديمه لتقرير عام 2012صورة من: picture-alliance/dpa

أسئلة جديدة

لكن هذه الأسئلة مختلفة عن تلك التي كانت مطروحة في الماضي، أليس كذلك؟

كانت أبحاث السنوات الماضية تهتم بالسؤال التالي: ما لذي كان يعلمه الناس عن الهولوكست؟ فقد تردد كثيراً أن الناس في ألمانيا لم يكون على علم بما كان يجري، لأن مواقع الأحداث كانت بعيدة جداً. إلا أن الدراسات التي صدرت حديثاً أظهرت شيئاً آخر تماماً، إذ أظهرت عدد الناس الذين كانوا على علم، وإن كانت معرفتهم بالموضوع معرفة تقريبية. كما تبين أنه كان متاحاً لكل من كان يرغب في ذلك، تكوين رؤية أو صورة عن الموضوع.

التغيرات ذات الصلة بالهولوكست لا ترتبط فقط بالأسئلة المطروحة، ولكن أيضاً بمناهج مقاربة الموضوع. كيف يمكن تقريب موضوع المحرقة لجيل الشباب؟

الكثير من الشباب يعتقدون أنهم يعرفون كل شيء عن الهولوكست، لكن معرفتهم تعتمد في الواقع على فيلم أو اثنين. الحقيقة، هي أنهم غير ملمين بالموضوع ولا يتعاملون معه بالعمق الكافي. "تعليم المحرقة" "Holocaust Education" كلمة صارت متداولة على المستوى الدولي، لكن مضمونها تغير كثيراً. في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، كانت "بيداغوجية التأثر" تطغى على تدريس الهولوكست.

وكان الشباب يُحملون عبئاً هم غير قادرين على تحمِله. وهذا ما كان يؤدي إلى ردود فعل معاكسة لدى الكثيرين مفادها: "لا أريد سماع هذا الموضوع مرة أخرى". الأهم اليوم هو الحذر في توجيه أصابع الاتهام الأخلاقية، والاكتفاء بنشر المعرفة التاريخية حول الموضوع. وهي قاعدة لا تزال، ومن أوجه عديدة، مفتقدة إلى اليوم.

من المفيد أيضاً الحديث مع التلاميذ حول أسئلة ذات أهمية من قبيل: ماذا كان معروفاً؟ وماذا كان يمكن معرفته؟ وكيف كانت قوة وفعالية آليات التغيير بعد 1945، ومدى تأثير ذلك على تاريخ ألمانيا. وبمعنى آخر لماذا لا يجوز لنا التوقف عند 1945، وبالتالي أهمية توضيح هذا الموضوع وربطه بالقرارات السياسية اليوم.

Juliane Wetzel Zentrum für Antisemitismusforschung TU Berlin
يوليانة فيتزل من مركز أبحاث معاداة السامية في جامعة برلين، ومنسقة عمل فريق الخبراء، الذي يرفع بانتظام تقارير للبرلمان الألماني حول معاداة السامية في ألمانيا.صورة من: picture-alliance/dpa

تجليات جديدة للعداء للسامية

في آخر تقرير لفريق الخبراء المستقل حول العداء للسامية الذي رفع للبرلمان الألماني "البوندستاغ"، قمتم بجرد للمظاهر المختلفة للعداء للسامية اليوم. ما طبيعة تلك المظاهر؟

تطرقنا (في تقرير 2012) لما يسمى بـ"المظاهر الثانوية لمعاداة السامية"، وهو مصطلح عام يقوم على توصيف لمظاهر مختلفة تنبثق من آليات دفاعية لتعويم الإحساس بالذنب. منها الادعاء بأن اليهود يتحملون جزء من مسؤولية اضطهادهم، أو الادعاء بأن الهولوكست يوظف كأداة للابتزاز المالي. وهذه كلها صيغ تظهر آليات "التستر" النفسي للهولوكست لتفادي مواجهة أحاسيس الذنب والعار. أو مثلاً محاولة التهرب من المسؤولية، حين الادعاء بأن اليهود سيواصلون التأكيد على دور الضحية من أجل تحقيق منافع أو امتيازات. أو القول بأنهم يهيمنون، من خلال التاريخ، على السياسة الأمريكية أو الألمانية. هذه التلميحات والادعاءات لها أوجه متعددة وتطفو على السطح من تارة إلى أخرى.

Symbolbild Antisemitimus Synagoge NEUTRAL
"الغالبية تنتبه للعداء للسامية فقط حينما يتعلق الأمر بالنازية، وتغفل بالتالي أشكاله الحديثة"صورة من: picture-alliance/dpa

ومن المظاهر الحالية للعداء للسامية، تلك التي لها صلة بإسرائيل. ويتجلى ذلك حينما يتم تجاوز حداً فاصلاً بين انتقاد السياسة الإسرائيلية من ناحية، كنهج الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، وهو انتقاد مشروع وليس من باب التابوهات. ومن ناحية أخرى حينما تتم الموازاة بين السياسة الإسرائيلية والهولوكست، وحين يقال إن "الإسرائيليين يُخضعون الفلسطينيين لنفس الاضطهاد الذي كان النازيون يمارسونه في الماضي ضد اليهود". وهنا تحدث عملية عكسية يصبح فيها الضحية جانياً. هاتان الصيغتان من العداء للسامية هي الأكثر انتشاراً في ألمانيا.

المعالجة التاريخية لا تكفي

من وجهة نظرك، على عاتق من تقع اليوم مسؤولية محاربة الأشكال المعاصرة للعداء للسامية، على عاتق السياسيين أم المجتمع المدني أم الأفراد أنفسهم؟

هناك تضافر بين الجوانب السياسية والاجتماعية ودور المؤسسات التربوية. وعلى السياسة أن تلعب دوراً هاماً بهذا الصدد، إذ يتعين عليها التصدي لكل أشكال العداء للسامية. ثم إنها هي التي وضعت لجنة الخبراء لجمع البيانات حول الموضوع. كما يجب وضع هذه القواعد والأسس في قلب السياسة لتعليمية، وليس الاقتصار فقط على المواد التاريخية والسياسية.

كما أن على المعطيات التي نوفرها، في مركز أبحاث معاداة السامية، أن تأخذ بعين الاعتبار هذه المظاهر الجديدة بعين الاعتبار. ويتعين علينا أيضاً تكوين الأساتذة والمعلمين حتى يتمكنوا من نقل معرفتهم للتلاميذ، لأن الغالبية تنتبه للعداء للسامية فقط حينما يتعلق الأمر بالنازية، وتغفل بالتالي أشكاله الحديثة.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد