1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تتار القرم في معادلة الوساطة التركية

زيناده زوكوله/ ش.ع١٣ مارس ٢٠١٤

تتزايد مخاوف التتار من ضم روسيا للقرم بعد أن كانوا تعرضوا تحت الحكم الروسي والسوفييتي للتمييز والتهجير القسري. لذلك يعلق العديد منهم آمالا كبيرة على تركيا التي ما فتأت تعبر عن تضامنها معهم لارتباطها العرقي والديني بهم.

https://p.dw.com/p/1BOcn
صورة من: DW/F. Warwick

مع ازدياد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا على خلفية أزمة القرم، اشتدت مخاوف سكان شبه الجزيرة من التتار والبالغ عددهم نحو 300 ألف شخص من انفصال القرم عن أوكرانيا. والتتار هم أبناء طائفة اعتنقت الدين الإسلامي السني وتبنت اللغة التركية كلغة رسمية خلال ثلاثة قرون من الحكم العثماني في القرم. ويعد التتار من الشعوب التركية ويشكلون نحو 13 بالمائة من إجمالي سكان شبه الجزيرة المتنازع عليها، وفقا لمعطيات وزارة الخارجية التركية. وما من عجب أن تتضامن أنقرة التي تربطها قواسم مشتركة كاللغة والدين والثقافة مع تتار القرم أو "أتراك القرم"، كما يسمون في تركيا، وهو ما يفسر جهودها الحثيثة لإيجاد حل سلمي للأزمة.

Ukraine Krim Sevastopol Krimtataren vor Moschee
تتار القرم يعلقون آمالا كبيرة على "إخوانهم" الأتراك لمساعدتهم...صورة من: AP

وفي هذا الإطار، التقى وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو الأسبوع الماضي بخمسين ممثلا عن جمعية القرم التركية في أنقرة. وخلال اللقاء أكد الأخير أن تركيا ستقف دائما إلى جانب تتار القرم، قائلا: "أينما كانت معاناة إخواننا وأخواتنا، فسنكون الأوائل الذين يقدمون يد المساعدة". وقبل لقاءه هذا، كان وزير الخارجية التركي قد سافر إلى كييف لإجراء محادثات مع الحكومة الأوكرانية الجديدة. وقد أكد على ضرورة حماية الوحدة الترابية لأوكرانيا. لكنه حرص على عدم انتقاد روسيا علنا، داعيا إلى تسوية سلمية للأزمة. بدوره، أجرى رئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلادمير بوتين في إطار جهود أنقرة الدبلوماسية لاحتواء الأزمة. ووفقا لتقارير إعلامية حذر أردوغان من زعزعة استقرار المنطقة، داعيا بوتين إلى العمل على إرساء أسس التعايش السلمي بين الأوكرانيين والتتار والروس.

مخاوف تتار القرم من العيش تحت حكم روسي

لكن ليس فقط الأتراك هم من يرغبون في تحرك حكومتهم لحماية أقلية التتار في القرم، وإنما كييف أيضا، إذ يبدو أن هناك رغبة أوكرانية واضحة في الوساطة التركية. ففي سياق متصل أفادت وكالة الأنباء التركية جيهان أن السفارة الأوكرانية في تركيا حذرت في إحدى الرسائل الإلكترونية الموجهة للسلطات التركية من "الخطر الكبير الذي سيواجه التتار في حال احتلت روسيا القرم".

ومثل هذه التحذيرات تجد آذانا صاغية في تركيا، حيث تركز الصحافة هناك على وضع "أتراك القرم". وفي الوقت ذاته يحاول ممثلون عن تتار القرم المقيمين في تركيا لفت الانتباه إلى مخاوف أبناء وطنهم. وفي سياق متصل يقول هاكان كيريملي، وهو تتاري من القرم وبروفسور في التاريخ لـ DW: "في كل من أنقرة واسطنبول وأنطاكيا خرج الناس للتظاهر في الشوارع. وذلك في مسيرات نظمتها جمعية القرم التركية". ويشير أستاذ التاريخ إلى أن تتار القرم المقيمين في تركيا، والبالغ عددهم نحو خمسة ملايين نسمة، غاضبون من التطور الذي تشهده شبه جزيرة القرم، وهم "يتظاهرون ضد الاجتياح الروسي لوطنهم أوكرانيا ويطالبون بالحفاظ على الوحدة الترابية لها". ويبرر كيريملي رفض ضم القرم لروسيا بالتجربة السيئة التي عاشها التتار خلال الحكم الروسي للمنطقة والذي استمر مائتي عام، موضحا أنهم يخشون أن يعيد التاريخ نفسه.

Ukraine Demonstration auf dem Krim Simpheropol
تتار القرم يأملون في تسوية سلمية للأزمة الروسية الأوكرانية وفي البقاء تحت العلم الأوكراني...صورة من: picture-alliance/dpa

ومنذ عام 1475 وإلى عام 1774 كانت شبه جزيرة القرم خاضعة لحكم الإمبراطورية العثمانية. وعقب الحرب العثمانية الروسية (1770 إلى 1774) حصلت على استقلالها قبل أن تضمها روسيا رسميا إلى أراضيها عام 1783. وفي عام 1944، قام ستالين، وفق المؤرخ كاهرمان ساكول، بسن قانون يصف تتار القرم بخونة الاتحاد السوفييتي، زاعما بأن هناك كتائب تتارية كانت تقاتل إلى جانب النازيين. وبعدها تم طرد كل التتار من منطقة القرم، يقول المؤرخ. فقط بداية من عام 1990، أي بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وحصول أوكرانيا على استقلالها، "بدأ تتار القرم بالعودة إلى وطنهم"، كما يوضح ساكول، مشيرا إلى أن الأوكرانيين رحبوا بعودة التتار إلى القرم بل ودعموهم في ذلك، لأن غالبية سكان القرم أصبحوا من الروس.

علاقات جيدة مع موسكو

وعلى الرغم من أن تركيا ترفض تدخلا روسيا في أوكرانيا، إلا أنها لا تريد في الوقت نفسه تعكير صفو العلاقات مع موسكو. وقد أكد وزير الخارجية التركي أن بلاده لن تسمح بتحول أزمة القرم إلى أزمة تركية روسية، بل إنها مستعدة للمساهمة في تحسين العلاقات بين روسيا وأوكرانيا. وكذلك تتار القرم يريدون تجنب أي أزمة، لأنهم يعرفون بأنهم سيكونون أول ضحايا الجيش الروسي، حسب هالان كيريملي الذي أوضح أن التتار يدركون جيدا مدى حقد وكراهية الجماعات الروسية المسلحة في القرم ضدهم. وبالتالي لا أحد منهم يريد حربا".